مهما تحدثنا ومهما تكلمنا فلن نستطيع إن ننوه بفضائل شهر رمضان علينا، لأن الله عزَّ وجلَّ أخفى أجر الصائمين فلا يطلع عليه ولا يعلمه إلا هو عزَّ وجلَّ،
حتى الملائكة الحفظة الكرام الكاتبين الذين يسجلون أعمالنا ويكتبون حركاتنا وسكناتنا لا يعلمون أجر الصيام فيرفعون الأمر إلى الله، ويتساءلون ويفوضون الأمر لحضرة الله، ماذا نسجل لعبادك المؤمنين من الثواب؟
، فيقول الله عزَّ وجلَّ لهم: {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ اللّهُ عزَّ وجلَّ: إِلاَّ الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ}(1)
يعني سجِّلوا عمله ولا تسجلوا ثواب عمله، فأنا الذي أحدد بذاتي وبعظمتي وبجمالاتي ثواب أجره على صيامه، لأنه يترك شهوته وشرابه وطعامه من أجلي
ولكن حسبنا أيها المسلمون والمسلمات أن نعلم بعض مقتطفات من فضائل هذا الشهر علينا، لنزيد هيبة له، وتعظيماً وإقبالاً عليه بالطاعات والخيرات، رجاءً في الثواب والفضل من الله عزَّ وجلَّ. فحسبنا أن السُّنَّة فيه تسجل لنا بفريضة فيما سواه، والفريضة فيه تكتب لنا بثواب سبعين فريضة فيما سواه.
ويكفينا أن الله عزَّ وجلَّ ينزل من لوحه المحفوظ في كل ليلة كشفاً به ستمائة ألف من الصائمين (2) موقَّع أسفل الكشف بخاتم رب العالمين: هؤلاء عتقاء الله عزَّ وجلَّ في هذه الليلة من النار، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نزل كشف يماثل جميع الكشوف التي نزلت خلال الشهر فضلاً من الله عزَّ وجلَّ وبركة على عباده المؤمنين.
وهذا العمل الكريم؛ وهو العتق من النيران وضمان دخول الجنان، بم يناله الرجل منا؟، بشئ يسير يقول فيه النبي الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم: { مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِماً كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ }(3)
إذا فطَّر الرجل منا عبداً صائماً في رمضان غفر الله له ذنوبه، وأعتق رقبته من النار، ونزل في كشوف الرضوان التي تنزل من حضرة الرحمن وفيها أسماء عتقاء الله من النيران، وكان له مثل أجر هذا الصائم
وإذا كان بعضنا يتعلل بأنه لا يجد ما يفطِّر الصائم عليه، فقد قالوا مثل ذلك لسيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: {يُعْطِي اللَّهُ هذا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِماً عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ عَلَى شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ}، فكون الإنسان منا يعطي صائماً تمرة أو يسقيه شربة ماءيغفر الله له ذنوبه ويعتق رقبته من النيران ويكون له مثل أجر الصائم
وأظن هذا أمر يسير علينا، وإن كانت النفوس كثر شحها في هذه الأيام رغم وفرة الخيرات وكثرة البركات
وقد كان آباؤنا الذين نعدهم في زماننا جهالاً كانوا علماء بالله وبدين الله، فقد كانوا يتنافسون في تلك الطاعات، ويحاول كل واحد منهم أن يفتح بيته في رمضان للفقراء والمساكين أو لذوي الأرحام، حتى تتأتى زيارة الأهل لأهلها، فتتوثق عرى المودة وتتجدد المحبة وتذهب الإحن من الصدور
هذا لمن يفطر الصائم على تمرة أو على شربة ماء، فما بالكم بمن يشبعه؟ ويجعله يأكل حتى يشبع يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: { وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِماً سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لاَ يَظْمَأ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ }(4)
وأظن الرجل الذي يمر عليه شهر رمضان ولا يشبع فيه صائماً بعد معرفة هذا الثواب العظيم عاجزاً ومحروماً من فضل الله عزَّ وجلَّ، لأنه أمر يسير وأجر كبير من العلي الكبير عزَّ وجلَّ.
[size="3"](1)رواه أحمد والنسائي والبخاري من حديث أبي هريرة رَضِيَ الله عنه.
(2)روى البيهقي عن الحسن مرسلاً : (إن لله تعالى عزَّ وجلَّ في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان آخر ليلة أعتق بعدد من مضى) .كنز العمال
(3)رواه ابن خزيمة والبيهقي من حديث سلمان رَضِيَ الله عنه.
(4)رواه أحمد عن أبي ذر.
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%CE%D8%C8%20%C7%E1%C5%E1%E5%C7%E3%ED%C9_%CC5_%D1%E3%D6%C7%E4_%E6%DA%ED%CF_%C7%E1%DD%D8%D1&id=39&cat=3
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_Khotab_elhameya_V5_Ramadan_Eid_elfeter.pdf&id=39"]
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج5_رمضان_وعيد_الفطر}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
[/URL]
https://www.youtube.com/watch?v=1yJ3vravuUo
أج[/size]