حسن أحمد حسين العجوز



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حسن أحمد حسين العجوز

حسن أحمد حسين العجوز

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حسن أحمد حسين العجوز

منتدى علوم ومعارف ولطائف وإشارات عرفانية



    ليلة القدر ليلة المنح الإلهية خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1942
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    ليلة القدر ليلة المنح الإلهية خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد Empty ليلة القدر ليلة المنح الإلهية خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين يوليو 04, 2016 10:58 pm

    الحمد لله ربِّ العالمين، وسعنا بعظيم نُعماه، وأغدق علينا من سماء برِّه أنواره العلية وضياه، وجعل أجسامنا ترتع في النعم الظاهرة، وقلوبنا تتمرغ في الأنوار الإلهية الباطنة. سبحانه .. سبحانه، يتجلى باسمه الكريم على الصائمين، فلا يدع باباً للخير إلا ويدخلهم فيه، ولا يترك خزينة من خزائن برِّه إلا ويعطيهم منها، ولا يدع لهم ذنباً فعلوه إلا غفره بمنِّه وفضله ورحمته. 
    وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، رحيم بعباده المؤمنين، ورحمن لهم وللخلق أجمعين، نادى في قرآنه الكريم عباده المذنبين والتائبين، والراجين لفضله في كل وقت وحين، فقال لهم أجمعين: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (156الأعراف).
    وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وخليلُه، أعطاه الله عزَّ وجلَّ ما لم يعط أحداً من النبييين والمرسلين، ومن أجله أعطى أمته ما لم يعط مثيله لأي أمة من العالمين. 
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، كنز الحق الملئ بالأنوار الإلهية، والعطايا الربانية، واجعل لنا أجمعين نصيباً في الدنيا من عطائه، ونصيباً في الآخرة من شفاعته، واحشرنا أجمعين في زمرته في جنة النعيم، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين.
    أيها الأحبة جماعة المؤمنين: 
    إن فضل الله عزَّ وجلَّ علينا معشر الصائمين لا يعدُّ ولا يحدّ، ولا يستطيع أحدٌ من الأولين ولا الآخرين - مهما أوتي من بيان وفصاحة لسان – أن يبين ذرة من فضل الله عزَّ وجلَّ علينا جماعة الصائمين. 
    يكفينا أن نعلم أن الله عزَّ وجلَّ جعل هذا الشهر معرضاً لرحمته التي تنزل بها لأمة سيدنا محمدٍ أجمعين، والتي نرجو أن نكون منهم في الدنيا ومعهم يوم الدين.
    وسع الله هذه الأمة بفضله، فجعل لجميع الصائمين .. أن الله عزَّ وجلَّ يغفر ما مضى من الذنوب، ويجعل أوقاتهم كلها طاعات، حتى نومهم الذي يستعينون به على قيام الليل جعله تسبيحات، وجعل نفقاتهم على أهليهم وأولادهم أجوراً مضاعفات، وجعل دعواتهم في شهر رمضان كلها مستجابات. قال صلى الله عليه وسلَّم: 
    (نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف){1}
    وقال صلى الله عليه وسلم عن نفقة الصائم:
    (نفقة الصائم على أهله في رمضان كالنفقة في سبيل الله؛ الدرهم بسبعمائة ألف درهم){2}
    وجعل الله عزَّ وجلَّ لائحة الأجور الإلهية فيه مضاعفة أضعافاً كثيرة؛ فالفريضة فيه تعدل سبعين فريضة فيما سواه في الأجر والثواب، والنافلة فيه تساوي فريضة فيما سواه عند يوم الحساب بين يدي الكريم الوهاب، والنفقة فيه أفضل النفقات، والصدقة فيه لمن يفعلها هي أكرم الصدقات. قيل: يا رسول الله، ما أفضل الصدقة؟ قال: 
    (صدقة المؤمن في شهر رمضان){3}
    ثم زادنا الله عزَّ وجلَّ من إكرامه وبرِّه فجعل لأهل الخصوصية منحاً إلهية يوزعها عليهم في الليالي القدرية في العشر الأواخر من شهر رمضان:
    منا من يعطيه الله عزَّ وجلَّ ثواباً خيراً من عمل ألف شهر في طاعة الله وعبادته، كلها عبادة خالصة مقبولة عند الله، وهذا لمن حافظ على صلاة الفجر وصلاة العشاء في جماعة في العشر الأواخر من رمضان، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    (من صلَّى العشاء في جماعة والفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله){4}
    وقوله صلى الله عليه وسلم: 
    (من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر){5}.
    أما الذي يحيي هذه الليالي في طاعة الله بالصلاة والذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير لله، والاستغفار لله، والصلاة والتسليم على حبيب الله ومصطفاه، والتدبر والتلاوة مع الترتيل لكتاب الله .. فهؤلاء لهم أجور تصلهم فوراً مباشرة من حضرة الله عزَّ وجلَّ على يدي ملائكة الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
    (إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة ومعه ثلاثة ألوية: لواء ينصبه على ظهر الكعبة، ولواء ينصبه على ظهر بيت المقدس، ولواء ينصبه على مسجدي هذا){6}.
    ثم يأمرهم فيتفرقون .. (فلا يدعون عبداً لله قائماً أو قاعد، راكعاً أو ساجد، إلا ويسلمون عليه ويصافحونه){7}.
    (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر) (سورة القدر) 
    وناهيك بعبد بُلِّغَ السلام على يد الملائكة الكرام من حضرة السلام الأجلِّ الأعزُّ عزَّ وجلَّ!! من يُبلَّغ بهذا السلام فإنه حتماً سيختم الله له في الدنيا بخاتمة الحسنى:
    (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) 
    (27إبراهيم)
    ويكون يوم القيامة مع الذين يقول فيهم الله:
    (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ. تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ. يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ. خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) 
    (23: 26المطففين)
    أما من كفَّ جوارحه وأعضاءه عن الذنوب والآثام، واعتكف في هذه الأيام الكريمة متفرغاً لطاعة الملك العلام، فهذا له ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر!!
    بعضهم يكرمه الله عزَّ وجلَّ بلحظة صفاء في قلبه، فتنقشع الحجب ويرى ما وراء الأستار، ويطالع عوالم الأنوار، ويدخل في قول الله:
    (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75الأنعام)
    فيصل إلى مقام الإيقان، فيفتح له أبواب السموات فيراها بعين قلبه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهم ذات صباح:
    { كيف أصبحت يا حارثة؟ فقال: أصبحت مؤمنا حقا، قال: إن لكل إيمان حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأظمأت نهاري، وأسهرت ليلي، وكأني بعرش ربي بارزا، وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعمون، وأهل النار يعذبون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبت فالزم، مؤمن نور الله قلبه}{8} 
    هذا وصل إلى حقيقة التقوى التي أمرنا بها الله، ومن أجلها فرض علينا الصيام، وقال في الغاية منه:
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183البقرة)
    أي تصلوا إلى هذا المقام العظيم في تقوى الله جلَّ وعلا.
    ومن السعداء في هذه الليالي المباركة الذين دائماً وأبداً تمتليء شغاف قلوبهم بحب حبيب الله ومصطفاه، ويودون في كل أنفاسهم أن يرفع الحجاب عن أعين بصائرهم ليتمتعوا بالنظر إلى جمال الله الذي أفاضه على حبيبه ومصطفاه .. 
    هؤلاء يقوى وجدهم، ويشتد هيامهم، وتنقشع البراقع كلها والسحب – سحب الأغيار – عن قلوبهم، حتى يظهر الحبيب صلى الله عليه وسلم لهم، يبلغهم السلام من السلام عزَّ وجلَّ.
    قوم يتلقون السلام من الملائكة الكرام، وقوم يتلقون السلام من الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. في هذه الليلة المباركة تتوزع العطايا الإلهية بكافة أنواعها على المجدين في طاعة ربِّ العالمين:
    منهم من يفتح الله عزَّ وجلَّ له باب الإلهام فيعلمه علماً من لدنه:
    (يْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) (65الكهف)
    فيمتليء قلبه بالعلوم الإلهية النازلة الفورية، ويُنطق الله بها لسانه لمن يتقبلها ويحبها من عباده المؤمنين.
    ومنهم من يجعل الله له نوراً من نوره في سريرته، فينظر بنور الله، وينطق بتوفيق الله، وفيهم يقول صلى الله عليه وسلم:
    (احذروا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، وينطق بتوفيق الله){9}
    ومنهم .. ومنهم، إلى ما لا نهاية للإكرامات، ولا عدَّ لهذه العطاءات. نسأل الله عزّض وجلَّ أن نكون من أهلها أجمعين. قال صلى الله عليه وسلم: 
    (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه){10}
    فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)
    {1} رواه البيهقي في "شعب الإيمان" عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه
    {2} رواه ابن سعد وذكره في الفتح الكبير عن حمزة.
    {3} أخرجه الترمذي عن أنس
    {4} رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن عثمان رضي الله عنه بلفظ: (مَنْ صَلَّىٰ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلِهِ، وَمَنْ صَلَّىٰ الْصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْل كُلَّهُ)
    {5} رواه الطبراني في معجمه الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه
    {6} البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما
    {7} رواه ابن حبان في الثواب والبيهقي عن ابن عباس
    {8} الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: مختصر البزار - الصفحة أو الرقم: 1/75
    {9} الطبري وأبو الشيخ وأبو نعيم في حلية الأولياء
    {10} رواه الجماعة إلا ابن ماجه

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 3:11 pm