ميلاده النوراني صلي الله عليه وسلم
ميلاده النوراني فقد احتفى به خالق القُوى والقُدَر، والأرواح اللطيفة النورانية، والحقائق النورانية الملكوتية، لأنه كان نوراً في الإرادة صار نوراً في الختام.
ويوضح رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الأولية على قدر ما تهضمه عقولنا الكونية، لكن أوليته النورانية الروحانية الحقيقية لا نستطيع فقهها ولا ادراكها، ويكفي فيها قول الله سبحانه وتعالي:
{قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }(81الزخرف)
أول من عبد الله سبحانه وتعالي من الكائنات العُلوية والسُفلية، قبل الملائكة، وقبل كل عُمَّار الملكوت الأعلى، وقبل حملة العرش، وقبل الكروبيين،
كان نور الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم يطوف حول عرش ربه سبحانه وتعالي بأمر من يقول للشيء كن فيكون.
ولذلك لم ينفرد من الأولين والآخرين بعبادة خاصة بمفرده لا يشاركه فيها سواه لله إلا رسول الله، فنحن نشترك في عبادة الصلاة، والصيام، والحج، حتى السنن والنوافل، فيشترك كثيرٌ منا في قيام الليل، وفي صلاة الضُحى، وفي تلاوة القرآن، وفي ذكر الله، لكن من الذي عَبَد الله عبادة خاصة لم يشاركه فيها أحدٌ سواه من خلق الله؟ سيدنا رسول الله:
{ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (81الزخرف)
وجاء العابدون من بعده ليتعلموا منه صلي الله عليه وسلم ، سواء ملائكة أو إنسٌ أو جنٌ، يتعلمون كيف يعبدون رب العالمين، فهو المعلم للجميع ليُعرِّفهم كيف يعبدون الله سبحانه وتعالي، ولذلك قال لنا صلي الله عليه وسلم:
{ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي }(1)
فلم يقُل: صلوا كما شرحتُ لكم كيفية الصلاة وهيئاتها، وأبواب الصلوات من فرائض وسنن وهيئاتُ فيها، ولكنه طلب منا أن نقتدي به صلي الله عليه وسلم في هيئة صلاته لله سبحانه وتعالي.
ووضح صلي الله عليه وسلم أيضاً هذه الأولية حتى لا يختلط بذهن البعض أنه شاركه فيها بعض الأنبياء والمرسلين السابقين، فقال منزهاً ذاته بأمر من رب العالمين:
{ كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ }(2)
فمن أول نبيٍّ خلقه الله؟ سيدنا رسول الله، وربما يتبادر إلى ذهن البعض أنه كان مخلوقاً نورانياً ولكنه لم يؤت النبوة، فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
{ إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَعليه السلام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ }(3)
يعني آدم لم يكن قد تكوَّن ولا أُنشئ، وكان صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين.
وسأله أحد الصحابة المباركين ليُنبِّهوا أذهان الحاضرين ويُذهبوا عنها التشويش الذي في عقولهم أو في قلوبهم نحو سيد الأولين والآخرين، فقال:
{ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى جُعِلْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ }
وهل يوجد إنسان بين الروح والجسد؟! الإنسان إما أن يكون روحاً أو يكون جسداً، أو يكون جسداً حلَّت فيه الروح، لكن هل يوجد إنسان بين الروح والجسد؟! لا، لكن معناها أنه لم يكن هناك آدم بالكلية عندما كان صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام الأولين والآخرين صلوات ربي وتسليماته عليه.
وبعد أن خلق الله سبحانه وتعالي هذا النور الإلهي، خلق منه أرواح الأنبياء والمرسلين، ثم جمعهم لحضرته، وأخذ عليهم ميثاق النبيين الذي سجَّله الله تبارك وتعالى في كتابه المبين؛ القرآن الكريم، ووضح فيه مكانته ومنزلته عند الله، ودرجة قُربه عند مولاه، وفضله على جميع أنبياء الله ورسل الله.
(1)البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه
(2)مسند الشاميين للطبراني وأبي نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3)مسند أحمد وابن حبان عن العرباض بن سارية رضي الله عنه
(4)مسند أحمد والحاكم في المستدرك
من كتاب خصائص النبي الخاتم
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد
ميلاده النوراني فقد احتفى به خالق القُوى والقُدَر، والأرواح اللطيفة النورانية، والحقائق النورانية الملكوتية، لأنه كان نوراً في الإرادة صار نوراً في الختام.
ويوضح رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الأولية على قدر ما تهضمه عقولنا الكونية، لكن أوليته النورانية الروحانية الحقيقية لا نستطيع فقهها ولا ادراكها، ويكفي فيها قول الله سبحانه وتعالي:
{قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }(81الزخرف)
أول من عبد الله سبحانه وتعالي من الكائنات العُلوية والسُفلية، قبل الملائكة، وقبل كل عُمَّار الملكوت الأعلى، وقبل حملة العرش، وقبل الكروبيين،
كان نور الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم يطوف حول عرش ربه سبحانه وتعالي بأمر من يقول للشيء كن فيكون.
ولذلك لم ينفرد من الأولين والآخرين بعبادة خاصة بمفرده لا يشاركه فيها سواه لله إلا رسول الله، فنحن نشترك في عبادة الصلاة، والصيام، والحج، حتى السنن والنوافل، فيشترك كثيرٌ منا في قيام الليل، وفي صلاة الضُحى، وفي تلاوة القرآن، وفي ذكر الله، لكن من الذي عَبَد الله عبادة خاصة لم يشاركه فيها أحدٌ سواه من خلق الله؟ سيدنا رسول الله:
{ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (81الزخرف)
وجاء العابدون من بعده ليتعلموا منه صلي الله عليه وسلم ، سواء ملائكة أو إنسٌ أو جنٌ، يتعلمون كيف يعبدون رب العالمين، فهو المعلم للجميع ليُعرِّفهم كيف يعبدون الله سبحانه وتعالي، ولذلك قال لنا صلي الله عليه وسلم:
{ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي }(1)
فلم يقُل: صلوا كما شرحتُ لكم كيفية الصلاة وهيئاتها، وأبواب الصلوات من فرائض وسنن وهيئاتُ فيها، ولكنه طلب منا أن نقتدي به صلي الله عليه وسلم في هيئة صلاته لله سبحانه وتعالي.
ووضح صلي الله عليه وسلم أيضاً هذه الأولية حتى لا يختلط بذهن البعض أنه شاركه فيها بعض الأنبياء والمرسلين السابقين، فقال منزهاً ذاته بأمر من رب العالمين:
{ كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ }(2)
فمن أول نبيٍّ خلقه الله؟ سيدنا رسول الله، وربما يتبادر إلى ذهن البعض أنه كان مخلوقاً نورانياً ولكنه لم يؤت النبوة، فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
{ إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَعليه السلام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ }(3)
يعني آدم لم يكن قد تكوَّن ولا أُنشئ، وكان صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين.
وسأله أحد الصحابة المباركين ليُنبِّهوا أذهان الحاضرين ويُذهبوا عنها التشويش الذي في عقولهم أو في قلوبهم نحو سيد الأولين والآخرين، فقال:
{ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى جُعِلْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ }
وهل يوجد إنسان بين الروح والجسد؟! الإنسان إما أن يكون روحاً أو يكون جسداً، أو يكون جسداً حلَّت فيه الروح، لكن هل يوجد إنسان بين الروح والجسد؟! لا، لكن معناها أنه لم يكن هناك آدم بالكلية عندما كان صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام الأولين والآخرين صلوات ربي وتسليماته عليه.
وبعد أن خلق الله سبحانه وتعالي هذا النور الإلهي، خلق منه أرواح الأنبياء والمرسلين، ثم جمعهم لحضرته، وأخذ عليهم ميثاق النبيين الذي سجَّله الله تبارك وتعالى في كتابه المبين؛ القرآن الكريم، ووضح فيه مكانته ومنزلته عند الله، ودرجة قُربه عند مولاه، وفضله على جميع أنبياء الله ورسل الله.
(1)البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه
(2)مسند الشاميين للطبراني وأبي نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3)مسند أحمد وابن حبان عن العرباض بن سارية رضي الله عنه
(4)مسند أحمد والحاكم في المستدرك
من كتاب خصائص النبي الخاتم
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد