ما جاء به رسولكم الكريم من عند الله من الهدي والنور، لا يبغى به مُلْكاً، ولا يسأل به مالاً، ولا يطلب به جاهاً عند الناس، ولا شيئاً من دنيا الناس وإنما يبغى به رضاء الله عز وجل وعلى مثل هذا الأمر من الثَّبات على المبدأ ربَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه
فهذا زوج ابنته العاص بن الربيع يرجع من بلاد الشام يقود قافلة كبيرة للمشركين، فهداه الله للإسلام وهو في الطريق، فدخل المدينة وقد تمكن الإيمان من شغاف قلبه، فأشار عليه بعض ضعفاء النفوس،
بأنك ما دمت قد آمنت فقد حلَّت لك أموال القافلة وبضاعتها غنيمة، فأخذته الحمِّية الإيمانية وصاح قائلاً: يا قوم ما كنت أبدأ عهدي مع الله ورسوله بالخيانة.
وذهب إلى مكة، وجمع أهلها وقال: يا أهل مكة، ماذا تعرفون عنِّي؟ن فقالوا: لا نعلم عنك إلا خيراً، فقال: هذه بضاعتكم، وهذه أموالكم، وسلَّم كل واحد منهم أماناته، ثم قال: هل بقى لأحد منكم شيئاً؟ فقالوا: لا وجزأك الله خيراًن قال: أُشْهدكم يا أهل مكة إنني آمنت بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.
فالثبات على المبدأ أساس الإيمان، والإيمان يا إخواني ليس العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج فقط، وإنما الإيمان جملة الأخلاق التي جاء بها الله عز وجل في كتابه، وجملة المعاملات التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وجملة الآداب التي ملئوا بها الأرض علماً ونوراً بعد أن كانت تزخر ظلماً وجوراً.
هذا هو الإيمان الذي علَّمه رسولكم الكريم لأصحابه رضي الله عنهم، ولذا عندما فُتحت لهم البلدان، عُرضت عليهم الدنيا، ووقعت في أيديهم الأموال، وطلبتهم المناصب فلم يلتفتوا إلى شئ من ذلك كله، طلباً لمرضاة الله عزَّ وجلَّ، وكذلك عند تعرضَّهم للفتن والبلاء لا يرضون لغير الله بدلاً،
فهذا رجل أمر رسولكم الكريم أصحابه أن يخاصموه، فلا يكلِّموه، ولا يلقوا السلام عليه، ولا يردُّوا عليه السلام، بل وأمر زوجته ألا تخدمه. لماذا؟
لأنه تخلَّف عن معركة حربية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلَّف عن غزوة تبوك. وهو كعب بن مالك الشاعر.
بينما هو ذات يوماً يمشي في السوق، وحاله ورفاقه وصفه الله عز وجل حيث قال سبحانه:
(حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) (118التوبة).
إذا برجل رومي يسأل عنه ويقول: أين كعب بن مالك الشاعر؟
فدلّوه عليه، قال: ماذا تريد؟ قال: معي رسالة لك من ملك الروم وسلَّمها له، ففضَّ الرسالة وقرأها فإذا بها: (من هِرقل قَيّصر الرُّوم إلى كعب بن مالك الشاعر بلغنا أن صاحبك قَلاَك "أي أبغضك" فأسرع إلينا نُهَيِّئ لك العيش السعيد والحياة الرغيدة)
فما كان منه إلى أن مزَّق الكتاب وقال: وهذا أيضاً من جملة المصائب التي أتت عليِّن فلم يفرح بما عرضه عليه ملك الروم من العيش الرغيد في الدنيا، لأنه يُوقن بقول الله عز وجل:
(وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (17الأعلى).
لم تفتنهم الدنيا بزخرفها، ولم تغرّهم بشهواتها، ولم تغيِّر أخلاقهم بأطماعها، وإنما يتمسكون بشرع الله، ويتبعون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طلباً لمرضاة الله تعالى.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية المولد النبوي الشريف} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=eOFz0zxXaAE
فهذا زوج ابنته العاص بن الربيع يرجع من بلاد الشام يقود قافلة كبيرة للمشركين، فهداه الله للإسلام وهو في الطريق، فدخل المدينة وقد تمكن الإيمان من شغاف قلبه، فأشار عليه بعض ضعفاء النفوس،
بأنك ما دمت قد آمنت فقد حلَّت لك أموال القافلة وبضاعتها غنيمة، فأخذته الحمِّية الإيمانية وصاح قائلاً: يا قوم ما كنت أبدأ عهدي مع الله ورسوله بالخيانة.
وذهب إلى مكة، وجمع أهلها وقال: يا أهل مكة، ماذا تعرفون عنِّي؟ن فقالوا: لا نعلم عنك إلا خيراً، فقال: هذه بضاعتكم، وهذه أموالكم، وسلَّم كل واحد منهم أماناته، ثم قال: هل بقى لأحد منكم شيئاً؟ فقالوا: لا وجزأك الله خيراًن قال: أُشْهدكم يا أهل مكة إنني آمنت بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.
فالثبات على المبدأ أساس الإيمان، والإيمان يا إخواني ليس العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج فقط، وإنما الإيمان جملة الأخلاق التي جاء بها الله عز وجل في كتابه، وجملة المعاملات التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وجملة الآداب التي ملئوا بها الأرض علماً ونوراً بعد أن كانت تزخر ظلماً وجوراً.
هذا هو الإيمان الذي علَّمه رسولكم الكريم لأصحابه رضي الله عنهم، ولذا عندما فُتحت لهم البلدان، عُرضت عليهم الدنيا، ووقعت في أيديهم الأموال، وطلبتهم المناصب فلم يلتفتوا إلى شئ من ذلك كله، طلباً لمرضاة الله عزَّ وجلَّ، وكذلك عند تعرضَّهم للفتن والبلاء لا يرضون لغير الله بدلاً،
فهذا رجل أمر رسولكم الكريم أصحابه أن يخاصموه، فلا يكلِّموه، ولا يلقوا السلام عليه، ولا يردُّوا عليه السلام، بل وأمر زوجته ألا تخدمه. لماذا؟
لأنه تخلَّف عن معركة حربية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلَّف عن غزوة تبوك. وهو كعب بن مالك الشاعر.
بينما هو ذات يوماً يمشي في السوق، وحاله ورفاقه وصفه الله عز وجل حيث قال سبحانه:
(حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) (118التوبة).
إذا برجل رومي يسأل عنه ويقول: أين كعب بن مالك الشاعر؟
فدلّوه عليه، قال: ماذا تريد؟ قال: معي رسالة لك من ملك الروم وسلَّمها له، ففضَّ الرسالة وقرأها فإذا بها: (من هِرقل قَيّصر الرُّوم إلى كعب بن مالك الشاعر بلغنا أن صاحبك قَلاَك "أي أبغضك" فأسرع إلينا نُهَيِّئ لك العيش السعيد والحياة الرغيدة)
فما كان منه إلى أن مزَّق الكتاب وقال: وهذا أيضاً من جملة المصائب التي أتت عليِّن فلم يفرح بما عرضه عليه ملك الروم من العيش الرغيد في الدنيا، لأنه يُوقن بقول الله عز وجل:
(وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (17الأعلى).
لم تفتنهم الدنيا بزخرفها، ولم تغرّهم بشهواتها، ولم تغيِّر أخلاقهم بأطماعها، وإنما يتمسكون بشرع الله، ويتبعون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طلباً لمرضاة الله تعالى.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية المولد النبوي الشريف} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=eOFz0zxXaAE