احتفال الملأ الأعلى بظهور نور النبي
فهذا احتفال الآدميين، أما احتفال الملائكة بميلاد نور سيد الأولين والآخرين، فقد كان بعد ظهور آدم - لنعرف الفارق بين الفريقين - فقد تجلى الله عز وجل بنوره في آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، وأمر الملائكة أجمعين أن يسجدوا للنور الذي ظهر في آدم في هذا الوقت والحين: (( وَإِذْ قَالَ رَبِّكَ لِلملائكة إني خَالقٌ بَشراً مِنْ صَلصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مّسنونٍ فَإِذَا سَوّيتهُ ونَفخت فِيهِ من روحى فَقعوا لهُ سَاجدين)) (الحجر) ليس هناك استثناء: (( فَسَجَدَ الملائكةُ كُلّهمأجمعون))(30الحجر)، والسجود معناه هنا التعظيم، وليس كسجود الصلاة، ولكن تعظيم لأمر الله، والخضوع والاستسلام لكلام الله سبحانه وتعالى.
كلهم سجدوا إلا إبليس، لماذا؟ الملائكة رأوا نور سيد الأولين والآخرين في ظهر آدم وفي جبينه فسجدوا، وإبليس عُمِّي عليه ولُبِّس عليه - فسُمي إبليس من التلبيس - لم ير إلا هيكل صُنع من طين، فقال: (( ءأسجُدُ لِمَنْ خَلَقتَ طِيناً)) (61الإسراء) لم ير غير الطين، ولذلك أبى السجود فطُرد من رحمة رب العالمين إلى يوم الدين، يقول الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه:
ولو أن السجود كان يقينًا
لأبيه لم يهبطن من عليّه
ولو أن السجود كان لآدم هل كان قد نزل من الجنة؟ لا، ولكن كان السجود لنور رسول الله الذي ظهر في آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
فكان هذا احتفال الملائكة الكرام بميلاد النور الإلهي؛ نور الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، يقول في ذلك سيدي على وفا رضى الله عنه :
لو أبصر الشيطان طلعة نوره
في وجه آدم كان أول من سجد
أو رأى النُمروذ بعض جماله
عَبَدَ الجليل مع الخليل وما جحد
لكن نور الله جلَّ فلا يُرى
إلا بتخصيصٍ من الله الصمد
احتفت الجنان بظهور أنوار حضرته، واحتفل أهل الملأ الأعلى جميعاً بإشراق أنوار سدرته، وكلٌ يحتفل على طريقته.
سيدي عبد العزيز الدباغ رضى الله عنه كان رجلاً أُمياً، لكنه كان لا يغيب عنه رسول الله طرفة عين!، وكان إذا سُئل سؤالاً من سائل يقول له: انتظر حتى أسأل رسول الله، ثم ينظر إلى الأرض لحظات ويقول للسائل: أجابني رسول الله عن سؤالك بكذا وكذا، فسُئل : هل تتسع الجنة؟ وكيف تتسع؟ السماء والأرض أثبت الله في كتاب الله أنها تتمدد وتتسع على الدوام: (( وَالسّمَآء بَنَيناها بأييدٍ وإنا لمُوسعُون)) (61الذاريات) فالاتساع مستمر على الدوام وليس له نهاية، فالسماء والأرض ليستا محددين.
فأجاب السائل بعد عرض السؤال على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يسمونه العلم الكشفي، يعني علم عن مكاشفة، وهو ليس في الكتب، ولا في السطور وإنما في الصدور التي امتلأت القلوب التي فيها بالنور: (( بَلْ هُوَ ءَاياتٌ بَيناتٌ)) (49العنكبوت) أين؟
(( فِى صُدُور الذين أوتوا العلم)) (49العنكبوت) فقال: إن الملائكة الحافين بالجنة إذا أراد الله أن يُوسِّعها أمرهم أن يُصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحركوا، فتشتاق الجنة عندما تسمع اسم رسول الله فتجري وراءهم فتتسع الجنة ببركة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجنة لن تُفتح أبوابها، ولن يتمتع أحدٌ من الأولين والآخرين بدخولها إلا بعد أن تُفتح بالمفتاح الذي قرَّر الله أنه مفتاحها، فأين مفتاح الجنة؟ قال صلى الله عليه وسلم:
{ آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتَفْتِحُ }
فهو المفتاح، وعندما يواجه بذاته النورانية الإلهية أبواب الجنان تقول له كما قال صلوات ربي وتسليماته عليه:
{ بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ }
أنا معي التعليمات أنه لا يدخل الجنة أحدٌ إلا بعدك، وكذلك لا يدخل أحد إلا بعد أمته صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم:
{ نَحْنُ الآخِرُونَ، الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّة }
لا يدخل الجنة أحدٌ إلا بعد أُمته، ثم تأتي بعد ذلك سائر الأُمم، فأكرمنا الله بإكرامه الواسع ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا أول الأُمم دخولاً لجنة الله خلف حبيبنا ومصطفانا سيدنا رسول الله الذي يقول لنا فيه الله: (( وَأنّ هَذَاصِراطى مُسّتقِيماً فاتّبِعوهُ))(153الأنعام) الصراط يعني الطريق، ومستقيم يعني ليس فيه عوج، وكان المظنون فكرياً وعقلياً أن تقول الآية: وأن هذا صراطي مستقيما فامشوا عليه، ولكن قال لنا الله: (فَاتَّبِعُوهُ) ومن الذي نتبعه؟ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه الصراط المستقيم بين الحق والخلق
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
من كتاب خصائص النبي الخاتم
لفضيلة الشيخ /فوزى محمد ابوزيد
فهذا احتفال الآدميين، أما احتفال الملائكة بميلاد نور سيد الأولين والآخرين، فقد كان بعد ظهور آدم - لنعرف الفارق بين الفريقين - فقد تجلى الله عز وجل بنوره في آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، وأمر الملائكة أجمعين أن يسجدوا للنور الذي ظهر في آدم في هذا الوقت والحين: (( وَإِذْ قَالَ رَبِّكَ لِلملائكة إني خَالقٌ بَشراً مِنْ صَلصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مّسنونٍ فَإِذَا سَوّيتهُ ونَفخت فِيهِ من روحى فَقعوا لهُ سَاجدين)) (الحجر) ليس هناك استثناء: (( فَسَجَدَ الملائكةُ كُلّهمأجمعون))(30الحجر)، والسجود معناه هنا التعظيم، وليس كسجود الصلاة، ولكن تعظيم لأمر الله، والخضوع والاستسلام لكلام الله سبحانه وتعالى.
كلهم سجدوا إلا إبليس، لماذا؟ الملائكة رأوا نور سيد الأولين والآخرين في ظهر آدم وفي جبينه فسجدوا، وإبليس عُمِّي عليه ولُبِّس عليه - فسُمي إبليس من التلبيس - لم ير إلا هيكل صُنع من طين، فقال: (( ءأسجُدُ لِمَنْ خَلَقتَ طِيناً)) (61الإسراء) لم ير غير الطين، ولذلك أبى السجود فطُرد من رحمة رب العالمين إلى يوم الدين، يقول الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه:
ولو أن السجود كان يقينًا
لأبيه لم يهبطن من عليّه
ولو أن السجود كان لآدم هل كان قد نزل من الجنة؟ لا، ولكن كان السجود لنور رسول الله الذي ظهر في آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
فكان هذا احتفال الملائكة الكرام بميلاد النور الإلهي؛ نور الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، يقول في ذلك سيدي على وفا رضى الله عنه :
لو أبصر الشيطان طلعة نوره
في وجه آدم كان أول من سجد
أو رأى النُمروذ بعض جماله
عَبَدَ الجليل مع الخليل وما جحد
لكن نور الله جلَّ فلا يُرى
إلا بتخصيصٍ من الله الصمد
احتفت الجنان بظهور أنوار حضرته، واحتفل أهل الملأ الأعلى جميعاً بإشراق أنوار سدرته، وكلٌ يحتفل على طريقته.
سيدي عبد العزيز الدباغ رضى الله عنه كان رجلاً أُمياً، لكنه كان لا يغيب عنه رسول الله طرفة عين!، وكان إذا سُئل سؤالاً من سائل يقول له: انتظر حتى أسأل رسول الله، ثم ينظر إلى الأرض لحظات ويقول للسائل: أجابني رسول الله عن سؤالك بكذا وكذا، فسُئل : هل تتسع الجنة؟ وكيف تتسع؟ السماء والأرض أثبت الله في كتاب الله أنها تتمدد وتتسع على الدوام: (( وَالسّمَآء بَنَيناها بأييدٍ وإنا لمُوسعُون)) (61الذاريات) فالاتساع مستمر على الدوام وليس له نهاية، فالسماء والأرض ليستا محددين.
فأجاب السائل بعد عرض السؤال على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يسمونه العلم الكشفي، يعني علم عن مكاشفة، وهو ليس في الكتب، ولا في السطور وإنما في الصدور التي امتلأت القلوب التي فيها بالنور: (( بَلْ هُوَ ءَاياتٌ بَيناتٌ)) (49العنكبوت) أين؟
(( فِى صُدُور الذين أوتوا العلم)) (49العنكبوت) فقال: إن الملائكة الحافين بالجنة إذا أراد الله أن يُوسِّعها أمرهم أن يُصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحركوا، فتشتاق الجنة عندما تسمع اسم رسول الله فتجري وراءهم فتتسع الجنة ببركة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجنة لن تُفتح أبوابها، ولن يتمتع أحدٌ من الأولين والآخرين بدخولها إلا بعد أن تُفتح بالمفتاح الذي قرَّر الله أنه مفتاحها، فأين مفتاح الجنة؟ قال صلى الله عليه وسلم:
{ آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتَفْتِحُ }
فهو المفتاح، وعندما يواجه بذاته النورانية الإلهية أبواب الجنان تقول له كما قال صلوات ربي وتسليماته عليه:
{ بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ }
أنا معي التعليمات أنه لا يدخل الجنة أحدٌ إلا بعدك، وكذلك لا يدخل أحد إلا بعد أمته صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم:
{ نَحْنُ الآخِرُونَ، الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّة }
لا يدخل الجنة أحدٌ إلا بعد أُمته، ثم تأتي بعد ذلك سائر الأُمم، فأكرمنا الله بإكرامه الواسع ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا أول الأُمم دخولاً لجنة الله خلف حبيبنا ومصطفانا سيدنا رسول الله الذي يقول لنا فيه الله: (( وَأنّ هَذَاصِراطى مُسّتقِيماً فاتّبِعوهُ))(153الأنعام) الصراط يعني الطريق، ومستقيم يعني ليس فيه عوج، وكان المظنون فكرياً وعقلياً أن تقول الآية: وأن هذا صراطي مستقيما فامشوا عليه، ولكن قال لنا الله: (فَاتَّبِعُوهُ) ومن الذي نتبعه؟ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه الصراط المستقيم بين الحق والخلق
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
من كتاب خصائص النبي الخاتم
لفضيلة الشيخ /فوزى محمد ابوزيد