الرجوع في الهبة
====================
السؤال: إذا وهب الأب شيئًا لأحد الورثة قبل موته، فهل يجوز الرجوع عنه بعد موته؟
الهبة إذا كانت مسجلة وموثَّقة في الشهر العقاري بيعًا وشراءً فلا يستطيع أحد الرجوع عنها، لكن إذا كانت شفوية أو بعقد ابتدائي يحق للورثة عدم الرضا عنها والرجوع بشأنها، وهذه فيها شيء من العقوق لأبيهم لأنهم لا يريدون تنفيذ وصيته، لكن هذا حقهم.
لماذا؟
الإسلام علَّمنا أن أي شيء لا بد أن نوثقه، لكن الناس تساهلت بعدم التوثيق، لذلك أنت المسؤول.
الدولة تقريبًا في أوائل القرن العشرين أقرت وثيقة الزواج الرسمية، ولم تكن هناك وثيقة زواج قبل ذلك، كان الزوج يذهب لأهل الزوجة وإذا وافقوا يجلسوا مع بعضهم ويأتي اثنين شهود،
وأي شخص كان يعقد العقد، ولم يكن مأذون ولا غيره، ولا توجد ورقة تُكتب، ولا بصمة ولا توقيع، ولكن الناس كان الرجل منهم كلمته ميثاق وعهد لا يرجع فيها أبدًا ولو كان فيها حتفه وقتله، فكان الناس محافظون على العهود.
لذلك لم تكن هناك قائمة جهاز وأثاث وغيره، لكن كان أي رجل من المجتمع الإسلامي لا بد أن يُعطي زوجته حقوقها، يعني إذا وصل إلى أنه لا يريد معاشرتها فلا بد أن يعطيها حقوقها التي فرضها الله تبارك وتعالى.
وليس هذا وفقط، فكان الأتقياء منهم يعملون بقول الله تعالى: (يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا ) (3هود) يعني بعد أن يعطيها حقوقها يعطيها شيئًا من عنده متعة ليست مفروضة عليه حتى يعمل بالآيات القرآنية.
والرجل يتزوج ويقول أنا لم أتزوج، ويقول: هذا ليس ابني أوهذه ليست ابنتي، فأقروا تسجيل عقد الزواج.
ولما وجدوا أن التوقيع لا يكفي قالوا: لا بد من البصمة للزوجين، لماذا؟
زيادة في التوثيق، لماذا؟
لأن الأمانة قلَّت عند كثير من الناس.
فعندما يهب الأب شيء لا بد من تنفيذه، مثلًا
قال:: أنا لن أعطي لأخيكم ولا لأمكم، أنا سأعطي لزوجة أبيكم كذا، الأولاد البررة يقولون: لا بد أن نبر أبينا ونوفي بوصيته، مع أنها زوجة أبيهم وليست أمهم، لكن البر إنفاذ وصيته.
حدثت واقعة منذ عدة سنين في بلد بجوارنا بسبب شيء من ذلك، رجل مات وغطوه، وقبل دفنه حدثت مشادات بين الورثة وقامت بينهم معركة وأخذوا يضربون بعضهم بالنعال، وكانت النعال تصيب الرجل الميت المُغطى.
تريد أن تهب شيء لأحد وثِّقه بيع وشراء في الشهر العقاري، فلا يعترض على ذلك أحد لتضمن وصول الشيء الذي ترجوه، لكن الشفوي لم يعد ينفع في زماننا هذا أبدًا.
توجد أمور شرعية تُتخذ بعد الوفاة، فبعد الوفاة لا بد أن عمل إعلام وراثة، وإعلام الوراثة عبارة عن الإتيان بشاهدين يذهبا أمام القاضي ويقولا: إن فلان يرثه فلان وفلان وفلان.
وهناك قضايا كثيرة الآن مرفوعة لأنهم أسقطوا أحد الورثة من إعلام الوراثة، فيقوم برفع قضية أخرى وهكذا.
وبعد إعلام الوراثة إذا اختلف الورثة يتم رفع قضية أخرى اسمها فرز وتجنيب، نقول: أن فلان هذا يمتلك من المباني كذا، ومن الأرض الزراعية كذا، ومن العقارات كذا، وفي البنك كذا.
والبنك حاليًا يورِّث رسميًا، فالرجل إذا مات لا يُصرف مليمًا من البنك لورثته إلا بعد إعلام الوراثة، وكل واحد يخرج له شيك بميراثه الشرعي، والبنك يأخذ الخمس، وهكذا قوانين البنوك.
والأرض تتوزع بنفس الكيفية، يأتي خبير من وزارة العدل ويعاين البيت ويقدره ويعطي كل واحد حقه، هذا له حجرة وهذا له حجرتين، وهذا له شقة وهذا نصيبه في الميراث كذا.
أين الوصية هنا؟
لا وجود لها إذا كانت غير مسجلة، وهل يستطيع أحد أن يذكر الهبة؟
لا يوجد، فهذه كانت في الأيام الفاضلة عندما كان الناس حريصون على بر الوالدين، ولكنه الآن حريص على بر نفسه، ويظن أن بر نفسه بالدنيا فقط.
فإذا كان يريد أن يبر نفسه حقًا فيبدأ ببر الوالدين، لكنه يبحث عن الدنيا وليس له شأنٌ بغير ذلك.
لذلك أي شيء تريد أن تعمله لا بد أن توثقه في الشهر العقاري.
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
====================
السؤال: إذا وهب الأب شيئًا لأحد الورثة قبل موته، فهل يجوز الرجوع عنه بعد موته؟
الهبة إذا كانت مسجلة وموثَّقة في الشهر العقاري بيعًا وشراءً فلا يستطيع أحد الرجوع عنها، لكن إذا كانت شفوية أو بعقد ابتدائي يحق للورثة عدم الرضا عنها والرجوع بشأنها، وهذه فيها شيء من العقوق لأبيهم لأنهم لا يريدون تنفيذ وصيته، لكن هذا حقهم.
لماذا؟
الإسلام علَّمنا أن أي شيء لا بد أن نوثقه، لكن الناس تساهلت بعدم التوثيق، لذلك أنت المسؤول.
الدولة تقريبًا في أوائل القرن العشرين أقرت وثيقة الزواج الرسمية، ولم تكن هناك وثيقة زواج قبل ذلك، كان الزوج يذهب لأهل الزوجة وإذا وافقوا يجلسوا مع بعضهم ويأتي اثنين شهود،
وأي شخص كان يعقد العقد، ولم يكن مأذون ولا غيره، ولا توجد ورقة تُكتب، ولا بصمة ولا توقيع، ولكن الناس كان الرجل منهم كلمته ميثاق وعهد لا يرجع فيها أبدًا ولو كان فيها حتفه وقتله، فكان الناس محافظون على العهود.
لذلك لم تكن هناك قائمة جهاز وأثاث وغيره، لكن كان أي رجل من المجتمع الإسلامي لا بد أن يُعطي زوجته حقوقها، يعني إذا وصل إلى أنه لا يريد معاشرتها فلا بد أن يعطيها حقوقها التي فرضها الله تبارك وتعالى.
وليس هذا وفقط، فكان الأتقياء منهم يعملون بقول الله تعالى: (يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا ) (3هود) يعني بعد أن يعطيها حقوقها يعطيها شيئًا من عنده متعة ليست مفروضة عليه حتى يعمل بالآيات القرآنية.
والرجل يتزوج ويقول أنا لم أتزوج، ويقول: هذا ليس ابني أوهذه ليست ابنتي، فأقروا تسجيل عقد الزواج.
ولما وجدوا أن التوقيع لا يكفي قالوا: لا بد من البصمة للزوجين، لماذا؟
زيادة في التوثيق، لماذا؟
لأن الأمانة قلَّت عند كثير من الناس.
فعندما يهب الأب شيء لا بد من تنفيذه، مثلًا
قال:: أنا لن أعطي لأخيكم ولا لأمكم، أنا سأعطي لزوجة أبيكم كذا، الأولاد البررة يقولون: لا بد أن نبر أبينا ونوفي بوصيته، مع أنها زوجة أبيهم وليست أمهم، لكن البر إنفاذ وصيته.
حدثت واقعة منذ عدة سنين في بلد بجوارنا بسبب شيء من ذلك، رجل مات وغطوه، وقبل دفنه حدثت مشادات بين الورثة وقامت بينهم معركة وأخذوا يضربون بعضهم بالنعال، وكانت النعال تصيب الرجل الميت المُغطى.
تريد أن تهب شيء لأحد وثِّقه بيع وشراء في الشهر العقاري، فلا يعترض على ذلك أحد لتضمن وصول الشيء الذي ترجوه، لكن الشفوي لم يعد ينفع في زماننا هذا أبدًا.
توجد أمور شرعية تُتخذ بعد الوفاة، فبعد الوفاة لا بد أن عمل إعلام وراثة، وإعلام الوراثة عبارة عن الإتيان بشاهدين يذهبا أمام القاضي ويقولا: إن فلان يرثه فلان وفلان وفلان.
وهناك قضايا كثيرة الآن مرفوعة لأنهم أسقطوا أحد الورثة من إعلام الوراثة، فيقوم برفع قضية أخرى وهكذا.
وبعد إعلام الوراثة إذا اختلف الورثة يتم رفع قضية أخرى اسمها فرز وتجنيب، نقول: أن فلان هذا يمتلك من المباني كذا، ومن الأرض الزراعية كذا، ومن العقارات كذا، وفي البنك كذا.
والبنك حاليًا يورِّث رسميًا، فالرجل إذا مات لا يُصرف مليمًا من البنك لورثته إلا بعد إعلام الوراثة، وكل واحد يخرج له شيك بميراثه الشرعي، والبنك يأخذ الخمس، وهكذا قوانين البنوك.
والأرض تتوزع بنفس الكيفية، يأتي خبير من وزارة العدل ويعاين البيت ويقدره ويعطي كل واحد حقه، هذا له حجرة وهذا له حجرتين، وهذا له شقة وهذا نصيبه في الميراث كذا.
أين الوصية هنا؟
لا وجود لها إذا كانت غير مسجلة، وهل يستطيع أحد أن يذكر الهبة؟
لا يوجد، فهذه كانت في الأيام الفاضلة عندما كان الناس حريصون على بر الوالدين، ولكنه الآن حريص على بر نفسه، ويظن أن بر نفسه بالدنيا فقط.
فإذا كان يريد أن يبر نفسه حقًا فيبدأ ببر الوالدين، لكنه يبحث عن الدنيا وليس له شأنٌ بغير ذلك.
لذلك أي شيء تريد أن تعمله لا بد أن توثقه في الشهر العقاري.
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله