التاجر الأمين

التاجر الأمين
=============///////
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ/
فوزي محمد أبوزيد
***************************
الحمد لله رب العالمين .. الذي انعم علينا بهداه، وملاء قلوبنا بتقواه، وجعلنا من خير امة اخرجت للناس.
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. جميل يحب الجمال!!!
يحب الجمال في العبادات
ويحب اشرف الخصال في مكارم الأخلاق
ويحب اكمل العادات بين المسلمين
ويحب الألفة والترابط والشفقة والرحمة والمودة في مجتمع المؤمنين على الدوام.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، اصطفاه الله عز وجل وحباه وادناه، ورقَّاه حسًّا ومعنى، واعلا شأنه وجعله خاتم رسل الله ، وجعل دينه جامعاً لكل الخلال وجميل الخصال ولكل التشريعات والقوانين التي تسعد البشرية الى ان يرث الله الأرض ومن عليها.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، ذو الخلق العظيم وآله الذين مشوا على نهجه الكريم، واصحابه الذين عاونوه على نشر شعائر هذا الدين العظيم، ومن تبعهم بإحسان من التابعين ومن سلفنا الصالح والعلماء العاملين، وعلينا معهم أجمعين، بمنِّك وكرمك وجودك يا رب العالمين
ايها الأحبة جماعة المؤمنين :
أمر الله عز وجل المؤمنين أن يتحرُّوا المطعم الحلال في كل أحوالهم في الحصول على أرزاقهم، وفي اجتلاب مكاسبهم وطيباتهم ... فقال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" (البقرة 172)
وركَّز الله عز وجل على ذلك في أسواقهم، لأن الأسواق هي التي عليها المدار في الأرزاق.
ولذا عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلَّم من مكة إلى المدينة وجد أن الأسواق كلها في أيدي اليهود، وخاصة ما لا غنى للناس عنه:
- من تجارة الحبوب التي يأكلونها،
- وتجارة السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم،
- وتجارة الذهب الذي تتحلى به النساء .
☆ فأول شيء فعله صلى الله عليه وسلَّم - بعد بناء مسجده، وبعد هجرته إلى المدينة - أن اختار مكاناً واسعاً في المدينة واختَّطه سوقاً للمسلمين، ووزَّع عليهم الأماكن وقال لهم:
♡ (يا معشر المؤمنين، إن أهل مكة يجيدون التجارة فاستفيدوا بهم، واجعلوا المسلمين يغتنون ولا يحتاجون إلى التعامل مع اليهود).
فخطَّ السوق الإسلامي، وجعل التاجر المسلم يسعى لمنفعة المؤمنين، ويجلب المصالح التي في أمسِّ الحاجة إليها لإخوانه المؤمنين، ويجعل محلَّ نظره الأول: (رضاء رب العالمين) و (اغتناء إخوانه المؤمنين).
وإذا بارك الله عز وجل له بعد ذلك، فإن القليل يُغني عن الكثير، ويجعل الله عزَّ وجلَّ فيه البركة والخير الوفير والرزق الكثير ... قال صلى الله عليه وسلم - عندما سئل:
-------- (( أيُّ الكسب أطيب؟؟ )) --------
فقال صلى الله عليه وسلم:
☆ "عَمَلُ الرّّجُلِ بيده، وَكلُّ بَيعٍ مَبرُور"
(الحاكم والبزار عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه)
وهذا ما كان عليه مجتمع المؤمنين!!!
◇ وبيَّن صلى الله عليه وسلَّم للتجار ما ينبغي عليهم تجنبه حتى تكون أرزاقهم حلالاً، وأعمالهم مقبولة عند ذي الجلال والإكرام.
☆ فقال لهم صلى الله عليه وسلم معلِّماً لهم آداب البيع والشراء: --- ♡ " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحِقت بركة بيعهما".
ثم نهاهم عن الاحتكار ...
وهذا الاحتكار جعله النبي صلى الله عليه وسلَّم كبيرة من الكبائر، وقال فيه صلى الله عليه وسلَّم - ليُعلمنا شدَّة وقع هذا الجُرم على صاحبه في الدنيا والآخرة:
☆ (لا يحتكر إلا خاطئ)
[مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما]
أخطأ طريق الجنة !!!.
ثم بيَّن ما يحدث له في دنياه، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (من احتكر على الناس طعاماً ـ وفي رواية: قوتاً ـ ضربه الله عزَّ وجلَّ بالجذام والإفلاس)
[أحمد وابن ماجة عن عمر رضي الله عنه].
أما في الآخرة فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم:
☆ (من احتكر طعاماً على المؤمنين أربعين يوماً فقد برئ من الله، وبرئ الله عزَّ وجلَّ منه)
[البيهقي والحاكم وأبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما]
¤ فأصبح طريقه إلى جهنَّم وبئس القرار،
ولذا كان المؤمنون الأولون لا يصنعون ذلك أبداً.
إخواني المؤمنين:
اعلموا علم اليقين أنه لن يسعد آخر هذه الأمة إلا بما سعد به الأولون
ولن يُكتب لهذا الدين نجاح وفلاح في العالم الذي حولنا إلا اذا اتبعنا هدي نبيٍّنا وأصحابه المباركين الذين صاروا على نهجه واقتدوا بهداه.
أخي المؤمن:
كل واحد منا له رسالة كلفه بها الله نحو دين الله، ليس التكليف قائماً على العبادات فقط
أنت مكلف بأن تُظهر جمال الإسلام لغير المسلمين .. يروا فيك الأخلاق الكريمة التي يحبُّها الله، والتي امتدح بها حبيبه ومصطفاه.
ومن هنا .. نجد أن الذي قام بالرسالة خير قيام وهدى الأنام في كل مكان الى دين الله ، ليس العلماء الذين يتحدثون بألسنتهم ، ولا العبّاد الذين يكثرون من العبادات وطاعة ربهم ..
☆ وإنما الذي فتح البلاد الإسلامية العظمى هم ( التجار)
إندونيسيا ونيجريا وماليزيا .. وغيرها من الدول
كيف دخلوا في دين الله عز وجل؟
ذهب اليهم التجار لجلب البضائع للمسلمين فرأوا:
- أمانتهم وصدقهم في القول،
- ووفاءهم في العهد
- ورضائهم بالقليل من الربح
◇ رأوا منهم اخلاقا كريمة!!!!
لم يشهدوا أيَّ نوعٍ من انواع العشّ بأي صنف من الاصناف
لم يشهدوا شائبة من الشوائب التي يعلمونها عن من يعملون في هذا المجال فأعجبوا بهم
♡ كيف تخلقتم بهذه الاخلاق وهذا المنهاج؟؟
فأشاروا إلي دين الله !!! .. فكان علي ايديهم دخول أهل هذه البلاد في دين الله عز وجل افواجاً.
◇ هؤلاء هم التجار الذين ربَّاهم النبي الأمين، وجعلهم خدمةً لمجتمعهم، يسعون إلى منافع إخوانهم، وبسِّر ذلك ينزِّل الله البركة في أرزاقهم، فيغنيهم الله عزَّ وجلَّ في الدنيا ويسعدهم في الدار الآخرة،
ويقول فيهم صلى الله عليه وسلَّم:
"التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة"
(الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه)
◇ أو كما قال، (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، الذي هدانا بفضله إليه، واوصلنا بنوره اليه، وجعلنا من اهل الزُّلفى بين يديه، ونسأله سبحانه وتعالى ان يثبتنا علي ذلك حتي نلقاه، ويتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحقُّ الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، الصادق الوعد الامين
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك علي سيدنا محمد، صلاة تقربنا بها اليك، وتجعلنا من اهل الشفاعة العظمى والحظوة الكبرى يوم الدين بين يديك، وترزقنا بها جواره في جنة النعيم اجمعين .. آمين آمين يا رب العالمين ... أما بعد
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم السوق ذات يومٍ ليبيِّن للتجار، فرأى الناس يتبايعون، فقال:
♡ "يا معشر التجار، فاستجابوا ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارًا إلا من اتقى الله وبر وصدق".
(الترمذي وابن ماجة والحاكم عن رفاعة بن رافع)
ثم دخل صلَّى الله عليه وسلَّم السوق ومرَّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ♡ ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ،
◇ قال: أصابته السماء يا رسول الله،
♡ قال: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟!!
♡ ( من غشّ فليس مني).
وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم :
♡ (من غشنا فليس منا )
( مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه )
انبه اخواني المؤمنين إلي أمرٍ جلل وإلي سرٍّ خطير ..
وهو أن الانسان الذي لا يرضى بالحلال الذي قدره له الله ويحاول أن يزيد في ارزاقه بحرام حرمه الله ..
‐ فيلجأ الي الغش في البيع
- أو يلجأ إلي قول الزور
- أو يلجأ إلي الأيمان الكاذبة في ترويج تجارته
- أو يلجأ الى غيرها من طرق الحيل والخدع التي لا تعد وكثير منا يعلمها جيداً
◇ ما نتيجة ذلك ؟
قدر الله عز وجل لمن يفعل ذلك أن لا يوفق لانفاق ماله فيما يرضى الله، ويسلطه الله علي إهلاكه فيما يغضب الله ... فيشتري به نار جهنم ولظى - والعياذ بالله عز وجل
هذا إلي جانب سوء الخاتمة والعياذ بالله عز وجل
فأنا كل من وقع في المحظورات التي حذرنا منها الله ونبه عليها رسول الله في التجارة لا يوفّقك للنطق بالشهادتين عند الموت
◇ كان رجل يعاني سكرات الموت فإذا تحدثوا معه في أي شأن تحدث معهم، فإذا لقنوه الشهادتين توقف لسانه عن الكلام .. فلما رأوا ذلك ذهبوا إلي الإمام أبي حنيفة النعمان رضى الله عنه - وكان عالماً ووليًّا وذا بصيرة نورانية - فقال: أذهب معكم إليه ..
◇ فلما ذهب اليه نظر اليه فأشار الرجل بأصبعيه إلى السقف .. فنظر الامام الي السقف فوجد فيه قفة معلقة فقال: أنزلوها .. فوجد فيها كيلين؛ احدهما صغير يبيع به للناس، والآخر كبير يشتري به من الناس .. فقال:
◇ هذا هو الذي منعه من النطق بالشهادتين !!! لان الله قال في القران :
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ )
(١- ٥:المطففين)
فنسال الله عز وجل أن يصلح احوالنا ....
🤲🤲 ثم .. الدعاء 🤲🤲

و للمزيد من الخطب .. الرجا:
١- متابعة صفحة الخطب الإلهامية
٢- الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد