الرئيسية
جبر الخاطروأثرهفي توثيق الروابط الاجتماعية
خطبة الجمعةلفضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
الحمد لله رب العالمين الكريم في فعاله الحميد في خصاله العلىّ في أسماء عزته وجلاله وجماله وكماله ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أسس هذا الدين على مكارم الخلاق، وقد أنبأ بذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ فقال : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(رواه احمد عن ابي هريرة رضي الله عنه)
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، مدحه مولاه في كتابه عز وجلّ بأغلى شيءٍ يحبه واغلى شيءٍ يطلبه من الإنسان في كل زمان ومكان، فقال في شأنه في صريح القرآن : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (القلم:4) اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الذى تخلق بأخلاق القرآن واتصف بصفات عباد الرحمن وكان أسوة حسنة لجميع بنى الإنسان صلى اللهم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وكل من اتبع هُداه إلى يوم الدين .. آمين آمين يا رب العالمين ..
أما بعد
أيها الأخوة جماعة المؤمنين :
إن الإسلام الحنيف أسس هذا الدين على الروابط الاجتماعية بين المؤمنين والمؤمنات و يدعو إلى إقامة هذه الروابط وتشييدها بين ابناء المجتمع والتي قال فيها صلى الله عليه وسلمّ :( مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عُضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى )( رواه البخاري عن النعمان بن بشير) وكما يقول في الرواية الأخرى صلوات الله وسلامه عليه :
(الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ واحِدٍ، إنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ، وإنِ اشْتَكَى، رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ) ( رواه مسلم عن النعمان بن بشير )
يُحسّون ببعض و يشعرون بمشاعر بعض، ويتألمون لما يُصيب البعض ويفرحون للخير الذى يأتي للبعض ..
لا يعرف الإسلام حياة الانعزالية والتي بدأت تنتشر هذه الأيام في بلادنا الإسلامية، يقول الرجل : مالي وما للجيران ومالي وما للأقارب مادام لا يحتاج إلى مال يظن ان المال غاية كل شيء .. ظنّ ان المال يُغنيه عن الجيران ويغنيه عن الأصدقاء ويغنيه عن الأهل .
وهذا من مقت الله عز وجلّ لمن يفعل ذلك ..
وتذكرون جميعاً المثل الفريد الذى صنعه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمّ في المدينة عندما هاجر إليهم إخوانهم من مكة وتقاسموا معهم دورهم واموالهم وكل شيء لهم، وبعد فترة من الزمن جاءت غنيمة للمسلمين فاحضر رسول الله صلى الله عليه وسلمّ الأنصار وقال :
يا معشر الأنصار وقد حضر من فضل الله ما علمتم من الخير والغنائم فإن شئتم أعطيتكم واعطيت المهاجرين وتركتهم على ما اعطيتموهم من عندكم، وإن شئتم أعطيت المهاجرين وردّوا عليكم ما اعطيتموه لهم لأنهم خرجوا فقراء كما علمتم، فقالوا جميعاً في نفسٍ واحد :
لا يا رسول الله بل أعطيه كله للمهاجرين ولا نرجع عن شيءٍ أعطيناه لهم مرة ثانية، فأنزل الله فيهم وفي شانهم عز وجلّ :
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (الحشر:9) جعل الله عز وجلّ أعظم عبادات المؤمنين بعد الفرائض أعظم النوافل ليست قيام الليل ولا صيام الأيام الفاضلةاعظم النوافل عند الله جبر الخواطر
وهي التي يفعلها الإنسان من لسانه ومن قسمات وجهه لعباد الله المؤمنين والمؤمنات
وما اهون هذا الإنفاق وما اعلى هذا الإنفاق عند الكريم الخلاق عز وجلّ،
استمع إلى الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلمّ ويبين ذلك فيقول على سبيل المثال :( تبسمك في وجه أخيك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة )(رواه الترمذي عن ابي ذر رضي الله عنه)
مؤمن يسمع هذا فهل يكشّر في وجه اخيه او يقول كلمة جافية أو نابية لأخيه مهما كانت الظروف والله عز وجلّ يقول لنا في تعاملنا مع غير المسلمين قولوا لهم الكلام الحسن، اما المسلمين فيقول في شأنهم :
﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ (الحج:24) هدوا إلى القول الطيب لا يخرج منهم إلا الكلام الذى يعالج الآلام أو الذى يرفع الروح المعنوية للفقراء والضعفاء والأيتام أو التي يُخشّع المخادعين واللئام إذا أرادوا انتهاك عرض رجلٍ من المسلمين او المسلمات وانا حاضر 
بل إن رسول الله زاد في ذلك لمن هم يلتقون معاً في كل اسبوع مرة او في كل يوم مرة، فقال في شأنهم :( نظرة في وجه أخٍ لك في الله على شوقٍ خيرٌ من اعتكاف سنةٍ في مسجدي هذا )( رواه الترمذي في «نوادر الأصول»، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) 
فإذا صافحته بيديك ماذا له يا رسول الله ؟اسمعوا واعوا قال صلى الله عليه وسلمّ :
( إذا التقى المسلمان فتصافحا تحاتت ذنوبهما ــ يعنى نزلت ــ كما يتحاتّ ورق الشجر ) (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عن خذيفة رضي الله عنه) تنزل ذنوبهما من عليهما معاً كما ينزل ورق الشجر في فصل الخريف، لأنهما تصافحا لله وبالله عز وجلّ
ويقول صلى الله عليه وسلمّ في الحديث الآخر :
( مثل المؤمنين إذا التقيا كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى)(رواه ابو داود عن سلمان رضي الله عنه)، هذا يغسل هذا من ذنوبه وهذا يغسل هذا من ذنوبه ..
