فرائض الإسلام غايتها ومقاصدها
خطبة الجمعة لفضيلة
الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الحمد لله رب العالمين، أكرمنا وأمرنا أن نعبده عزَّ وجلَّ عبادة المخلصين، ووفقنا وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته في كل وقت وحين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنيٌّ بذاته وأسمائه وصفاته عن جميع مخلوقاته، لا يحتاج إلى عباداتهم وأعمالهم، وإنما مَرَدُّ ذلك إليهم كما قال في محكم القرآن: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" [15الجاثية].
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، هداه الله عزَّ وجلَّ به إليه، وجعل هداية الخلق أجمعين على يديه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، الذي جعلت كلماته شفاء، وأعماله دواء لجميع الأسقام والأدواء، وحركاته وسكناته قُرب لخالق الأرض والسماء.
صلى الله عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأمناء، ومَنْ مشى على هديه من أتباعه إلى يوم العرض والجزاء، وعلينا معهم أجمعين، واكتبنا معهم تحت لواء السعادة أجمعين،
🤲 يا ربَّ العالمين🤲
أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
لعل سائلاً يسأل:
لماذا فرض الله علينا العبادات؟
فرض الله عزَّ وجلَّ علينا الصلاة، وفرض علينا الزكاة و فرض علينا الصيام، و فرض علينا الحج إلى بيت الله
إن الله جلَّ في علاه فرض علينا هذه الفرائض لحِكَمٍ لا تُعد، وأسرار لا يُحيط بها أحد:
نكتفي منها اليوم بسرٍّ منها جميعاً جعله الله عزَّ وجلَّ هو السبب في صلاح أحوالنا، وإصلاح مجتمعاتنا.
وما علاقة الصلاة والصيام والزكاة والحج بإصلاح المجتمعات؟!!
الله عزَّ وجلَّ جعل شرط قبول هذه الأعمال عند حضرته أن تتحقق النتائج الطيبة والآثار الملموسة بعد أداء هذه العبادات في المجتمعات بين خلق الله الذين أتعايش بينهم.
فإذا صليت لله عزَّ وجلَّ، ما علامة قبول الصلاة؟
يقول لنا فيها الله:
"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" [45العنكبوت]
إذا انتهى المصلي - قبل وبعد الصلاة - عن جميع الفحشاء، وعن فعل المنكرات، وعن الإساءة للمسلمين والمسلمات، كان هذا دليلاً على أن الله تقبَّل عمله، وسيُثِيبه بهذا العمل أجراً عاجلاً في دنياه، وأجراً كبيراً آجلاً في أخراه، يقول فيهما الله في كتابه جلَّ في علاه:
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" - هذا هو الأجر العاجل في الدنيا،
أما الأجر الآجل في الآخرة-
"وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" [97النحل].
إذاً علامة قبول الصلاة حُسن تعامل المؤمن مع إخوانه المؤمنين، إن كان في المسجد، أو في الشارع، أو في العمل، أو في السوق، أو في أي موضع.
وجعلها الله عزَّ وجلَّ في جماعة توطيداً للعلاقات بين المسلمين، وزيادة في الروابط بين المؤمنين، حتى نتعارف فيما بيننا، ونُساعد بعضنا في حلِّ مشكلاتنا، فإذا افتقدنا أحدَنا في المسجد في يوم بحثنا عنه وذهبنا إليه وسألناه، فإن كان له مشكلة واستطعنا حلَّها قمنا بحلِّها له، وإن لم نستطيع عاوناه، لأن المؤمنين يقول فيهم ربُّ العالمين:
"وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى" [2المائدة].
لا بد من التعاون بين المسلمين، ولا يتم التعاون إلا إذا اجتمعنا وتعارفنا، وتآلفنا وتكاتفنا وتساندنا، ولذلك يقول لكم الرسول صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" (البخاري ومسلم عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه).
وجعل الله عزَّ وجلَّ شرط أدائها الطهارة الظاهرة والباطنة لله جلَّ في علاه، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
"مِفْتَاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ" (سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد).
الطهارة الظاهرة بالماء،
والطهارة القلبية من جميع الأمراض التي حذَّر منها الله، ونهى عنها رسول الله،
وهي الأمراض التي تُسبب فساد المجتمعات،
مثل الحقد والحسد، والغلّ والكره، والبغض والشح والأنانية،
وكل هذه الأمراض الشخصية هي التي تؤدي إلى سوء العلاقات الاجتماعية، وإلى تشرذم الأفراد، وإلى انتشار ما نراه فيما بيننا الآن من مساوئ لا عدَّ لها ولا حدَّ لها، ولذلك قال الله في جماعة المؤمنين:
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ [47الحجر].
لا يليق بالعبد أن يقف بين يدي مولاه وهو يعلم علم اليقين أن موضع نظر الله منه هو قلبه، ويكون في هذا القلب حقد أو حسد أو غل لأحد من المسلمين، وهي الأمراض التي تعصف بالمجتمع كما نرى الآن،
الكلُّ في الإسلام يسعى لمصلحة الكلّ، لا يسعى أحدٌ لمصلحة نفسه فقط وينسى من حوله!! لأن النبيَّ قال لنا:
{لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ بِاللَّهِ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي).
أما الزكاة فقد قال فيها الله:
"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا" [103التوبة].
فهي طهرة للقلب، وطهرة للنفس، فالعبادات تُطهِّر باطن الإنسان، فيتعلق بالقيم القرآنية، والأخلاق المحمدية، فيحرص على ودِّ إخوانه، ويحرص على صلة أرحامه، ويحرص على برِّ أبويه، ويحرص على منفعة جميع المؤمنين، لأنه يريد رضاء ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ.
وجعل فريضة الزكاة .. فيها فرض فرضه الله للفقراء والمساكين - لم يجعله صدقة تطوعية متروكة للأريحية، لأن الإنسان طبيعته البخل في الإنفاق، لكنه جعله فريضة وحق يحاسبه عليه مولاه - أن يُعطي نصيباً مما أفاء عليه مولاه للفقراء والمساكين، ويعلم علم اليقين أن هذا حقُّهم، فلا يَمُنُّ عليهم بالإعطاء، ولا يُجرح وجوههم بالمعايرة بأنه قدَّم لهم شيئاً، لأن هذا حقُّهم قد أخذوه، والذي فرض الحق هو رب العالمين عزَّ وجلَّ
والصيام ... سُئل نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: لِمَ تصوم وأنت على خزائن الأرض؟
قال: (حتى لا أنسى الجائع).
أمرنا الله أن نصوم لنجوع فنحس بإخواننا الجائعين، ونستشعر إخواننا الفقراء والمساكين، نسوق إليهم شيئاً من الخير الذي وكَّلنا بإنفاقه ربُّ العالمين ،والمال مال الله، والعبيد عبيد الله، والذي يُنفق يعمل بقول الله: "وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" [7الحديد].
فتتم المشاركة بين المؤمنين!!
حتى أن النبيَّ جعل مَنْ لا يشعر بأخيه الجائع إيمانه غير تام!!
فقال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:
"لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ" (البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنها).
والصيام جعله النبي صلى الله عليه وسلم وقاية من كل الذنوب والآثام التي تُقَطِع العلاقات بين الأنام:
"إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَصْخَبْ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ" (البخاري والنسائي ومسند الإمام أحمد).
وجعل الحج مؤتمراً عاماً لتعارف المؤمنين في كل القارات والأقطار، وجعل أساس هذا الاجتماع العام صفاء النيَّة، وإخلاص الطويَّة، وخلاص القلب من جميع الأمراض والأحقاد والأحساد الدنيوية، حتى يكون المؤمنون على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم كأنهم رَجُلٌ واحد،
ولذا حذَّر المسافرين مما يُثِيرُ النكد في القلوب، ويؤجج الأحقاد في النفوس، ويقلب الأُخُوة ويجعلها عداوة، ولا يليق ذلك في رحاب بيت الملك القدوس،
فقال للحُجاج المسافرين:
"فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ" [197البقرة].
منعهم عن الحديث عن النساء أو مع النساء بالكلية، وعن جميع المعاصي الظاهرة والباطنة، حتى أنه لا يحاسب على الهمِّ بالمعصية إلاَّ في البيت الحرام، إذا همَّ الإنسان هناك بمعصية حوسب عليها:
"وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" [25الحج]
مجرد الإرادة والهمِّ يحاسبه عليه مولاه.
ونهى عن الجدال لأنه يثير الشحناء، ويؤجج البغضاء، ويجعل الأخوة متنافرين بعد أن كانوا متآلفين.
وللأسف في هذا الزمان أصبح يُسيطر على كثير منا الحياة المادية، وينسى أنه منسوبٌ إلى دين الله، ومطالب بين يدي الله بالعمل بما شرع الله وبما كان عليه حبيب الله ومصطفاه،
وأساس ذلك كله: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" [10الحجرات].
وحال المؤمنين في أي زمان ومكان يقول فيه القرآن: "رُحَمَاء بَيْنَهُمْ" [29الفتح].
وحالهم كما قال فيه النبي العدنان:
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد)
أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاَّ على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الربُّ القادر الفعال لما يريد في كل وقت وحين.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وتركنا على المَحَجَّةِ البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هداه، ووفقنا للعمل بشرعه أجمعين يا الله.
أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
بَلَغَ من فضل الله عزَّ وجلَّ علينا نحو إخواننا المؤمنين أن الله عزَّ وجلَّ جعل أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله هي الفرائض بعد الفرائض،
فهناك فرائض نُلزم بها أجمعين، وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلاً.
وهناك فروض على الجماعة كلها.
إذا قام البعض بها أجزأ عن الآخرين، سَمَّاها العلماء فروض الكفاية، وإذا لم يقم بها - الجماعة أو نفرٌ منهم - حوسب الجميع، هذه الفروض كالصلاة على الأموات، وتشييع الجنازات، ودفن المؤمنين عند الموت، فريضة لا بد أن يقوم بها جماعة من المؤمنين –
وجعل أعظم قرباتنا لحضرته ما يتعلق بمصالح العباد، وما يتعلق بحقوق إخواننا في كل زمن وفي كل واد.
جعل المؤمن لو أقرَضَ مؤمناً محتاجاً فله من الأجر والثواب أعظم من الصدقة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَاب: الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: لأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لا يَسْتَقْرِضُ إِلا مِنْ حَاجَةٍ" (سنن ابن ماجة والطبراني).
أين القرض الحسن بين جماعة المؤمنين؟! وهو فرض علينا نُعينُ به إخواننا حتى لا نُعرضهم للمُرابين، ذهب وليْتَهُ يعود
جعل لكل مسلم على كل مسلم إذا وَجَّه له أي حركة من حركات أعضاءه يكون له عظيم الأجر عند الله عزَّ وجلَّ!!
لو نظر إليه بشوق كانت نظرته هذه تعادل أجر معتكف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة عام، كما ورد في الأثر المعلوم:
{نظرةٌ في وجهِ أخٍ في الله على شوقٍ خيرٌ من اعتكاف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاماً}
جعل مصافحة المسلم تساوي الحج إلى بيت الله، وتساوي الصلاة، لأن أجر الحج كمال قال فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود).
وإذا صافحت أخاك في الله في الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم:
{إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا صَافَحَ أَخَاهُ تَحَاتَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ} (سنن البيهقي وكشف الأستار).
يغفر الله لكليهما لمجرد المصافحة، فكأنه يضارع حج بيت الله الحرام،
لأن المصافحة أجرها مغفرة جميع الذنوب والآثام إكراماً من الله وتشجيعاً لخلق الله على توطيد العلاقات بين المؤمنين في كل وقت وحين.
إذا ألقى عليه السلام كان له حسنات، وتنزلت بينهما الرحمات،
وإذا عاده وهو مريض كان له بساتين في الجنة،
وإذ شيَّع جنازته له قيراط من الأجر والثواب
وإذا صلى عليه كان له قيراط آخر،
والقيراط كجبل أحد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ} (صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند الإمام أحمد).
وإذا عزَّى أهله كان له مثل أجرهم:
{مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ} (سنن الترمذي وابن ماجة).
جعل كل الأحوال التي تتعلق بالمؤمنين، والحركات معهم بأجور وفيرة عند رب العالمين:
لو تبسمت له كانت البسمة صدقة لك،
ولو كلمته كلمة طيبة كانت الكلمة الطيبة صدقة لك.
أيُّ أجرٍ أعظمُ عند الله؟ الأجور التي تتعلق بحقوق المؤمنين في الله جلَّ في علاه لا يساويه أجرُ قيام الليل ولا صيام النهار.
إذا أصلحت بين اثنين متخاصمين، اسمع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: {أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ} (سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وابن حبان)،
الإصلاح بين المؤمنين خير من أعمال البر هذه التي عددها سيد الأولين والآخرين.
وهذا ما أمرنا به الله ورسوله وهو توطيد العلاقات بين المؤمنين، والإخلاص بين قلوب الموحدين، وتدعيم الرابطة بين عباد الله المؤمنين، والعمل بقول الله في كتابه المبين:
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ [103آل عمران].
🤲نسأل الله سبحانه أن يفقهنا في ديننا، وأن يهمنا الصواب في العمل يا رب العالمين 🤲🤲
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة صفحة الخطب الإلهامية
أو
الدخول على موقع فضيلة
الشيخ فوزي محمد أبوزيد
خطبة الجمعة لفضيلة
الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الحمد لله رب العالمين، أكرمنا وأمرنا أن نعبده عزَّ وجلَّ عبادة المخلصين، ووفقنا وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته في كل وقت وحين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنيٌّ بذاته وأسمائه وصفاته عن جميع مخلوقاته، لا يحتاج إلى عباداتهم وأعمالهم، وإنما مَرَدُّ ذلك إليهم كما قال في محكم القرآن: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" [15الجاثية].
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، هداه الله عزَّ وجلَّ به إليه، وجعل هداية الخلق أجمعين على يديه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، الذي جعلت كلماته شفاء، وأعماله دواء لجميع الأسقام والأدواء، وحركاته وسكناته قُرب لخالق الأرض والسماء.
صلى الله عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأمناء، ومَنْ مشى على هديه من أتباعه إلى يوم العرض والجزاء، وعلينا معهم أجمعين، واكتبنا معهم تحت لواء السعادة أجمعين،
🤲 يا ربَّ العالمين🤲
أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
لعل سائلاً يسأل:
لماذا فرض الله علينا العبادات؟
فرض الله عزَّ وجلَّ علينا الصلاة، وفرض علينا الزكاة و فرض علينا الصيام، و فرض علينا الحج إلى بيت الله
إن الله جلَّ في علاه فرض علينا هذه الفرائض لحِكَمٍ لا تُعد، وأسرار لا يُحيط بها أحد:
نكتفي منها اليوم بسرٍّ منها جميعاً جعله الله عزَّ وجلَّ هو السبب في صلاح أحوالنا، وإصلاح مجتمعاتنا.
وما علاقة الصلاة والصيام والزكاة والحج بإصلاح المجتمعات؟!!
الله عزَّ وجلَّ جعل شرط قبول هذه الأعمال عند حضرته أن تتحقق النتائج الطيبة والآثار الملموسة بعد أداء هذه العبادات في المجتمعات بين خلق الله الذين أتعايش بينهم.
فإذا صليت لله عزَّ وجلَّ، ما علامة قبول الصلاة؟
يقول لنا فيها الله:
"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" [45العنكبوت]
إذا انتهى المصلي - قبل وبعد الصلاة - عن جميع الفحشاء، وعن فعل المنكرات، وعن الإساءة للمسلمين والمسلمات، كان هذا دليلاً على أن الله تقبَّل عمله، وسيُثِيبه بهذا العمل أجراً عاجلاً في دنياه، وأجراً كبيراً آجلاً في أخراه، يقول فيهما الله في كتابه جلَّ في علاه:
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" - هذا هو الأجر العاجل في الدنيا،
أما الأجر الآجل في الآخرة-
"وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" [97النحل].
إذاً علامة قبول الصلاة حُسن تعامل المؤمن مع إخوانه المؤمنين، إن كان في المسجد، أو في الشارع، أو في العمل، أو في السوق، أو في أي موضع.
وجعلها الله عزَّ وجلَّ في جماعة توطيداً للعلاقات بين المسلمين، وزيادة في الروابط بين المؤمنين، حتى نتعارف فيما بيننا، ونُساعد بعضنا في حلِّ مشكلاتنا، فإذا افتقدنا أحدَنا في المسجد في يوم بحثنا عنه وذهبنا إليه وسألناه، فإن كان له مشكلة واستطعنا حلَّها قمنا بحلِّها له، وإن لم نستطيع عاوناه، لأن المؤمنين يقول فيهم ربُّ العالمين:
"وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى" [2المائدة].
لا بد من التعاون بين المسلمين، ولا يتم التعاون إلا إذا اجتمعنا وتعارفنا، وتآلفنا وتكاتفنا وتساندنا، ولذلك يقول لكم الرسول صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" (البخاري ومسلم عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه).
وجعل الله عزَّ وجلَّ شرط أدائها الطهارة الظاهرة والباطنة لله جلَّ في علاه، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
"مِفْتَاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ" (سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد).
الطهارة الظاهرة بالماء،
والطهارة القلبية من جميع الأمراض التي حذَّر منها الله، ونهى عنها رسول الله،
وهي الأمراض التي تُسبب فساد المجتمعات،
مثل الحقد والحسد، والغلّ والكره، والبغض والشح والأنانية،
وكل هذه الأمراض الشخصية هي التي تؤدي إلى سوء العلاقات الاجتماعية، وإلى تشرذم الأفراد، وإلى انتشار ما نراه فيما بيننا الآن من مساوئ لا عدَّ لها ولا حدَّ لها، ولذلك قال الله في جماعة المؤمنين:
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ [47الحجر].
لا يليق بالعبد أن يقف بين يدي مولاه وهو يعلم علم اليقين أن موضع نظر الله منه هو قلبه، ويكون في هذا القلب حقد أو حسد أو غل لأحد من المسلمين، وهي الأمراض التي تعصف بالمجتمع كما نرى الآن،
الكلُّ في الإسلام يسعى لمصلحة الكلّ، لا يسعى أحدٌ لمصلحة نفسه فقط وينسى من حوله!! لأن النبيَّ قال لنا:
{لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ بِاللَّهِ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي).
أما الزكاة فقد قال فيها الله:
"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا" [103التوبة].
فهي طهرة للقلب، وطهرة للنفس، فالعبادات تُطهِّر باطن الإنسان، فيتعلق بالقيم القرآنية، والأخلاق المحمدية، فيحرص على ودِّ إخوانه، ويحرص على صلة أرحامه، ويحرص على برِّ أبويه، ويحرص على منفعة جميع المؤمنين، لأنه يريد رضاء ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ.
وجعل فريضة الزكاة .. فيها فرض فرضه الله للفقراء والمساكين - لم يجعله صدقة تطوعية متروكة للأريحية، لأن الإنسان طبيعته البخل في الإنفاق، لكنه جعله فريضة وحق يحاسبه عليه مولاه - أن يُعطي نصيباً مما أفاء عليه مولاه للفقراء والمساكين، ويعلم علم اليقين أن هذا حقُّهم، فلا يَمُنُّ عليهم بالإعطاء، ولا يُجرح وجوههم بالمعايرة بأنه قدَّم لهم شيئاً، لأن هذا حقُّهم قد أخذوه، والذي فرض الحق هو رب العالمين عزَّ وجلَّ
والصيام ... سُئل نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: لِمَ تصوم وأنت على خزائن الأرض؟
قال: (حتى لا أنسى الجائع).
أمرنا الله أن نصوم لنجوع فنحس بإخواننا الجائعين، ونستشعر إخواننا الفقراء والمساكين، نسوق إليهم شيئاً من الخير الذي وكَّلنا بإنفاقه ربُّ العالمين ،والمال مال الله، والعبيد عبيد الله، والذي يُنفق يعمل بقول الله: "وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" [7الحديد].
فتتم المشاركة بين المؤمنين!!
حتى أن النبيَّ جعل مَنْ لا يشعر بأخيه الجائع إيمانه غير تام!!
فقال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:
"لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ" (البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنها).
والصيام جعله النبي صلى الله عليه وسلم وقاية من كل الذنوب والآثام التي تُقَطِع العلاقات بين الأنام:
"إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَصْخَبْ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ" (البخاري والنسائي ومسند الإمام أحمد).
وجعل الحج مؤتمراً عاماً لتعارف المؤمنين في كل القارات والأقطار، وجعل أساس هذا الاجتماع العام صفاء النيَّة، وإخلاص الطويَّة، وخلاص القلب من جميع الأمراض والأحقاد والأحساد الدنيوية، حتى يكون المؤمنون على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم كأنهم رَجُلٌ واحد،
ولذا حذَّر المسافرين مما يُثِيرُ النكد في القلوب، ويؤجج الأحقاد في النفوس، ويقلب الأُخُوة ويجعلها عداوة، ولا يليق ذلك في رحاب بيت الملك القدوس،
فقال للحُجاج المسافرين:
"فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ" [197البقرة].
منعهم عن الحديث عن النساء أو مع النساء بالكلية، وعن جميع المعاصي الظاهرة والباطنة، حتى أنه لا يحاسب على الهمِّ بالمعصية إلاَّ في البيت الحرام، إذا همَّ الإنسان هناك بمعصية حوسب عليها:
"وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" [25الحج]
مجرد الإرادة والهمِّ يحاسبه عليه مولاه.
ونهى عن الجدال لأنه يثير الشحناء، ويؤجج البغضاء، ويجعل الأخوة متنافرين بعد أن كانوا متآلفين.
وللأسف في هذا الزمان أصبح يُسيطر على كثير منا الحياة المادية، وينسى أنه منسوبٌ إلى دين الله، ومطالب بين يدي الله بالعمل بما شرع الله وبما كان عليه حبيب الله ومصطفاه،
وأساس ذلك كله: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" [10الحجرات].
وحال المؤمنين في أي زمان ومكان يقول فيه القرآن: "رُحَمَاء بَيْنَهُمْ" [29الفتح].
وحالهم كما قال فيه النبي العدنان:
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد)
أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاَّ على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الربُّ القادر الفعال لما يريد في كل وقت وحين.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وتركنا على المَحَجَّةِ البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هداه، ووفقنا للعمل بشرعه أجمعين يا الله.
أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
بَلَغَ من فضل الله عزَّ وجلَّ علينا نحو إخواننا المؤمنين أن الله عزَّ وجلَّ جعل أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله هي الفرائض بعد الفرائض،
فهناك فرائض نُلزم بها أجمعين، وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلاً.
وهناك فروض على الجماعة كلها.
إذا قام البعض بها أجزأ عن الآخرين، سَمَّاها العلماء فروض الكفاية، وإذا لم يقم بها - الجماعة أو نفرٌ منهم - حوسب الجميع، هذه الفروض كالصلاة على الأموات، وتشييع الجنازات، ودفن المؤمنين عند الموت، فريضة لا بد أن يقوم بها جماعة من المؤمنين –
وجعل أعظم قرباتنا لحضرته ما يتعلق بمصالح العباد، وما يتعلق بحقوق إخواننا في كل زمن وفي كل واد.
جعل المؤمن لو أقرَضَ مؤمناً محتاجاً فله من الأجر والثواب أعظم من الصدقة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَاب: الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: لأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لا يَسْتَقْرِضُ إِلا مِنْ حَاجَةٍ" (سنن ابن ماجة والطبراني).
أين القرض الحسن بين جماعة المؤمنين؟! وهو فرض علينا نُعينُ به إخواننا حتى لا نُعرضهم للمُرابين، ذهب وليْتَهُ يعود
جعل لكل مسلم على كل مسلم إذا وَجَّه له أي حركة من حركات أعضاءه يكون له عظيم الأجر عند الله عزَّ وجلَّ!!
لو نظر إليه بشوق كانت نظرته هذه تعادل أجر معتكف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة عام، كما ورد في الأثر المعلوم:
{نظرةٌ في وجهِ أخٍ في الله على شوقٍ خيرٌ من اعتكاف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاماً}
جعل مصافحة المسلم تساوي الحج إلى بيت الله، وتساوي الصلاة، لأن أجر الحج كمال قال فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود).
وإذا صافحت أخاك في الله في الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم:
{إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا صَافَحَ أَخَاهُ تَحَاتَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ} (سنن البيهقي وكشف الأستار).
يغفر الله لكليهما لمجرد المصافحة، فكأنه يضارع حج بيت الله الحرام،
لأن المصافحة أجرها مغفرة جميع الذنوب والآثام إكراماً من الله وتشجيعاً لخلق الله على توطيد العلاقات بين المؤمنين في كل وقت وحين.
إذا ألقى عليه السلام كان له حسنات، وتنزلت بينهما الرحمات،
وإذا عاده وهو مريض كان له بساتين في الجنة،
وإذ شيَّع جنازته له قيراط من الأجر والثواب
وإذا صلى عليه كان له قيراط آخر،
والقيراط كجبل أحد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ} (صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند الإمام أحمد).
وإذا عزَّى أهله كان له مثل أجرهم:
{مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ} (سنن الترمذي وابن ماجة).
جعل كل الأحوال التي تتعلق بالمؤمنين، والحركات معهم بأجور وفيرة عند رب العالمين:
لو تبسمت له كانت البسمة صدقة لك،
ولو كلمته كلمة طيبة كانت الكلمة الطيبة صدقة لك.
أيُّ أجرٍ أعظمُ عند الله؟ الأجور التي تتعلق بحقوق المؤمنين في الله جلَّ في علاه لا يساويه أجرُ قيام الليل ولا صيام النهار.
إذا أصلحت بين اثنين متخاصمين، اسمع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: {أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ} (سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وابن حبان)،
الإصلاح بين المؤمنين خير من أعمال البر هذه التي عددها سيد الأولين والآخرين.
وهذا ما أمرنا به الله ورسوله وهو توطيد العلاقات بين المؤمنين، والإخلاص بين قلوب الموحدين، وتدعيم الرابطة بين عباد الله المؤمنين، والعمل بقول الله في كتابه المبين:
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ [103آل عمران].
🤲نسأل الله سبحانه أن يفقهنا في ديننا، وأن يهمنا الصواب في العمل يا رب العالمين 🤲🤲
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة صفحة الخطب الإلهامية
أو
الدخول على موقع فضيلة
الشيخ فوزي محمد أبوزيد