سلسلة تفسير آيات المناسبات
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثالثة : آية الإسراء
(( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)))
... آية واحدة من كتاب ربنا إذا أصغينا إليها بآذان القلوب كشف الله عز وجل عنَّا الران ، وأشهدنا ما فيها من سواطع الغيوب ، ومن مقامات عليِّة أقام بها الحبيب المحبوب.
بدأ الآيات بكلمة (سبحان) يعني نزِّه الله عن قيود الزمان، ونزِّه الله عن حيطة المكان، واعلم أن قدرة الله لا يحيزها زمان ولا يحيط بها مكان، فما دام الذي أسرى هو الله فلا حرج على فضل الله جل في علاه.
ولذا وردت الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
{ هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : نَعَمْ، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟، قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟!، قَالَ: نَعَمْ } - مسند أحمد عن ابن عباس
وانظر إلى دقة اللفظ النبوي لم يقل (أسريت) ولكن قال: (أُسري بي) نسب الإسراء إلى ذات الله عز وجل ،
وما دام الذي تولى الإسراء هو الله، والذي تولى المعراج هو الله فلا حرج على فضل الله ؛ لأن أمره بين الكاف والنون.
ولكن العجب العجاب أن يذهب النبي صلي الله عليه وسلم بجسده وروحه إلى بيت الله المقدس، ويجمع الله النبيين والمرسلين، وكانوا كما رُوي عن أبي ذر عندما قال:
{ كَمِ النَّبِيُّونَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ، قُلْتُ: كَمِ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: ثَلاثُ مِائَةٍ، وَثَلاثَةَ عَشَرَ } – سنن البيهقي والحاكم في المستدرك
وبيَّن عز وجل أن الإسراء أولاً بالروح والجسد، لأنه قال: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ )) والإمام أبو العزائم يقول في ذلك : -
لفظ عبد يقتضي الجسم الذي
فيه روح بل وعقل والخيال
(( ..مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ .. )) -----> المسجد الأقصى بارك الله حوله بركة حسية في الزرع الذي حوله، وبركة معنوية لأن حوله مقامات الانبياء والمرسلين السابقين، موضع ولادتهم، وموضع وفاتهم، وموضع وضع أجسامهم، وموضع تنزل الوحي الإلهي عليهم ...
لكن المسجد الحرام قال الله تعالى فيه : –
(( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96آل عمران)) .. هو نفسه مبارك، فليست البركة حوله بل البركة فيه ؛ لأنه بيت الله الأعظم الذي جعله الله قبلة لأمة الحبيب المصطفى .
(( .. لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .. )) ،،،، لم يقل الله (ليرى من آياتنا ) وإنما نسب الإراءة إلى الله حتى لا يعترض معترض،
مَن الذي كشف له الحجاب وأراه؟
---- > الله جل في علاه، وما دام الله هو الذي أراه فلا حرج على فضل الله.
(( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ))
آيات في الملك،
وآيات في الملكوت،
وآيات في الجنة،
وآيات في القدس الأعلى،
وهذه الآيات القدسية الكبرى ،،،، وهي رؤية حضرة الذات الأحدية منزهة عن الكم والكيف والحيثية بجميع جمالاتها وجلالاتها وكمالاتها وأسمائها وصفاتها وغيوبها وأنوارها وبهائها وتجلياتها،
(( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ))
فإذا كان العبد المؤمن إذا اتقى الله جمَّله الله بسمعه فيسمع بالله ويُبصر بالله، فما بالكم بحبيب الله ومصطفاه ؟!!
فنيَ عن نفسه، وفنيَ عن حسه، وفنيَ عن كونه، وفنيَ عن كل شيء عُرض عليه في هذه الليلة، حتى أن الله كلما كاشفه بجمال نزَّه ذاته الشريفة عن النظر إلى هذا الجمال، لأنه لا يريد إلا النظر إلى الجمال الكلي الإلهي، فجعله الله مجملاً بأوصافه الإلهية فقال في شأنه: (( إِنَّهُ هُوَ )) ؛ لأن الله تجلى عليه بأوصافه
(( السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ------> بسمع الله، والبصير ببصر الله لما كاشفه الله عز وجل به من كبرياء الله وجمال الله وجلال الله وكمال الله جل في علاه.
وكان من الممكن أن يرى رسول الله كل شيء وهو في مكانه، ولكن أراد الله أن يشرف به عوالم الملك والملكوت وحضرات القدس الأعلى .. فأراد أهل السماء أن يحظوا برسول الله صلوات ربي وتسليماته عليه فكانت هذه البعثة النورانية، ليتمتع به كل العوالم العلوية !!!
ليُعطي لكل حقيقة حقها من رحمة الله التي أعطاها له الله، والتي يقول فيها:
{ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ } - البخاري ومسلم
والإسراء والمعراج فيه من الأسرار ما أشار الله عز وجل به للأخيار في آية الإسراء في كلمة (((( أسرى ))) ، فإن الألف هي ألف البداية، والياء هي ياء النهاية، وما بينهما (سر) لا يعلمه إلا أهل العناية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثالثة : آية الإسراء
(( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)))
... آية واحدة من كتاب ربنا إذا أصغينا إليها بآذان القلوب كشف الله عز وجل عنَّا الران ، وأشهدنا ما فيها من سواطع الغيوب ، ومن مقامات عليِّة أقام بها الحبيب المحبوب.
بدأ الآيات بكلمة (سبحان) يعني نزِّه الله عن قيود الزمان، ونزِّه الله عن حيطة المكان، واعلم أن قدرة الله لا يحيزها زمان ولا يحيط بها مكان، فما دام الذي أسرى هو الله فلا حرج على فضل الله جل في علاه.
ولذا وردت الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
{ هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : نَعَمْ، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟، قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟!، قَالَ: نَعَمْ } - مسند أحمد عن ابن عباس
وانظر إلى دقة اللفظ النبوي لم يقل (أسريت) ولكن قال: (أُسري بي) نسب الإسراء إلى ذات الله عز وجل ،
وما دام الذي تولى الإسراء هو الله، والذي تولى المعراج هو الله فلا حرج على فضل الله ؛ لأن أمره بين الكاف والنون.
ولكن العجب العجاب أن يذهب النبي صلي الله عليه وسلم بجسده وروحه إلى بيت الله المقدس، ويجمع الله النبيين والمرسلين، وكانوا كما رُوي عن أبي ذر عندما قال:
{ كَمِ النَّبِيُّونَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ، قُلْتُ: كَمِ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: ثَلاثُ مِائَةٍ، وَثَلاثَةَ عَشَرَ } – سنن البيهقي والحاكم في المستدرك
وبيَّن عز وجل أن الإسراء أولاً بالروح والجسد، لأنه قال: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ )) والإمام أبو العزائم يقول في ذلك : -
لفظ عبد يقتضي الجسم الذي
فيه روح بل وعقل والخيال
(( ..مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ .. )) -----> المسجد الأقصى بارك الله حوله بركة حسية في الزرع الذي حوله، وبركة معنوية لأن حوله مقامات الانبياء والمرسلين السابقين، موضع ولادتهم، وموضع وفاتهم، وموضع وضع أجسامهم، وموضع تنزل الوحي الإلهي عليهم ...
لكن المسجد الحرام قال الله تعالى فيه : –
(( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96آل عمران)) .. هو نفسه مبارك، فليست البركة حوله بل البركة فيه ؛ لأنه بيت الله الأعظم الذي جعله الله قبلة لأمة الحبيب المصطفى .
(( .. لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .. )) ،،،، لم يقل الله (ليرى من آياتنا ) وإنما نسب الإراءة إلى الله حتى لا يعترض معترض،
مَن الذي كشف له الحجاب وأراه؟
---- > الله جل في علاه، وما دام الله هو الذي أراه فلا حرج على فضل الله.
(( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ))
آيات في الملك،
وآيات في الملكوت،
وآيات في الجنة،
وآيات في القدس الأعلى،
وهذه الآيات القدسية الكبرى ،،،، وهي رؤية حضرة الذات الأحدية منزهة عن الكم والكيف والحيثية بجميع جمالاتها وجلالاتها وكمالاتها وأسمائها وصفاتها وغيوبها وأنوارها وبهائها وتجلياتها،
(( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ))
فإذا كان العبد المؤمن إذا اتقى الله جمَّله الله بسمعه فيسمع بالله ويُبصر بالله، فما بالكم بحبيب الله ومصطفاه ؟!!
فنيَ عن نفسه، وفنيَ عن حسه، وفنيَ عن كونه، وفنيَ عن كل شيء عُرض عليه في هذه الليلة، حتى أن الله كلما كاشفه بجمال نزَّه ذاته الشريفة عن النظر إلى هذا الجمال، لأنه لا يريد إلا النظر إلى الجمال الكلي الإلهي، فجعله الله مجملاً بأوصافه الإلهية فقال في شأنه: (( إِنَّهُ هُوَ )) ؛ لأن الله تجلى عليه بأوصافه
(( السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ------> بسمع الله، والبصير ببصر الله لما كاشفه الله عز وجل به من كبرياء الله وجمال الله وجلال الله وكمال الله جل في علاه.
وكان من الممكن أن يرى رسول الله كل شيء وهو في مكانه، ولكن أراد الله أن يشرف به عوالم الملك والملكوت وحضرات القدس الأعلى .. فأراد أهل السماء أن يحظوا برسول الله صلوات ربي وتسليماته عليه فكانت هذه البعثة النورانية، ليتمتع به كل العوالم العلوية !!!
ليُعطي لكل حقيقة حقها من رحمة الله التي أعطاها له الله، والتي يقول فيها:
{ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ } - البخاري ومسلم
والإسراء والمعراج فيه من الأسرار ما أشار الله عز وجل به للأخيار في آية الإسراء في كلمة (((( أسرى ))) ، فإن الألف هي ألف البداية، والياء هي ياء النهاية، وما بينهما (سر) لا يعلمه إلا أهل العناية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم