حسن أحمد حسين العجوز



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حسن أحمد حسين العجوز

حسن أحمد حسين العجوز

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حسن أحمد حسين العجوز

منتدى علوم ومعارف ولطائف وإشارات عرفانية



    كيف نصل إلى خشية الله وتعظيمه ؟

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1942
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    كيف نصل إلى خشية الله وتعظيمه ؟ Empty كيف نصل إلى خشية الله وتعظيمه ؟

    مُساهمة من طرف Admin الخميس ديسمبر 03, 2015 6:09 am

    لا شكَّ أن تعظيمَ اللهِ عز وجل من أجلِ العباداتِ القلبيةِ التي تَظْهَرُ آثارُها على الجوارحِ من خلالِ المسارعةِ إلى كلِّ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضَاهُ منَ الأقوالِ والأفعالِ الظاهرةِ والباطنةِ. فلولا وجودُ نوعِ تعظيمٍ للهِ عز وجل في القلبِ لما صبرَ الناسُ على طاعةِ اللهِ، وعن معصيةِ اللهِ، وعلى أقدارِ اللهِ المؤلمةِ.. وعلى قَدْرِ تعظيمِ اللهِ تعالى في القلبِ يكونُ إحسانُ العبادةِ وإتمامُها وإكمالُها وإتقانُها.. وهناك وسائل كثيرة لتعظيمِ اللهِ تعالى منها:
    1 - إفرادُ اللهِ سبحانَه بالوحدانيةِ:
    فيشهد العبدُ انفرادَ اللهِ تعالى بالخلقِ والحُكْمِ، وأن ما شاء كان وما لم يشا لم يكنْ، وأنه لا تتحركُ ذرةٌ إلا بإذنِه، وأنَّ الخلقَ مقهورونَ تحتَ قبضَتِهِ، وأنه ما من قلبٍ إلا وهو بين أصبعينِ من أصابِعِهِ، إنْ شاءَ اللهُ أن يُقِيمَهُ أقَامَهُ، وإنْ شاءَ أن يُزِيغَهُ أزَاغَهُ، فالقلوبُ بيدِهِ، وهو مُقَلِّبُهَا ومُصَرِّفُهَا كيفَ شاءَ وكيفَ أرادَ، وأنَّه هو الذي آتَى نفوسَ المؤمنينَ تَقْوَاهَا، وهو الذي هَداهَا وزكَّاهَا، وأَلْهَمَ نُفوسَ الفُجَّارِ فُجُورَهَا وَأَشْقَاهَا، من يهدِ اللهَ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هَادِيَ له، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بفضْلِهِ ورحمَتِهِ، ويُضِلُّ من يشاءُ بعدلِهِ وحِكْمَتِهِ {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23]».
    فإذا شاهدَ العبدُ ذلك، واستقرَّ في قلبِهِ إفرادُ اللهِ تعالى بالوحدانيةِ، فأوْرَثَه ذلك ـ ولا بدَّ ـ تعظيمَ اللهِ عز وجل، فاتخذ اللهَ وحدَه إلهًا ومعبودًا، وأحبَّ ما يحبُّه الله، وأبغضَ ما يبغضُه اللهُ، وأعطى للهِ، ومنع للهِ، ووالى في اللهِ، وعادى في اللهِ، فهذا التوحيدُ هو الذي من أجلِهِ أُرْسِلَتِ الرُّسلُ، وأُنْزِلَتِ الكتبُ، وخُلِقَ الخلقُ، وقَامَتْ سوقُ الجهادِ على ساقٍ.
    قال ابنُ قيمِ رحمه الله في منزلةِ التعظيمِ: «هذه المنزلةُ تابعةٌ للمعرفةِ، فعلى قَدْرِ المعرفةِ يكونُ تعظيمُ الربِّ تعالى في القلبِ، وأعرفُ الناسِ به، أشدُّهم له تعظيمًا وإجلالًا، وقد ذمَّ اللهُ تعالى من لم يُعَظِّمْه حقَّ عظمتِه، ولا عرفَه حقَّ معرفتِه، ولا وَصَفَهُ حقَّ صِفَتِه، فقال: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارً} [نوح:13]، قال ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ: «لا ترجُونَ للهِ عظمةً». وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ: «ما لكم لا تعظِّمُونَ اللهَ حقَّ عظمَتِه».
    2 - تدبُّر معاني أسماءِ اللهِ تعالى وصفاتِه:
    فأسماءُ اللهِ تعالى كلُّهَا حُسْنَى، وكلُّها تدلُّ على الكمالِ المطلقِ، والحمدِ المطلقِ، وكلُّهَا مشتقةٌ من أوصَافِها، فتدبرُ معاني هذه الأسماءِ وما تُوجِبُهُ من آثارٍ من وسائلِ تعظيمِ اللهِ عز وجل قال تعالى: {ولِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180]، وقد ثبتَ في الصحيحينِ من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ ﷺ أنَّه قالَ: {إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أَحْصَاهَا دخلَ الجنةَ} أي من حَفِظَها وفهمَ معانِيها ومدلولَها، وأثْنَى على اللهِ بها، وسأَلَهُ بها، واعْتَقَدَها دخلَ الجنةَ، والجنةُ لا يدخُلُها إلا المؤمنونَ، فعُلِمَ أنَّ ذلك أعظمُ ينبوعٍ ومادةٍ لحصولِ الإيمانِ وقوتِهِ وثباتِهِ 3 - تدبر القرآن:
    قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:23]، فهذا دليلٌ على أن تدبرَ القرآنِ العظيمَ يورثُ الخشيةَ والتعظيمَ للهِ سبحانه وتعالى، قال ابنُ قيمِ: «فليسَ شيءٌ أنفعُ للعبدِ في معاشِه ومعادِه، وأقربُ إلى نجاتِه من تدبرِ القرآنِ، وإطالةِ التأملِ فيه، وجمعِ الفكرِ على معانِي آياتِهِ، فإنَّها تُطْلِعُ العبدَ على معالمِ الخيرِ والشرِّ بحذافِيرِها، وعلى طرقَاتِهِمَا وأسبابِهِمَا وغاياتِهِمَا وثمراتِهِمَا، ومآلِ أهلِهِمَا، وتُتِلُّ في يدِهِ مفاتيحَ كنوزِ السعادةِ والعلومِ النافعةِ، وتُثَبِّتُ قواعدَ الإيمانِ في قلبِه، وتُشَيِّدُ بنيانَه، وتُوَطِّدُ أركانَه، وتُرِيهِ صورةَ الدنيا والآخِرَةَ، والجنةِ والنارِ في قلبِه، وتُحْضِرُه بينَ الأممِ، وتُرِيهِ أيَّامَ اللهِ فيهم، وتبصِّرُه مواقِعَ العِبَرِ، وتُشْهِدُهُ عدلَ اللهِ وفَضْلِهِ، وتُعَرِّفُهُ ذاتَهُ، وأَسْمَاءَهُ وصِفَاتِهُ وأَفْعَالَهُ، وما يحبُّهُ وما يبغضُه، وصراطَه الموصِّلَ إليه، وما لسالِكِيه بعدَ الوصولِ والقدومِ عليه، وقواطعَ الطريقِ وآفاتِها»
    وقد قال الله تعالى في وصفِ كتابِه: {لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21]، فإذا كانَ هذا تأثيرُ القرآنِ على الجبالِ، فكيفَ يكونُ تأثيرُه على قلبِ المؤمنِ؟ قال جعفرُ: «سمعتُ مالكَ بن دينارٍ قرأَ: {لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ ..} الآية، ثم قالَ: أقسمُ لكم لا يؤمنُ عبدٌ بهذا القرآنِ إلا صُدِعَ قلبُه» .
    وعن ثابتٍ البنانيِّ أنه قرأ: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة:7]، قال: تأكلُه إلى فؤادِه وهو حيٌّ، ثم بكَى وأبكَى من حَوْلَه.
    ونواصل النقل معكم لاحقا إن شاء الله.. وصل اللهم وسلم وبارك وأنعم على سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين.. ﷺ
    ..
     - التأملُ في سننِ اللهِ عز وجل:
    ومن وسائلِ تعظيمِ الله ?: التأملُ في سننِه التي لا تتبدلُ ولا تتغيرُ ومن هذهِ السننِ:
    سُنَّةُ الدفْعِ:
    {فهزمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة:251].
    وسُنَّةُ التداولِ: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}
    [آل عمران:140].
    وسنةُ الابتلاءِ: {أَلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [العنكبوت:1 - 3].
    وسنةُ التغييرِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوامَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد:11].
    وسنةُ نصرِ المؤمنينَ إذا حَقَّقُوا الشرطَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، وغير ذلك من السنن.
    فلا شكَّ أنَّ التأملَ في هذهِ السننِ وغيرِها مما يورثُ تعظيمَ اللهِ في القلوبِ، لأنه يؤدِّي إلى حقيقةٍ مفادُها أنَّ لهذا الكونِ إلهًا عظيمًا قادرًا، له مقاليدُ كلِّ شيءٍ، ولا يُعْجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، غيرَ أنه سبحانه وتعالى قد سَيَّرَ هذا الكونَ بما فيه وَفْقَ نظامٍ مُحكمٍ وقوانينَ ثابتةٍ لا تتبدلُ ولا تتغيرُ.
     - معرفةُ بعضِ جوانبِ الإعجازِ العلميِّ في القرآنِ والسنةِ:
    ومثالُ ذلكَ قولُ اللهِ تعالى: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:12]، قال الدكتور زغلولٌ النجارُ: «من الآياتِ الوصفيةِ المبهرةِ قولُ الحقِّ تبارك وتعالى في سورةِ الطارقِ: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} فهذا قسمٌ عظيمٌ لحقيقةٍ كونيةٍ مبهرةٍ لم يُدْرِكْها العلماءُ إلَّا في النِّصفِ الأخيرِ من القرنِ العشرينَ.
    فالأرضُ التي نَحْيَا عليها لها غلافٌ صَخْرِيٌّ خارجيٌّ، هذا الغلافُ مُمَزَّقٌ بشبكةٍ هائلةٍ من الصُّدوعِ، تمتدُّ لمئاتِ الآلافِ من الكيلومتراتِ طولًا وعرضًا، بعمقٍ يتراوحُ ما بين 65 كيلومترًا و150 كيلومترًا في كلِّ الاتجاهات.
    ومن الغريبِ أن هذه الصدوعَ مرتبطةٌ ببعضِها البعضِ ارتباطًا يجعلُها كأنَّها صدعٌ واحدٌ، يُشَبِّهُهُ العلماءُ باللِّحامِ على كرةِ التنسِ.
    وانطلاقًا من ذلك يُقْسِمُ اللهُ تعالى بهذه الحقيقةِ الكونيةِ المبهرةِ، التي لم يَسْتَطِعْ العلماءُ أن يدركُوا أبعادَها إلا بعدَ الحربِ العالميَّةِ الثانِيَةِ، واستمرتْ دراستُهم لها لأكثر من عشرينَ سنةً متصلةً من 1945 م - 1965 م حتى استطاعُوا أن يرسمُوا هذه الصدوعَ بالكاملِ، والقرآنُ الكريمُ كانَ قد سبقَ إدراكَهم بأكثرِ من ألفٍ وأربعمائةٍ من السنينَ بقولِ الحقِّ تبارك وتعالى: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}».. فلا شكَّ أنْ تأمُّلَ مثلَ هذهِ الحقائقِ العلميةِ الموافقةِ للقرآنِ الكريمِ مما يُقَوِّي جانبَ تعظيمِ اللهِ سبحانه وتعالى في النفسِ.
     - التأملُ في دلائلِ الحكمةِ الإلهيةِ:
    فهو سبحانه وتعالى الحكيمُ الذي بَهَرَتْ حكمتُه الألبابَ، وهو سبحانه لم يخلُقْ شيئًا عبثًا ولا سدىً، وله الحكمةُ البالغةُ في كلِّ ما قدَّرَهُ وقَضَاهُ من خيرٍ وشرٍّ وطاعةٍ ومعصيةٍ، وحِكَمُهُ سبحانه باهرةٌ تَعْجَزُ العقولُ عن الإحاطةِ بكُنْهها، وتَكِلُّ الألسنُ عن التعبيرِ عنها.
    وللهِ في كلِّ تحريكةٍ ... وتسكينةٍ أبدًا شاهدُ
    وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ ... تدلُّ على أنه واحدُ
    وحظُّ العبدِ في نفسِه وما يخصُّه من شهودِ هذهِ الحكمةِ فبحَسَبِ استعدادِه وقوةِ بصيرتِه، وكمالِ علمِه ومعرفتِه باللهِ وأسمائِه وصفاتِه، ومعرفتِه بحقوقِ العبوديةِ والربوبيةِ. وكلُّ مؤمنٍ له من ذلك شِربٌ معلومٌ، ومقامٌ لا يتعدَّاه ولا يتخطَّاه، واللهُ الموفقُ والمعينُ.
     - محاسبةُ النفسِ:
    من وسائلِ تعظيمِ اللهِ عز وجل: «محاسبةُ النفسِ» وذلكَ لأنَّ من أركانِ المحاسبةِ المقايسةِ بينَ ما كانَ من اللهِ من نعمٍ وإمهالٍ وسِتْرٍ وإفضالٍ وما من العبدِ من غفلةٍ وجهلٍ ومعصيةٍ.
    قال ابنُ قيمِ: «وبهذه المقايسةِ تعلمُ أن الربَّ ربٌّ والعبدَ عبدٌ، ويتبينُ لك حقيقةُ النفسِ وصفاتِها، وعظمةُ جلالِ الربوبيةِ، وتفرُّدُ الربِّ بالكمالِ والإفضالِ، وأنَّ كلَّ نعمةٍ منه فضلٌ، وكلَّ نقمةٍ منه عدلٌ، وأنتَ قبلَ هذه المقايسةِ جاهلٌ بحقيقةِ نفسِكَ، وبربوبيةِ فاطِرِها وخالِقِها ...»

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 3:07 pm