وكان صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سواء الصدر والبطن،
وفي ظهره مقابل قلبه على اليسار خاتم النبوة،
وخاتم النبوة كان دم متجمع فوقه شعرات
مكتوب بهذه الشعرات: (توجه حيث شئت فإنك منصور).
ولذلك سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه كان أبوه من كبار أثرياء فارس، وكان يُعتبر المشرف على عبادة النار، لكن سيدنا سلمان لم يرقه ذلك ودخل في المسيحية، وذهب إلى دير، وبعد أن مات الراهب الذي في الدير انتقل إلى ديـر آخر، ودير ثالث، وقال للراهب في هذا الدير الأخير: لمن أذهب بعدك؟ قال: أَيْ بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ، قَالَ سلمان: ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا، فَقُلْتُ لَهُمْ تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ، قَالُوا: نَعَمْ، وَحَمَلُونِي، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى، ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا، فَكُنْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ، قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَابْتَاعَنِي مِنْهُ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي، فَأَقَمْتُ بِهَا وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ لَا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ، وَسَيِّدِي جَالِسٌ، إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: فُلَانُ قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ الْآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ، حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي، قَالَ: وَنَزَلْتُ عَنِ النَّخْلَةِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ: مَاذَا تَقُولُ؟ مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ: فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا! أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قَالَ: فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُكَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا، قَالَ: فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَاتَانِ اثْنَتَانِ، قال: ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ، هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي؟ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اسْتَدَرْتُهُ، عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي، قَالَ: فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَحَوَّلْ، فَتَحَوَّلْتُ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي، قَالَ: فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ.
ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: كَاتِبْ يَا سَلْمَان،ُ فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْقفيز وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: أَعِينُوا أَخَاكُمْ، فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ، الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ يَعْنِي: الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيّ،َ فَفَقَّرْتُ لَهَا، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَعِي إِلَيْهَا، فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ، مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ، وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ، قَالَ: فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ قَالَ: خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ، قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ وَعُتِقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ .
ولذلك السيدة أسماء بنت عميس رضي الله عنها عندما انتقل النبي صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الرفيق الأعلى، وبعض الصحابة من شدة الدهش لم يُصدق أن النبي مات، فقالت: أدخلوني عليه، فأدخلوها، فتحسست موضع الخاتم فلم تجده، فخرجت وقالت: مات رسول الله صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأن خاتم النبوة قد رُفع، فكان خاتم النبوة لرسول الله صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مقابل القلب في الجهة اليسرى من ظهره، وكان صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مؤيد بذلك من رب العزة عزوجل.
الحديث عن رسول الله صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ طويل، ومبهج للقلب، ومريح للفؤاد، وحلو للروح.
نسأل الله عزوجل أن يُكرمنا بالحبيب، وأن يجعل لنا من حضرته أوفى نصيب، وأن يجعله مشرقاً بنوره في قلوبنا لا يغيب، وأن يجعلنا بين يديه في الدنيا في طاعته وسُنته، وتحت لواء شفاعته يوم الدين، وأن يرزقنا جواره في جنة النعيم، وأن يجعلنا من الذين يتشبهون به في كل أحوالهم، ويقتفون أثره في كل حركاتهم وسكناتهم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A/