والبعض أعاد تاريخ التسمية إلي عصر المماليك، وآخرون بالغوا وأرجعوها إلي العصر العباسي، وغيرهم نسبوها إلي »محمد علي« باشا. لكن حقيقة الحكاية تعود إلي سنة 1884 حين عَمَمَّت سلطات الاحتلال الإنجليزي المنشور ( رقم 68 لسنة 1884)باستبدال أماكن الوضوء في المساجد بصنابير متصلة بشبكة مياه الشرب النقية التي أقامتها. بناء على ( ما تقرر فى مجلس النظار عن مسألة المراحيض النقالى المقتضى إحداثها، وميض الجوامع اللازم استبدالها بحنفيات)، لاستخدام المياه النقية فى المساجد للوضوء بدلا من »الطاسة« تسهيلا على المصلين، ضمن شبكات عمومية لمياه الشرب والصرف الصحي بدأت الحكومة في تركيبها في المدن وأشرف عليها المهندسان»ويلكوكس« و«پرايس باي«، ولقي هذا التغيير في البداية معارضة مشايخ مذاهب الشافعية والمالكية والحنبلية »لاستبدال الميض التي ينال المتوضئون فيها بركة الشيخ الذي يفتتح الوضوء من مائها«، واعتبروا التغيير »بدعة«، وأيضا » لأن انتشارها في الشوارع أدى لوجود بِرَك ماء عندما تمر فيها العربات التي تجرها الخيول »تُطرطِش الطين« في وجوه المؤمنين«. لكن فقهاء »الحنفية« فضَّلوا الوضوء من الماء الجاري، لذا أطلق العامة إسم » الحنفية« على الصنبور. وانتشر اسم »الحنفية« بعد ذلك في بلدان عربية وإسلامية. وتضمن قرار مجلس النظار أيضا »إلزام ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال«، وتقرر استمرار استبدال الميض بحنفيات وعلى وجه السرعة. وأن تتم تجربة الطريقة الجديدة للمراحيض »في ثلاثة جوامع في مصر وجهتين أخريين بملاحظة نظارة الأشغال وبالاتفاق مع مهندس عموم الأوقاف لأجل معرفة مزاياها ومقدار تكاليفها«.
ـ ويقال أن السقايين في أنحاء المحروسة أصابهم ذعر واضطراب كبير من تلك الحنفيات، وكانت لهم نقابة كبيرة، وأعدادهم كثيرة، ولأن أرزاقهم باتت مهددة، فقد اجتمعوا وانتهوا إلي التصدي لذلك الخطر الداهم الذي يتهددهم، وتوصلوا إلى »فكرة ذكية وخبيثة«، وتوجهوا إلى أئمة المذاهب الأربعة لاستصدار فتوى بأن ماء مواسير المياه لايصلح للوضوء فصدقهم أئمة الشافعية والمالكية والحنابلة وأفتوا بأنه لايجوز الوضوء من ماء الصنابير. لكن أئمة المذهب الحنفى خذلوهم وأفتوا بأن الوضوء من ماء الصنبور مقبول بل ومستحب.
وحقيقة الأمر
برنامج 90 دقيقه مع عمرو الليثى
وكان مستضيفاً للشيخ الجليل سعد الدين الهلالى وقد اوضح ان المذاهب مختلفه وان الآخذ باى منها فيه رحمه وان المصريين اخذوا بمذهب الحنفيه مع ان الجمهور
ذهب الى ان اى ماء طاهر يعالج بماده وان كانت طاهره
لا يصلح للوضوء بمعنى _ وعلى حد قول الدكتور الهلالى _
ان الماء اذا دخل عليه كلور او شبه او شامبو او اى ماده كيمائيه والمعروف ان هذه المواد طاهره
لا يجوز استعمالها فى الوضوء فى مذاهب ( الحنابله والمالكيه والشافعيه ) اى ان جمهور الفقهاء اجمعوا على عدم جوازها وهذا معناه ان مياه الصنبور المعالجه ( مياه الشرب )
غير صالحه للوضوء ولكن المذهب الحنفى وجد انه جوز استخدامها
فلما ظهرت مياه الشرب فى مصر _ وهو شىء مستحدث _
عارض الحنابله والشافعه والمالكيه تلك الصنابر ( للوضوء )
والتى كانت تتبع آنذاك البلديه العموميه وهى مياه معالجة صالحه للشرب
ولكن رحمة الله واسعه لأن تفسير الحنفيه
اجاز الوضوء من تلك الصنابر التى كانت تتبع البلديه لذا فاطلق عليها المصريين اسم الحنفيه حنفية الميه العموميهلتيسير اتباع المذهب الحنفى آنذاك على الناس والتوسيع عليهم والا لما كانت دخلت المياه البيوت ولما توضأ الناس من ماء الشرب
اختلف الفقهاء في الماء الذي تغيرت أوصافه بسبب إضافة مواد كيميائية
له، فذهب المالكية والشافعية وأحمد في رواية إلى أنه طاهر في نفسه
ولكنه غير مطهر لغيره. ولكن في مقابل هؤلاء ذهب الحنفية وأحمد في
رواية إلى جواز التطهر بالماء المتغير بشيء من الطاهرات، مثل ماء الورد
لأنه يطلق عليه أنه ماء. قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد:
الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة التي تنفك منه
غالبا متى غيرت أحد أوصافه فإنه طاهر عند جميع العلماء غير مطهر عند
مالك والشافعي ومطهر عند أبي حنيفة ما لم يكن التغير عن طبخ.
وسبب اختلافهم هو خفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه أمثال
هذه الأشياء أعني هل يتناوله أو لا يتناوله ؟ فمن رأى أنه لا يتناوله اسم
الماء المطلق وإنما يضاف إلى الشيء الذي خالطه فيقال ماء كذا لا ماء
مطلق لم يجز الوضوء به إذ كان الوضوء إنما يكون بالماء المطلق ومن
رأى أنه يتناوله اسم الماء المطلق أجاز به الوضوء. أهـ
وقد استثنى الفقهاء تغير الماء بشيء يشق الاحتراز عنه كالطحالب وورق
الشجر، أو كان بطول مكث الماء في الأرض، أو كان بشيء لا يمازج الماء
كالدهن وقطع الكافور، أو كان بالرائحة المجاورة..
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية قول الحنفية المجيز، وذكر ابن قدامة
بعض أدلة الجواز فقال:
نقل عن أحمد جماعة من أصحابه منهم أبو الحارث و الميموني و إسحاق
بن منصور جواز الوضوء به وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه لأن الله
تعالى قال : "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا" [النساء/43] وهذا عام في كل ماء
لأنَّه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تعم، فلا يجوز التي
مع وجوده، وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم : في حديث أبي ذر
[التراب كافيك ما لم تجد الماء] وهذا واجد للماء، ولأنَّ النبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه كانوا يسافرون، وغالب أسقيتم الأدم، والغالب أنها تغير
الماء فلم ينقل عنهم تيمم مع وجود شيء من تلك المياه، ولأنه طهور
خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولا رقته ولا جريانه، فأشبه المتغير بالدهن. أهـ
واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بمجموعة من الأدلة منها:
أن المسلم إذا وكَّل آخر في شراء ماء، فاشترى ماء قد تغير بشيء طاهر،
فلا شيء عليه، وأيضا لو حلف المكلف أن لا يشرب ماء، فشرب من الماء
المتغير بطاهر فإنه يحنث؛ لأنه لا فرق بين الماء المتغير وغير المتغير في
جهة اللغة وعموم الاسم. "فعلم أن هذا النوع داخل في عموم الآية وقد ثبت
بسنة رسول الله أنه قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، والبحر
متغير الطعم تغيرا شديدا لشدة ملوحته، فإذا كان النبي قد أخبر أن ماءه
طهور مع هذا التغير كان ما هو أخف ملوحة منه أولى أن يكون طهورا،
وإن كان الملح وضع فيه قصدا إذ لا فرق بينهما في الاسم من جهة اللغة
وبهذا يظهر ضعف حجة المانعين" إلى غير ذلك من الأدلة التي ذكرها
شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى، وعلى هذا فالماء المتغير بإضافة بعض
المواد لإصلاحه أو إصلاح إنائه فيصح التطهر به، وأيضا يسعك مذهب
الحنفية، والذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية.
والله أعلم.