يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يتنزل الله تبارك وتعالى كل ليلة، حين يمضي ثلث الليل}{1}، ويقول عن ليلة النصف من شعبان: {فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا}{2}. ما الفرق بين تنزله سبحانه وتعالى في كل ليلة وبين نزوله في ليلة النصف من شعبان؟
تنزل الله سبحانه وتعالى في كل ليلة في الثُلث الأخير من الليل، لمن يحرص على إحياء الوقت بالطاعات والعبادات والقربات، وهم الذين قال الله فيهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 17، 18الذاريات
وهم قومٌ لا يُحسُّون ولا يستشعرون بطعم المنام، إنما يريدون أن يتذوقوا دوماً مناجاة الله عزَّ وجلَّ والناس نيام. وهؤلاء قلة قليلة، وهم أهل صفوة الله من عباده الذين يُحيون هذا الوقت، فيخصُّهم الله بهذا الفضل وهذا الإقبال وهذا العطاء وهذا النوال
لكن ليلة النصف من شعبان يسع الله بإكرامه فيها كل عباده لأنه يتنزل فيها من غروب الشمس، يعني من لحظة المغرب، فالعباد كلهم في يقظة، وكلهم في انتباه، وكلهم جاهزون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ}{3}
ففي ليلة النصف من شعبان زيادة في الخير والكرم والعطاء تجمع كل المسلمين من الأدنى إلى المقربين. لكن في الثُلث الأخير من الليل خصوصية لا يُوفق الله لها إلا نفراً من المخلصين، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن نكون منهم أجمعين
{1} شرح السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه
{2} سنن ابن ماجة عن علي رضي الله عنه
{3} سنن ابن ماجة عن عبد الله بن قيس رضي الله عنه