لماذا ؟
﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ ﴾ (الحجرات:13) قال صلى الله عليه وسلم:صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، والصَّدقةُ خُفيًا تُطفِئُ غضَبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرَةِ، وأهْلُ المُنكَرِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المُنكَرِ في الآخِرَةِ.(رواه الطبراني عن ام المؤمنين ام سلمة رضي الله عنها)
وقال صلى الله عليه وسلمّ :
(إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ) (رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه)قَالَ ابْنُ عُمَر رضي الله عنهماَ: " الْبِرُّ شَيْءٌ هَيِّنٌ ؛ وَجْهٌ طَلِيقٌ ، وَكَلَامٌ لَيِّنٌ . (رواه البيهقي في شُعب الإيمان) 
او كما قال :ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة **الخطبة الثانية **
الحمد لله رب العالمين وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ واعطنا الخير وادفع عنا الشر ونجنا واشفنا يا رب العالمين .. أما بعد فيا عباد الله جماعة المؤمنين :
ما احوجنا جميعا إلى أن نرجع إلى احوال نبينا واصحاب نبينا نجدد الحال الذي كانوا عليه فيما بينهم وبين بعضهملكننا نسينا جميعا في زحمة الحياة وغمرة مشاكلها حقوق اخواننا المؤمنينكل مؤمن له حق في رقبتك كبير والذي سيسأل عن هذا الحق هو العلي الكبير الذي اليه المرجع والمصير
وأول حق لك ولأخيك أن يكون بيننا جماعة المؤمنين دائما المودة والمحبة والعطف والشفقة والحنان والرحمة لأننا أحبة نحب إخواننا ويحب بعضنا بعض
لذلك لابد أن يتم التعارف بين المسلمين والمتعارفان هنا يشفعان في بعضهما يوم لقاء الله لقوله صلى الله عليه وسلمّ :"استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة" (رواه السيوطي عن أنس) يدخلون في شفاعة بعض ويشفعون عند الله عز وجلّ لبعضهم
لقول الله عز وجلّ :
﴿ الاخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) ﴾ ( الزخرف ) وقد سهّل الله عز وجلّ ما يقوى الروابط الاجتماعية ويجبر الخاطر بين المؤمنين والمؤمنات فقال صلى الله عليه وسلمّ : (صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمرن الديار، ويزدن في الأعمار)( رواه احمد في مسنده والبيهقي عن عائشة رضي الله عنهما) كيف تزيد في العمر والعمر مُحدد من عند الله ؟تجعل الطاعات التي يعملها الإنسان في سنة كالطاعات التي لا يستطيع فعلها غيره إلا في عشر سنين لأن المؤمن وفقه الموفق والمعين اعانه ببركة جبره للخواطر والذى يعود أخاه المريض ويجبر خاطره يقول في شأنه الرسول صلى الله عليه وسلمّ :(عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ)(رواه مسلم )يمشى إلى أخيه وكانه يمشى في وسط الجنة،
والذى يمشى إلى اخيه لصلة رحمه أو لبرّه لله وفي الله يقول الله عز وجلّ :﴿ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا ﴾ (الكهف:30) ولكن بشرط ..ما هو ؟
ان عملك هذا لله لا تطلب المقابل من عباد الله، ولا تطلب الردّ من خلق الله، فإذا زرته ليزورك فهذه مقابل هذه وليس لك عند الله من شيءوإذا عُدته في مرضه لأنه عادك في مرضك فقط ولن تقدّم نية لله حُرمت الأجر والثواب يوم لقاء الله عز وجلّ .
لكنك تقدّم مع ذلك النية بهذا العمل تلبية لأمر الله تنفيذاً لسنة رسول الله ورغبة في الثواب العظيم عند الله، ثم بعد ذلك تطيباً لقلب هذا العبد لأنه زارك أو لأنه جارك أو لأنه قريبك،
اقدم هذه النية أيضاً، لكن قبلها ما ذكرناه ليكون لنا الثواب العظيم عند الله عز وجلّ .
🤲🤲 ثم الدعاء 🤲🤲
وللمزيد من الخطبمتابعة صفحة الخطب الإلهامية
اوالدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيدِِِ