البهنسا .... أرض مباركة .... دُفن بها ما يقرب من 5000 صحابي و تابعي شهيد من شهداء الفتح الإسلامي ـ في محافظة المنيا بصعيد مصر ـ في مصر.
شهدت البهنسا صفحات مجيدة من تاريخ الفتح الإسلامى لمصر ،حيث يُطلق عليها مدينة الشهداء لكثرة من اسُتشهد فيها خلال الفتح الإسلامى . وقد شرُفت بالعديد من الصحابة وزوجاتهم وأبنائهم ممن حضروا مع الرسول " صلى الله عليه وسلم " معركة بــدر.
في عام «22 هجرية» أرسل «عمرو بن العاص» جيشا لفتح الصعيد بقيادة «قيس بن الحارث» وعندما وصل إلي البهنسا، كانت ذات أسوار منيعة وأبواب حصينة، كما أن حاميتها الرومانية قاومت جيش المسلمين بشدة، مما أدي إلي سقوط عدد كبير من الشهداء المسلمين، وهو ما كان سببا في قدسية المدينة داخل نفوس أهلها الذين أطلقوا عليها «مدينة الشهداء» تبركًا والتماسًا للكرامات.
فى قرية البهنسا الواقعة فى مدينة بنى مزار بالمنيا ..كانت أكبر قلاع وحصون الرومان المحتلين فى مصر , وبعد أن فتح عمرو بن العاص شمال مصر توجه الى الجنوب فهو باب الدخول الى افريقيا لنشر الاسلام فيها ,وعلم الرومان بقدوم جيش المسلمين فجمعوا جيشا من ثمانين الف جندى , واستمرت المعارك حتى تحصن الباقى من جيش الرومان فى القلعة , فحاصرها المسلمون ستة أشهر وكان من أمراء المسلمين القعقاع بن عمرو وعبدالرزاق الأنصارى والفضل بن عباس وجعفر بن عقيل ومحمد بن عبدالرحمن بن ابى بكر .وقدم المسلمون بطولات خارقة وتضحيات كثيرة حتى انتصروا على الرومان كما جاء فى كتاب فتح الشام للواقدى ..حيث أفرد المؤلف الجزء الثانى كله لفتح البهنسا لما فيها من بذل وعطاء وبطولات تشعر المرء بعظمة ايمانهم وقوة يقينهم وحبهم للشهادة.وأقف على مشارف الجبانة للسلام وأقرأ الفاتحة وبداخلى وأعماقى أتمنى أن يقرأوا هم لى الفاتحة ..وأن أسألهم الدعاء فهم أحياء عند ربهم يرزقون ...قدموا من المدينة المنورة وخاضوا غمار معارك نشر الدعوة وضحوا بأرواحهم طمعا فى الفردوس , ودفنوا هنا بعيدا عن ديارهم بآلاف الأميال ...لم يطمعوا فى جاه ولا منصب ولا سلطان ..لم يطمعوا فى قصر ولا سيارة ولا طائرة ولا حزب ولا ملايين ..جاءوا وضحوا بأرواحهم من أجل نصرة الحق ولم يهمهم أين يدفنون ..فالجسد وعاء الروح والروح ستصعد الى الله
في البهنسا غربا بجوار مسجد «علي الجمام» تقع جبانة المسلمين التي يوجد فيها وحولها عدد كبير من القباب والأضرحة التي تنسب للصحابة والتابعين والعلماء الذين زاروا المدينة في أوقات سابقة، تعرف ما إذا كانت مسجلة ضمن الآثار الإسلامية أم لا من اللوحة التعريفية الموضوعة أمامها.
البهنسا خاصة التي عليها مدار فضائل السادة الشهداء لأن بتربتها خمسة آلاف صحابي وحضر فتح البهنسا نحو سبعين بدريًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زيارتها تعظم الأجور وقد زارها جماعة من العراق مثل بشر الحافي وسري السقطي ومالك بن دينار وسحنون وزارها من أقصى المغرب أبو مدين وشعيب وأبو الحجاج وأبو عبد الله وزارها الفضيل بن عياض.
و لأخبار البهنسا و تاريخها الكثير ... فراجعها في بعض كتب التاريخ ....
فضائلها و بعض من اخبارها :
و روي أن إقليم البهنسا أكثر بركة من جميع الأرض كلها، وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس بعد مكة والمدينة والأرض المقدسة والطور أرض مباركة إلا أرض مصر والبركة هي في الجانب الغربي " . قال: ولعلها البهنسا.
وكان علي بن الحسن يقول: إنه ليس بأرض مصر بالوجه القبلي أرض مباركة ولا أكثر بركة من أرض البهنسا.
وكان أبو علي النوري إذا أتى أرض البهنسا وأتى الجبانة ينزع ثيابه ويتمرغ في الرمل ويقول: يا لك من بقعة طالما ثار غبارك في سبيل الله.
وكان أبو علي الدقاق إذا مر بجبانة البهنسا يقول: يا لك من بقعة ضمت أعضاء رجال وأي رجال طالما عرقت وجوههم في سبيل الله وقتلوا في سبيل الله ومرضاته.
وقيل الحسن بن صالح: لم اخترت هذه البلدة على غيرها. فقال: كيف لا آوي إلى بلد أوى إليها روح الله وكلمته "عيسى" وينزل على جبانتها كل يوم ألف رحمة.
ولما ولى عبد الله بن طاهر مصر تجهز وأتى إلى البهنسا، فلما قرب من الجبانة "مقابر الصحابة هناك" ترجل عن جواده وترجل من معه .....وكان الوالي عليها عبد الله بن الحسن الجعفري فخرج ماشيا وسلم عليه، ولما وصل إلى الجبانة قال: ((السلام عليكم يا أحياء الدارين وخير الفريقين، ثم التفت إلى أصحابه وقال: إن هذه الجبانة ينزل عليها كل يوم مائة رحمة لو أنها تزف بأهلها إلى الجنة، ومن زارها تتساقط عنه ذنوبه كما يتساقط الورق من على الشجر في يوم ريح عاصف)) . فكان عبد الله بعد ذلك كل يوم يخرج حافيا فيزورها حتى مات ودفن رحمه الله.
قال الراوي: حدثني رجل من أرض البهنسا من أهل الخير والصلاح يسمى عبد الرحمن بن ظهير . قال: كان لي جار مسرف على نفسه ومات ودفن قريبا من الشهداء الذين بالجانب الغربي، فبينما أنا نائم تلك الليلة فرأيته وإذا عليه ثياب من السندس الأخضر وعليه تاج من الجواهر وهو في قبة من نور وحوله جماعة لم أر أحسن منهم وجها ولا ثوبا متقلدين بسيوف وهو بينهم فسلمت عليهم وقلت له: يا هذا لقد سرني ما رأيت من حالك. فقال: يا هذا لقد نزلت بجوار قوم يحمون النزيل في الدنيا من العار، وكيف لا يحمونه في الآخرة من النار وقد استوهبوني من العزيز الغفار غافر الذنوب والأوزار وأسكنني جنات تجري من تحتها الأنهار.
قال ذو النون المصري رضي الله عنه:
كنت في كل سنة آتي إلى البهنسا وأزور الجبانة لما رأيت في ذلك من الأجر والثواب فحصل لي في سنة من السنين عارض منعني من زيارتها، فبينما أنا نائم ليلة من الليالي إذ رأيت رجالا لم أر أحسن منهم وجوها ولا أنقى ثيابا على خيول شهب وبأيديهم رايات خضر ووجوههم تتلألأ أنوارا فسلموا علي وقالوا: قد أوحشتنا يا ذا النون في هذه السنة وإن لم تزرنا زرناك.
فقلت لهم: من أنتم.
فقالوا: نحن الشهداء الأخيار أصحاب محمد المختار بالبهنسا كنا بأرض الروم لنصرة المسلمين على أعداء الله الكافرين فمررنا بك لنسلم عليك وننظر ما سبب انقطاعك عنا.
فقال ذو النون لهم : في أي أرض أنتم.
قالوا: نحن سكان جبانة البهنسا ولك علينا حقوق الزيارة لأنك من أهل الإشارة.
فقال لهم: يا سادتي إني لا أعود وحبل الوصال بيننا ممدود، وما كنت أعلم أنكم تعلمون من زار، وما كنت أظن في نفسي أنني بهذا المقدار.
قالو يا ذو النون اما تعلم ان "الشهداء احياء عند ربهم يرزقون" آل عمران169 و بهذا نطق الكتاب المكنون.
قال ذو النون : ثم تركوني و مضوا فاستيقظت و في قلبي لهب النار فطوبى لمن زار هؤلاء السادات الاخيار.