تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي | | وما دروا أن حبي صغته بدمي
|
أستغفر الله ما ليلى بفاتنتي | | ولا سعاد ولا الجيران في أضم
|
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم | | أف لقلب جمود غير مضطرم
|
منحت حبي خير الناس قاطبة | | برغم من أنفه لا زال في الرغم
|
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه | | وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
|
شهم تشيد به الدنيا برمتها | | على المنائر من عرب ومن عجم
|
أحيا بك الله أرواحا قد اندثرت | | في تربة الوهم بين الكأس والصنم
|
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت | | وأبدعت وروت ما قلت للأمم
|
ربيت جيلا أبيا مؤمنا يقظا | | حسو شريعتك الغراء في نهم
|
محابر وسجلات وأندية | | وأحرف وقواف كن في صمم
|
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر | | ومن علي ومن عثمان ذو الرحم ؟
|
من خالد من صلاح الدين قبلك | | من مالك ومن النعمان في القمم ؟
|
من البخاري ومن أهل الصحاح | | ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحكم ؟
|
من ابن حنبل فينا وابن تيمية | | بل الملايين أهل الفضل والشمم ؟
|
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا | | أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
|
ينام كسرى على الديباج ممتلئا | | كبرا وطوق بالقينات والخدم
|
لا هم يحمله لا دين يحكمه | | على كؤوس الخنا في ليل منسجم
|
أما العروبة أشلاء ممزقة | | من التسلط والأهواء والغشم
|
فجئت يا منقذ الإنسان من | | خطر كالبدر لما يجلي حالك الظلم
|
أقبلت بالحق يجتث الضلال | | فلا يلقى عدوك إلا علقم الندم
|
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة | | والهندواني في الأعناق واللمم
|
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم | | دربا وأبعدهم عن ريبة التهم
|
بيت من الطين بالقرآن تعمره | | تبا لقصر منيف بات في نغم
|
طعامك التمر والخبز الشعير | | وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
|
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته | | إن بات غيرك عبد الشحم والتخم
|
لما أتتك { قم الليل } استجبت لها | | العين تغفو وأما القلب لم ينم
|
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته | | حتى تغلغلت الأورام في القدم
|
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى | | ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
|
الليل تسهره بالوحي تعمره | | وشيبتك بهود آية { استقم }
|
تسير وفق مراد الله في ثقة | | ترعاك عين إله حافظ حكم
|
فوضت أمرك للديان مصطبرا | | بصدق نفس وعزم غير منثلم
|
ولَّى أبوك عن الدنيا ولم تره | | وأنت مرتهن لا زلت في الرحم
|
وماتت الأم لمّا أن أنست بها | | ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
|
ومات جدك من بعد الولوع به | | فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
|
فجاء عمك حصنا تستكن به | | فاختاره الموت والأعداء في الأجم
|
ترمى وتؤذى بأصناف العذاب | | فما رئيت في كوب جبار ومنتقم
|
حتى على كتفيك الطاهرين رموا | | سلا الجزور بكف المشرك القزم
|
أما خديجة من أعطتك بهجتها | | وألبستك ثياب العطف والكرم
|
عدت إلى جنة الباري ورحمته | | فأسلمتك لجرح غير ملتئم
|
والقلب أفعم من حب لعائشة | | ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
|
وشج وجهك ثم الجيش في أحد | | يعود ما بين مقتول ومنهزم
|
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به | | حياتك بات الأمر كالعدم
|
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما | | رأيت من لوعة كبرى ومن ألم
|
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب | | في عزم متقد في وجه مبتسم
|
بنيت بالصبر مجدا لا يماثله | | مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى
|
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت | | تهيم من غير لا هدى ولا علم
|
تعيش في ظلمات التيه دمرها | | ضعف الأخوة والإيمان والهمم
|
يوم مشرقة يوم مغربة | | تسعى النيل دواء من ذوي سقم
|
لن تهتدي أمة في غير منهجه | | مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
|
ملح أجاج سراب خادع خور | | ليست كمثل فرات سائغ طعم
|
إن أقفرت بلدة من نور سنته | | فطائر السعد لم يهوي ولم يحم
|
غنى فؤادي وذابت أحرفي | | خجلا ممن تألق في تبجيله كلمي
|
يا ليتني كنت فردا من صحابته | | أو خادما عنده من أصغر الخدم
|
تجود بالدمع عيني حين أذكره | | أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي
|
يا رب لا تحرمني من شفاعته | | في موقف مفزع بالهول متسم
|
ما أعذب الشعر في أجواء سيرته | | أكرم بمبتدأ منه ومختتم
|
أبدعت ميمية بالحب شاهدة | | أشدوا بها من جوار البيت والحرم
|
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت | | والفضل فيها لرب الجود والكرم
|
تغنيك رائعتي عن كل رائعة | | مما سيأتي ومما قيل في القدم
|
لأنها من سليل البيت أنشدها | | لجده في بديع الصوت والنغم
|
إن كان غيري له من حبكم نسب | | فلي أنا نسب الإيمان والرحم
|
إن حل في القلب أعلى منك منزلة | | في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
|
فمزق الله شرياني وأوردتي | | ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدمي |