لقاء جبريل المشوق بالحبيب صلى الله عليه وسلم (والقراءة المحمدية )
ماذا يقرأ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وما الذي كان مع سيدنا جبريل ليقرأه؟ هل كان معه كتاب أو سطر أو صفحة؟
لا، لم يكن معه شيء، لكن هذا كان إذن ممن يقول للشيء كن فيكون للحبيب المجتبى المصطفى،
بأن يقرأ من علم الله المكنون، ومن غيب الله المضنون، ما كان وما هو كائن وما سيكون،
إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، بتعليم من الواحد القهار عزَّ وجلَّ.
إذاً قراءة الحبيب ليست كقراءة بعضنا، لكن هذه قراءة إلهية في الأسرار الربانية والعلوم الإلهامية والألواح الغيبية، قرأ فيها كل شيء.
وقد عبَّر عن هذه الحقيقة صلوات ربي وسلامه عليه عندما كان قاب قوسين أو أدنى فقال:
(فنزل على لساني قطرة أحلى من العسل، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج، ووضع الجبار يده على ظهري حتى وجدت برد أنامله في صدري، فعلَّمني علم كل شيء، وأعطاني ثلاثة علوم: علم أمرني بتبليغه، وعلم خيَّرني فيه، وعلم أمرني بكتمه).
فأما الذي أمره بتبليغه فعلم الشريعة المطهرة، لأن كل مسلم ومسلمة لابد أن يعلم الحلال والحرام، وما يحبه الله وما لا يرضاه الله، وما به ينال الجنة وما به ينال اللوم والعقاب من الله يوم الدين، فلابد أن يعلم الشريعة لجميع المسلمين.
وأما العلم الذي خيَّره فيه فعلم الحكمة، لأنه خصوصية لمن طهر قلبه، وزكى نفسه، وكان طالباً لرضاء الله، وغير طالب لجنة الله فقط، فطالب الجنة يكفيه علم الشريعة، وطالب الله لابد له من علم الحكمة مع علم الشريعة
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا }(269:البقرة):
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم، لمن خَلَّفَهم وورثَّهم وأمرهم بتبليغ الحكمة:
(لا تمنعوا الحكمة عن أهلها فتظلموهم ولا تؤتوها غير أهلها فتظلموها(1)
وكونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء في موضع الداء)(2)
أما العلم الذي أمره الله بكتمه ولم يكشف منه إلا شذرات وومضات وضحت لنا الطريق إلى يوم الدين، وعلمتنا ما سيدور يوم يجمع الله الأولين والآخرين، فعلم الأقدار، وعلم الغيوب التي اختص بها الله نبيَّه الحبيب المحبوب، وقال له فيها
{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا }(113:النساء):
هذه قراءة رسول الله
(اقرأ) ما هو مكتوب على أبواب، وعلى قصور الجنان،
ولذلك كنا نسمعه يقول:
(وجدت على باب الجنة مكتوباً: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)(3)
ويقول مرة أخرى مما قرأه على أبواب الجنة:
(وجدت على باب الجنة مكتوبا الحسنة بعشر أمثالها والقرض بثماني عشرة حسنة، فقلت يا أخي يا جبريل، لِمَ كانت الصدقة بعشر وكان القرض بثماني عشرة؟ قال: لأن الصدقة قد تقع في يد الفقير وفي يد الغني، ولكن القرض لا يطلبه إلا ذو الحاجة)(4)
ولذا جعل الله أجره مضاعفاً على أجر الصدقة.
يقرأ ما في الجنة، ويقرأ ما في لوائح البوار في أهل النار، ويقرأ ما في النفوس، ويقرأ ما في الصدور، ويقرأ كل ما سيكون إلى يوم البعث والنشور،
فما من شيء حدث لنا أو حدث بيننا أو سيحدث لمن بعدنا إلا وأنبأ عنه، ووضَّحه بأجلى بيان ... تعليماً من حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ لخير نبيٍّ صلى الله عليه وسلم
---
(1)الأمثال لابن سلام وتفسير الطبري لقوله نعالى (قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)، وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم)
(2)الإحياء من كلام عيسى عليه السلام – كتاب العلم – الباب الثالث.
(3)رواه مسلم وأحمد والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(4) ابن ماجة عن أنس رضي الله عنه
---
من كتاب طريق المحبوبين وأذواقهم
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد
ماذا يقرأ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وما الذي كان مع سيدنا جبريل ليقرأه؟ هل كان معه كتاب أو سطر أو صفحة؟
لا، لم يكن معه شيء، لكن هذا كان إذن ممن يقول للشيء كن فيكون للحبيب المجتبى المصطفى،
بأن يقرأ من علم الله المكنون، ومن غيب الله المضنون، ما كان وما هو كائن وما سيكون،
إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، بتعليم من الواحد القهار عزَّ وجلَّ.
إذاً قراءة الحبيب ليست كقراءة بعضنا، لكن هذه قراءة إلهية في الأسرار الربانية والعلوم الإلهامية والألواح الغيبية، قرأ فيها كل شيء.
وقد عبَّر عن هذه الحقيقة صلوات ربي وسلامه عليه عندما كان قاب قوسين أو أدنى فقال:
(فنزل على لساني قطرة أحلى من العسل، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج، ووضع الجبار يده على ظهري حتى وجدت برد أنامله في صدري، فعلَّمني علم كل شيء، وأعطاني ثلاثة علوم: علم أمرني بتبليغه، وعلم خيَّرني فيه، وعلم أمرني بكتمه).
فأما الذي أمره بتبليغه فعلم الشريعة المطهرة، لأن كل مسلم ومسلمة لابد أن يعلم الحلال والحرام، وما يحبه الله وما لا يرضاه الله، وما به ينال الجنة وما به ينال اللوم والعقاب من الله يوم الدين، فلابد أن يعلم الشريعة لجميع المسلمين.
وأما العلم الذي خيَّره فيه فعلم الحكمة، لأنه خصوصية لمن طهر قلبه، وزكى نفسه، وكان طالباً لرضاء الله، وغير طالب لجنة الله فقط، فطالب الجنة يكفيه علم الشريعة، وطالب الله لابد له من علم الحكمة مع علم الشريعة
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا }(269:البقرة):
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم، لمن خَلَّفَهم وورثَّهم وأمرهم بتبليغ الحكمة:
(لا تمنعوا الحكمة عن أهلها فتظلموهم ولا تؤتوها غير أهلها فتظلموها(1)
وكونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء في موضع الداء)(2)
أما العلم الذي أمره الله بكتمه ولم يكشف منه إلا شذرات وومضات وضحت لنا الطريق إلى يوم الدين، وعلمتنا ما سيدور يوم يجمع الله الأولين والآخرين، فعلم الأقدار، وعلم الغيوب التي اختص بها الله نبيَّه الحبيب المحبوب، وقال له فيها
{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا }(113:النساء):
هذه قراءة رسول الله
(اقرأ) ما هو مكتوب على أبواب، وعلى قصور الجنان،
ولذلك كنا نسمعه يقول:
(وجدت على باب الجنة مكتوباً: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)(3)
ويقول مرة أخرى مما قرأه على أبواب الجنة:
(وجدت على باب الجنة مكتوبا الحسنة بعشر أمثالها والقرض بثماني عشرة حسنة، فقلت يا أخي يا جبريل، لِمَ كانت الصدقة بعشر وكان القرض بثماني عشرة؟ قال: لأن الصدقة قد تقع في يد الفقير وفي يد الغني، ولكن القرض لا يطلبه إلا ذو الحاجة)(4)
ولذا جعل الله أجره مضاعفاً على أجر الصدقة.
يقرأ ما في الجنة، ويقرأ ما في لوائح البوار في أهل النار، ويقرأ ما في النفوس، ويقرأ ما في الصدور، ويقرأ كل ما سيكون إلى يوم البعث والنشور،
فما من شيء حدث لنا أو حدث بيننا أو سيحدث لمن بعدنا إلا وأنبأ عنه، ووضَّحه بأجلى بيان ... تعليماً من حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ لخير نبيٍّ صلى الله عليه وسلم
---
(1)الأمثال لابن سلام وتفسير الطبري لقوله نعالى (قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)، وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم)
(2)الإحياء من كلام عيسى عليه السلام – كتاب العلم – الباب الثالث.
(3)رواه مسلم وأحمد والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(4) ابن ماجة عن أنس رضي الله عنه
---
من كتاب طريق المحبوبين وأذواقهم
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد