كل الأمراض النفسية وكل الأمراض العصبية منشأها من عدم التوازن في حياة هذا الإنسان، فإذا كان الإنسان متوازناً في حياته، متوازناً في سلوكه فإن الله عزَّ وجلّ يحفظه من الأمراض النفسية والعصبية.
كيف يحقق هذا التوازن؟ بأن يقيم علاقة بينه وبين الله ويكون ذلك في الصلاة التي أتى بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
نحن والحمد لله كلنا نؤدي الصلاة، لكننا نؤديها والمطلوب منا أن نقيم علاقة بيننا وبين الله يعني عندما يقف الإنسان بين يدي الله يناجيه يتكلم فيسمعه ربه، ويتكلم الله عزَّ وجلّ فيسمعه،
{ قَالَ الله تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ. وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ)، قَالَ الله تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، قَالَ الله تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي - وفى رواية: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي - فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، قَالَ: هذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، قَالَ: هذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ}
(صحيح مسلم وكثير غيره عن أبى هريرة رضي الله عنه).
يعني مناجاة تدور بين الإنسان وبين الله عزَّ وجلّ .
إن الإنسان الذي تعتريه مشكلات كثيرة في دنيا الناس يتعب ويكد ويكدح ليقابل المسئول وبمجرد أن يحظى بمقابلة المسئول عن هذه المشكلة ويعرضها عليه حتى ولو لم يحلها وإنما يعطيه وعداً بحلها تذوب همومه وكربه وضيقه ويخرج منشرح الصدر، والله عزَّ وجلّ يطلب منك أن لا تلجأ إلى سواه وأن تعرض عليه كل الأمور التي تلم بك في هذه الحياة وهو يحلها بطريقته الخاصة، لكن لا تشك ولا ترتاب لأنه يرزق من يشاء بغير حساب، لو أقام الإنسان منا علاقة بينه وبين مولاه.
حافظ على إقامة الصلاة، فحافظ على الخشوع والخضوع بين يدي الله في الصلاة إن مثل هذا لن تنتابه أمراضاً عصبية ولن يعكر صفوه مشكلة نفسية ولن تجد شيئاً يعكر باله بل يعيش هانئ النفس، مرتاح البال وماذا يبقى لعبد لا يحتاج إلى شئ إلا ويقول يا ربَّ فيجد الله عزَّ وجلّ قد فرج كربه وقد قضى حاجته في الحال، مثل هذا كيف يعتريه الملل؟ مثل هذا كيف يصيبه هم أو نصب؟
كان صلَّى الله عليه وسلَّم كما تروي عنه السيدة عائشة رضي الله عنهَا وأرضاها أنه صلَّى الله عليه وسلَّم:
{كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ}
(سنن أبى داوود والإمام أحمد والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنهُ)، فيرفع الله عنه الهمَّ ويكشف الله عنه الكرب.
وقال الله عزَّ وجلّ لنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا:
(اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ) (153البقرة).
استعينوا على أمور الدنيا وعلى المشاكل وعلى الأرزاق وعلى كل شئ بالله عزَّ وجلّ.