إسقاط التكاليف الشرعية
======================
السؤال : هل إذا وصل المريد واتصل ونال فضل الله تسقط عنه التكاليف الشرعية؟
هذه دعوى الزنادقة الذين يدَّعون أنهم من أقطاب الصوفية، فإنهم يضحكون على من حولهم، ويتركون الصلاة، ويتركون الصيام، ويتركون العبادات الشرعية التي أمر بها الله،
ويقولون لمن حولهم أنهم وصلوا إلى مقام المشاهدة، ومن وصل إلى المشاهدة فلا يحتاج إلى صلاة ولا صيام ولا غيرها، وكذبوا.
ولذلك قال الإمام أبو العزائم(رضي الله عنه)
(من قال أني قد وصلتُ وترك الصلاة،)
فقُل له: نعم قد وصلت، ولكن إلى سقر) لأن الله قال عن أهل سقر في القرآن:
( مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤٢ )( (المدثر)
أول بند: ( قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ )(المدثر).
ولو كانت الصلاة تُترك لشدة القرب والوصول من الله، لكان أولى بذلك (رسول الله صلي الله عليه وسلم )وكان في آخر حياته قام رابطًا رأسه لشدة مرضه، ومستندًا بيد على عمه العباس، وبيده الأخرى على الإمام عليٍّ بن أبي طالب، حتى وصل إلى المسجد ليؤدي الصلاة مع عباد الله المصلين المؤمنين،
وكان آخر كلمات نطق بها في الدنيا:
{ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }[1]
والله تبارك وتعالى أمرنا أن نحافظ عليها
( فقال: ) (حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨ )( (البقرة).
ومن ذاق لذة القرب من الله في الصلاة، وفُتحت له أبواب المناجاة في الصلاة، وعاين المشاهد الإلهية التي يواجه بها الله الأفراد في الصلاة،
لا يترك الصلاة طرفة عين ولا أقل، بل يدخل في
قول الله: ( ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ ) ( ٢٣ ) (المعارج) أي يديموا الصلاة باستمرار.
ولذلك كان الصالحون منهم من يصلي في الليل مائة ركعة، ومنهم كالإمام الجنيد كان يُصلي في الليلة ثلاثمائة ركعة، ومنهم كالإمام السجاد علي زين العابدين كان يُصلي في كل ليلة ألف ركعة ويطيل فيها السجود.
ولما توفى الإمام الجنيد وانتقل إلى الرفيق الأعلى سأله أحد أصحابه في المنام فقال: كيف حالك؟
🟠 فقال: ضاعت تلك الإشارات، وتاهت تلك العبارات، ولم يعد إلا ركيعات كنا نركعها في السحر.
هذه الصلاة هي التي تبقى للإنسان، لأن أقرب ما يكون الإنسان من ربه في حالة السجود: ( وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩ )(١٩العلق)
وقال(صلي الله عليه وسلم)
{ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ }[2]
فإذا سجد - يعني فني عن نفسه وعن أهوائه وحظوظه وشهواته - كان قريبًا قرب القرابة من ربه ووُده وحبه ووصله تبارك وتعالى، فهؤلاء لا يتركون الصلاة طرفة عين ولا أقل، أنظر إلى الإمام أبو العزائم (رضي الله عنه )وهو يصف صلاته فيقول:
أقيم صلاتي إن تجردت عن نفسي
فأفنى بها عني بمشهده القدسي
لديها يواجهني بوجهٍ مقدس
أكون أنا عرش التنزُل والكرسي
عليَّ يُصلي في صلاتي لأنني
تشبهتُ بالمختار بالجسم والنفس
فالإنسان الذي يُصلي لله هذه الصلاة، يُصلي عليه مولاه كما قال في كتاب الله:
(هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ ) (43الأحزاب).
فكل من وقع في مرض الغرور أو داء الكبر وضحكت عليه نفسه، وترك الصلاة والصيام والأمور المشروعات، فقد ضلَّ وأضلَّ، وزلَّ وأزلَّ، وكل من تبعه كان معه في هذا الضلال المبين.
أما إذا صرَّح أحد العارفين الصادقين بأنه رفع عنه التكليف في الصلاة فهذا يعني أنه رُفعت عنه المشقة والتعب في الصلاة، فيؤديها تلذذًا بها، ويشعر فيها بحلاوة المناجاة، ولذة القرب من مولاه، فلذة إجابة النداء تُذهب عنه كل تعب وعناء.
نسأل الله أن نكون جميعًا قدوة للمقربين، وأُسوة للمحبين، وأن نحافظ على الصلاة في وقتها كما أمر رب العالمين، وأن لا نغفل عن ذكر الله وطاعة الله في كل وقت وحين، حتى نكون من الذين قال فيهم:
( وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦١ )(الزمر).
============================
[1] سنن ابن ماجة عن أنس رضي الله عنه
[2] صحيح مسلم وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه
===========================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===========================
======================
السؤال : هل إذا وصل المريد واتصل ونال فضل الله تسقط عنه التكاليف الشرعية؟
هذه دعوى الزنادقة الذين يدَّعون أنهم من أقطاب الصوفية، فإنهم يضحكون على من حولهم، ويتركون الصلاة، ويتركون الصيام، ويتركون العبادات الشرعية التي أمر بها الله،
ويقولون لمن حولهم أنهم وصلوا إلى مقام المشاهدة، ومن وصل إلى المشاهدة فلا يحتاج إلى صلاة ولا صيام ولا غيرها، وكذبوا.
ولذلك قال الإمام أبو العزائم(رضي الله عنه)
(من قال أني قد وصلتُ وترك الصلاة،)
فقُل له: نعم قد وصلت، ولكن إلى سقر) لأن الله قال عن أهل سقر في القرآن:
( مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤٢ )( (المدثر)
أول بند: ( قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ )(المدثر).
ولو كانت الصلاة تُترك لشدة القرب والوصول من الله، لكان أولى بذلك (رسول الله صلي الله عليه وسلم )وكان في آخر حياته قام رابطًا رأسه لشدة مرضه، ومستندًا بيد على عمه العباس، وبيده الأخرى على الإمام عليٍّ بن أبي طالب، حتى وصل إلى المسجد ليؤدي الصلاة مع عباد الله المصلين المؤمنين،
وكان آخر كلمات نطق بها في الدنيا:
{ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }[1]
والله تبارك وتعالى أمرنا أن نحافظ عليها
( فقال: ) (حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨ )( (البقرة).
ومن ذاق لذة القرب من الله في الصلاة، وفُتحت له أبواب المناجاة في الصلاة، وعاين المشاهد الإلهية التي يواجه بها الله الأفراد في الصلاة،
لا يترك الصلاة طرفة عين ولا أقل، بل يدخل في
قول الله: ( ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ ) ( ٢٣ ) (المعارج) أي يديموا الصلاة باستمرار.
ولذلك كان الصالحون منهم من يصلي في الليل مائة ركعة، ومنهم كالإمام الجنيد كان يُصلي في الليلة ثلاثمائة ركعة، ومنهم كالإمام السجاد علي زين العابدين كان يُصلي في كل ليلة ألف ركعة ويطيل فيها السجود.
ولما توفى الإمام الجنيد وانتقل إلى الرفيق الأعلى سأله أحد أصحابه في المنام فقال: كيف حالك؟
🟠 فقال: ضاعت تلك الإشارات، وتاهت تلك العبارات، ولم يعد إلا ركيعات كنا نركعها في السحر.
هذه الصلاة هي التي تبقى للإنسان، لأن أقرب ما يكون الإنسان من ربه في حالة السجود: ( وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩ )(١٩العلق)
وقال(صلي الله عليه وسلم)
{ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ }[2]
فإذا سجد - يعني فني عن نفسه وعن أهوائه وحظوظه وشهواته - كان قريبًا قرب القرابة من ربه ووُده وحبه ووصله تبارك وتعالى، فهؤلاء لا يتركون الصلاة طرفة عين ولا أقل، أنظر إلى الإمام أبو العزائم (رضي الله عنه )وهو يصف صلاته فيقول:
أقيم صلاتي إن تجردت عن نفسي
فأفنى بها عني بمشهده القدسي
لديها يواجهني بوجهٍ مقدس
أكون أنا عرش التنزُل والكرسي
عليَّ يُصلي في صلاتي لأنني
تشبهتُ بالمختار بالجسم والنفس
فالإنسان الذي يُصلي لله هذه الصلاة، يُصلي عليه مولاه كما قال في كتاب الله:
(هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ ) (43الأحزاب).
فكل من وقع في مرض الغرور أو داء الكبر وضحكت عليه نفسه، وترك الصلاة والصيام والأمور المشروعات، فقد ضلَّ وأضلَّ، وزلَّ وأزلَّ، وكل من تبعه كان معه في هذا الضلال المبين.
أما إذا صرَّح أحد العارفين الصادقين بأنه رفع عنه التكليف في الصلاة فهذا يعني أنه رُفعت عنه المشقة والتعب في الصلاة، فيؤديها تلذذًا بها، ويشعر فيها بحلاوة المناجاة، ولذة القرب من مولاه، فلذة إجابة النداء تُذهب عنه كل تعب وعناء.
نسأل الله أن نكون جميعًا قدوة للمقربين، وأُسوة للمحبين، وأن نحافظ على الصلاة في وقتها كما أمر رب العالمين، وأن لا نغفل عن ذكر الله وطاعة الله في كل وقت وحين، حتى نكون من الذين قال فيهم:
( وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦١ )(الزمر).
============================
[1] سنن ابن ماجة عن أنس رضي الله عنه
[2] صحيح مسلم وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه
===========================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===========================