مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
------------------------------
الحمد لله ربِّ العالمين، نحمدك اللَّهم على نعمة الإيمان، وعلى أن هديتنا للقرآن، وجعلتنا من أُمة النبي العدنان، ورفعت شأننا بين بنى الإنسان فجعلتنا خير أُمة أخرجت للناس.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُفضِّل ما شاء بما شاء كيف شاء: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23الأنبياء).
فضَّل بعض النبيين على بعض، وبعض الليالي على بعض، وبعض الأيام على بعض، وبعض الكتب على بعض، وما دام التفضيل من العزيز الجليل فله الحكم وله الأمر وإليه المرجع والمصير.
وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عَبْدُهُ ورسولُه، ومصطفاه من خلقه وخيرته من بريَّته
هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعته *** لكلِّ هول من الأهوال مقتـحم
فاق النبيـين فى خَلقٍ وفى خُلُقٍ *** فلم يدانوه فى علـم ولا كـرم
فمبلغ العلـم فيه أنه بَشَــرٌ *** وأنه خـير خلـق الله كلِّهــم
اللهم صلِّ وسلم وبارك على رحمتك العظمى لجميع الأنام، والذى خَصَصْتَه بمقام الشفاعة يوم الزحام، وجعلته مفتاحاً لدار السلام، هَدَيْتَ به بعد ضلالة، وعلَّمت به بعد جهالة، وأغنيتَ به بعد فاقة، وأعززت به بعد ذلَّة، سيِّدنا مُحَمَّدٍ النبي التقىِّ الأمي، وآله وصحبه، وكل من تمسك بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين،
🤲آمين .. آمين يارب العالمين🤲
أما بعد
فيا أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
*************************
نودُّ أن نوضِّح قضية هامة لنا مع حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يسوقها المستشرقون ولا المستغربون، ولكن للأسف يُردِّدها بعض المسلمين والمؤمنين نحو السيِّد السند العظيم! الذى أعلى الله شأنه، ورفع الله قدره، وبيَّن حقيقته في كتابه، حتى لا يكون هناك شك في أوصافه، وفي مقامه عند ربه عزَّ وجلَّ.
يقول هؤلاء القوم من المسلمين:
إن النبي بشر مثلنا!! وما زاد علينا في شيء
ونسوا أن هذه الحُجة ذكرها الله في القرآن على لسان الكافرين!!
فقد قالوا لحضرته عندما أُرسل إليهم لهدايتهم إلى ربِّ العالمين:
(مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) (154الشعراء)،
(أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ) (24- القمر).
هذه كانت حجة الكافرين.
بماذا ردَّ عليهم ربُّ العالمين؟
قال: يا حبيبي قل لهم:
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ) (110الكهف)،
أنا معيَ الوحى، والعبرة كلها بالوحى
مَن منكم آتاه الله عزَّ وجلَّ وحىَّ السماء؟!
مَن منكم يتنزَّل الله عزَّ وجلَّ على قلبه بالإلهام الفوري من الربِّ العلىِّ؟!
مَن منكم نَقَّى الله سريرته وكشف عن بصيرته فيرى ما في القلوب؟!! وينبئ الناس عن أحوالهم وعن أخبارهم؟!!
وما أكثر الروايات التي تَحْفل بها السُنة المطهرة في هذا الشأن الكريم!!!!
إذا لابد أن يكون الذى أرسل إلى البشر بشرٌ، لماذا؟
لأن الله عزَّ وجلَّ جعله هو النموذج القويم الذى نتعلم منه ما يريده منا العزيز الحكيم، فقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ في قرآنه بالصلاة في أكثر من موضع في كتاب الله:
(فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) (103النساء)،
(حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) (238البقرة)
ما الصلوات التي أمرنا بها الله؟ ما عددها؟ وما أسماؤها؟ وما أوقاتها؟ وما عدد ركعاتها؟ وما الكيفية التي نؤديها بها لنُرضى ربَّ العزَّة عزَّ وجلَّ؟
مَن الذى فعل ذلك وأمرنا الله أن نهتدى به في ذلك؟
الذى قال لنا صلوات ربى وتسليماته عليه:
{صلُّوا كما رأيتموني أصلى } (للبيهقي، أحمد والبخاري وغيرها عن مالك بن الحويرث)
ثم قال لنا الله عزَّ وجلَّ في ذلك:
(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (7الحشر)
فالذى وضَّح وبيَّن هيئاتها وأقوالها وأفعالها فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في شأن الزكاة، وكذلك الصيام والحج، نسَّك المناسك، وقال لهم: { خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ } (النسائي عن جابرٍ، رضى الله عنه)
كيف يفعل ذلك ببشريته إذا لم يكن معصوماً من الله عزَّ وجلَّ في كل حركاته؟!
فلا يتحرك حركة من قِبَل نفسه، ولا يتكلم كلمة من عند ذاته، وإنما كل حالاته يقول فيها رب العزة عزَّ وجلَّ:
(وما ينطق عن الهوى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (3: 5النجم)
ولذا قال سيدنا جابر رضي الله عنه:
جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو نَائِمٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: إنَّ لِصَاحِبِكُمْ هذا مَثَلًا، فَاضْرِبُوا له مَثَلًا، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وبَعَثَ دَاعِيًا، فمَن أجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وأَكَلَ مِنَ المَأْدُبَةِ، ومَن لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ ولَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ، فَقالوا: أوِّلُوهَا له يَفْقَهْهَا، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: فَالدَّارُ الجَنَّةُ، والدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمَن أطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرْقٌ بيْنَ النَّاسِ" (البخاري)
فكان لابد من بشريته لأنه أرسل ليُعلِّم البشر، وكان لابد لهذه البشرية أن تتنزل لنا، ويتنزل فيها وحىُّ ذي الجلال والإكرام، لنتعلم المنهج الصحيح القويم الذى يريده منا ربُّ العزة عزَّ وجلَّ.
وليس أمر العبادات فحسْب!!
بل إن الله جعله صلى الله عليه وسلم بشراً ليعلِّمنا كيف نأكل؟ ويعلِّمنا كيف نشرب؟ ويعلِّمنا كيف نلبس؟ ويعلِّمنا كيف نتحدث؟ ويعلِّمنا كيف نمشى؟ ويعلِّمنا كيف نعامل زوجاتنا؟ وكيف نربى أولادنا؟ وكيف نصل أرحامنا؟ وكيف نحسن إلى جيراننا؟ وكيف نتعامل مع أعدائنا؟ ويعلمنا كيف نتصرف وفقا لما علَّمه له مولاه في كل شأن من شئون الحياة!
لكنَّ الله عزَّ وجلَّ وضَّح في القرآن أن بشريته غير بشريتنا أيضاً في الصورة، فالعرب أنفسهم كانوا يأتون له ليسألوه عن أمره، وكيف صار رسولاً من الله؟ وهم يعلمون بفهمهم وفطرتهم أنه لابد له من تأهيل خاص يجعل بشريته قابلة لهذا الأمر العلىّ،
واسمعوا لحديث سيِّد بنى عامر وكبيرهم الذى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق من أمره قبل أن يُسلم، فقال:
{يا ابن عبد المطلب، إني نبئت أنك تزعم أنك رسول اللـه إلى الناس!! أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء!!
ألا وإنك تفوَّهت بعظيم!! إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل، بيت نبوة وبيت ملك، ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء!!
إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان، فما لك والنبوة؟!! ولكل أمر حقيقة، فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟
فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته، وقال:
{ يا أخا بني عامر، إن حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، إني كنت بكرا لأمي، وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء، وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور، قالت: فجعلت أتبع بصري النور، فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها، ثم إنها ولدتني، فلما نشأت بغِّض إلي الأوثان والشعر، فاسترضعت في بني بكر.
فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي، إذا برهط ثلاث، معهم طست من ذهب ملآن نور وثلج، فأخذوني من بين أصحابي، فعمد إلى أحدهم، فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر، فلم أجد لذلك شيئا ثم أخرج أحشاء بطني، فغسلـه بالثلج، فأنعم غسلـه، ثم أعادها في مكانها ثم قام الثاني فأدخل يده في جوفي فأخرج قلبي، وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها، ثم إذا بخاتم في يده من نور: نور النبوة والحكمة، يخطف أبصار الناظرين دونه، فختم قلبي، فامتلأ نورا وحكمة، ثم أعاده مكانه، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهراً، ثم أمرَّ الثالث يده بين ثديي وصدري ومنتهى عانتي، فالتأم الشق بإذن اللـه، ثم أنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا.
ثم قال الأول: زنه بعشرة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنه بمائة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنه بألف من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجحهم.
فذاك حقيقة قولي وبدء شأني فقال العامري:
أشهد أن لا إلـه إلا اللـه، وأن أمرك حق } ( شداد بن أوس، المطالب العالية ابن حجر العسقلاني) مع اختصار الرواية، وفي كنز العمال و دلائل النبوة وغيرها)
فللقصة دلائل كثيرة تدلُّ على أن الله جهَّز بشريته صلى الله عليه وسلم تجهيزا خاصاً لحمل الرسالة فصارت بشريَّةً نورانيَّةً، ولذا لما سمع سيد بنى عامر القصة من النبي أدرك وفهم ووجد الإجابة عن تساؤله وأسلم في الحال،
وانظروا إليه صلى الله عليه وسلم لما وزنوه بعد أن جهزوه وطبعوه بخاتم النور والحكمة.
ماذا كانت النتيجة؟ كان وهو فردٌ وحيدٌ يساوى الأمة كلها ببشريته
ايها الخوة المؤمنون:
إن الله سبحانه وتعالى ارتضى هذا الرسول وأعطاه ما لم يعط الأولين والآخرين، فيجب أن نعلم قدر نبيِّنا عند ربِّه، وعظمة نبيِّنا بين أنبياء الله ورسله، ونفرح بالنعمة الكبرى التي وهبها الله لنا!! وهو هذا النبي، وهذا الرسول، وهذا الحبيب الذى جعله الله نبينا، وجعله شفيعنا وجعله إمامنا،
قال صلى الله عليه وسلم: {أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجاً إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إذَا أَيِسُوا. لِوَاءُ الحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلاَ فَخْرَ } (سنن الترمذى عن أنس)،
أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين الذي كرَّمنا بالإيمان، وأكرمنا بنور الإسلام، ووفقنا للعمل لما يحبه في كل وقت وآن، فلله الحمد ولله الشكر وهو على كلِّ شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، إله تعالى في علُوِّه، وارتقى في سِمُوِّه، لا يصل إلي كنه معرفته واصل، ولا يتعرف على حقيقة كنهه متعرِّف إلا عن طريق الوحي الإلهي، أو النبيِّ الصفيِّ الذي أرسله الله واختاره ليعلم الخلق ما يحبه من أمور الخلق.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، سيِّدُ الخلق في الدنيا، وإمام أهل الموقف أجمعين يوم الدِّين.
صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وصحابته المباركين، وكل من اهتدى بهدبه إلى يوم الدين، ووعلينا معهم أجمعين،
آمين .. آمين يا ربَّ العالمين.
إخواني جماعة المؤمنين:
يامن خاطبكم ربُّكم وقال لكم:
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ - قدوة سليمة وحكيمة وعظيمة - لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21-الأحزاب).
أي: من كان يريد الله، ورضاء الله وفرج الله، وفضل الله وكرم الله، وعطف الله ومحبَّة الله، وودَّ الله، فعليه بالتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه أن يجعل نُصْبَ عينيه صورة رسول الله المعنوية أمامه، يقتدى بفعاله، ويتشبه بخصاله.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو الجسم الذي كان يعيش في دنيا الناس، ولكنه الأوصاف التي سئلت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها، فقيل لها: يا أم المؤمنين،
ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت:
أما تقرأ القرآن!! (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)[ البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والحاكم]
فمجموعة الأخلاق الفاضلة لم تظهر في الوجود إلاَّ على هذا الرؤوف الرحيم، الحريص على المؤمنين، والفرد الكامل في الأخلاق والشِّيم والجمالات لربِّ العالمين. فلم يظهر التواضع على حقيقته، ولا الرحمة بتمامها، ولا الكرم والزهد، والورع والصدق، والوفاء والمروءة، والشهامة والشجاعة، والخشوع والمسكنة بين يدى الله، والتواضع لله، والذُّل لله والانكسار لله، لم تظهر هذه الصفات بكمال هيئاتِها، وبحقيقة حالها إلاَّ على هذا الرسول الكريم.
ولذلك عندما تَحَلَّى بالمثل الأعلى في الصفات الربانيَّة، والأخلاق القرآنيَّة، والمعاملات الطيِّبة النبويَّة، أعطاه الله أعلى وسام في الوجود، لم يحصل عليه ملكٌ مقرب، ولا نبيٌ مرسل، قال الله تعالى فيه:
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (4-القلم).
فهو صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم، والمقام الكريم.
فعلينا معشر المؤمنين -كما خاطبنا رب العالمين - أن نتأسى به في كل حركاته وسكناته، منذ ساعة قيامنا من النوم إلى ساعة أن نضع جنبنا للنوم.
قال صلى الله عليه وسلم:
(كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَىٰ) قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟!! قال: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَد أَبَىٰ )[ رواه البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده عن أبي هريرة]
🤲نسأل الله عزّ وجلَّ أن يوفِّقنا إلى الهُدى والنهج القويم، وأن يأخذ بأيدينا إلى الصراط المستقيم، وأن يوفِّقنا إلى كلِّ عملٍ كريم
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
------------------------------
الحمد لله ربِّ العالمين، نحمدك اللَّهم على نعمة الإيمان، وعلى أن هديتنا للقرآن، وجعلتنا من أُمة النبي العدنان، ورفعت شأننا بين بنى الإنسان فجعلتنا خير أُمة أخرجت للناس.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُفضِّل ما شاء بما شاء كيف شاء: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23الأنبياء).
فضَّل بعض النبيين على بعض، وبعض الليالي على بعض، وبعض الأيام على بعض، وبعض الكتب على بعض، وما دام التفضيل من العزيز الجليل فله الحكم وله الأمر وإليه المرجع والمصير.
وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عَبْدُهُ ورسولُه، ومصطفاه من خلقه وخيرته من بريَّته
هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعته *** لكلِّ هول من الأهوال مقتـحم
فاق النبيـين فى خَلقٍ وفى خُلُقٍ *** فلم يدانوه فى علـم ولا كـرم
فمبلغ العلـم فيه أنه بَشَــرٌ *** وأنه خـير خلـق الله كلِّهــم
اللهم صلِّ وسلم وبارك على رحمتك العظمى لجميع الأنام، والذى خَصَصْتَه بمقام الشفاعة يوم الزحام، وجعلته مفتاحاً لدار السلام، هَدَيْتَ به بعد ضلالة، وعلَّمت به بعد جهالة، وأغنيتَ به بعد فاقة، وأعززت به بعد ذلَّة، سيِّدنا مُحَمَّدٍ النبي التقىِّ الأمي، وآله وصحبه، وكل من تمسك بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين،
🤲آمين .. آمين يارب العالمين🤲
أما بعد
فيا أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
*************************
نودُّ أن نوضِّح قضية هامة لنا مع حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يسوقها المستشرقون ولا المستغربون، ولكن للأسف يُردِّدها بعض المسلمين والمؤمنين نحو السيِّد السند العظيم! الذى أعلى الله شأنه، ورفع الله قدره، وبيَّن حقيقته في كتابه، حتى لا يكون هناك شك في أوصافه، وفي مقامه عند ربه عزَّ وجلَّ.
يقول هؤلاء القوم من المسلمين:
إن النبي بشر مثلنا!! وما زاد علينا في شيء
ونسوا أن هذه الحُجة ذكرها الله في القرآن على لسان الكافرين!!
فقد قالوا لحضرته عندما أُرسل إليهم لهدايتهم إلى ربِّ العالمين:
(مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) (154الشعراء)،
(أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ) (24- القمر).
هذه كانت حجة الكافرين.
بماذا ردَّ عليهم ربُّ العالمين؟
قال: يا حبيبي قل لهم:
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ) (110الكهف)،
أنا معيَ الوحى، والعبرة كلها بالوحى
مَن منكم آتاه الله عزَّ وجلَّ وحىَّ السماء؟!
مَن منكم يتنزَّل الله عزَّ وجلَّ على قلبه بالإلهام الفوري من الربِّ العلىِّ؟!
مَن منكم نَقَّى الله سريرته وكشف عن بصيرته فيرى ما في القلوب؟!! وينبئ الناس عن أحوالهم وعن أخبارهم؟!!
وما أكثر الروايات التي تَحْفل بها السُنة المطهرة في هذا الشأن الكريم!!!!
إذا لابد أن يكون الذى أرسل إلى البشر بشرٌ، لماذا؟
لأن الله عزَّ وجلَّ جعله هو النموذج القويم الذى نتعلم منه ما يريده منا العزيز الحكيم، فقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ في قرآنه بالصلاة في أكثر من موضع في كتاب الله:
(فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) (103النساء)،
(حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) (238البقرة)
ما الصلوات التي أمرنا بها الله؟ ما عددها؟ وما أسماؤها؟ وما أوقاتها؟ وما عدد ركعاتها؟ وما الكيفية التي نؤديها بها لنُرضى ربَّ العزَّة عزَّ وجلَّ؟
مَن الذى فعل ذلك وأمرنا الله أن نهتدى به في ذلك؟
الذى قال لنا صلوات ربى وتسليماته عليه:
{صلُّوا كما رأيتموني أصلى } (للبيهقي، أحمد والبخاري وغيرها عن مالك بن الحويرث)
ثم قال لنا الله عزَّ وجلَّ في ذلك:
(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (7الحشر)
فالذى وضَّح وبيَّن هيئاتها وأقوالها وأفعالها فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في شأن الزكاة، وكذلك الصيام والحج، نسَّك المناسك، وقال لهم: { خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ } (النسائي عن جابرٍ، رضى الله عنه)
كيف يفعل ذلك ببشريته إذا لم يكن معصوماً من الله عزَّ وجلَّ في كل حركاته؟!
فلا يتحرك حركة من قِبَل نفسه، ولا يتكلم كلمة من عند ذاته، وإنما كل حالاته يقول فيها رب العزة عزَّ وجلَّ:
(وما ينطق عن الهوى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (3: 5النجم)
ولذا قال سيدنا جابر رضي الله عنه:
جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو نَائِمٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: إنَّ لِصَاحِبِكُمْ هذا مَثَلًا، فَاضْرِبُوا له مَثَلًا، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وبَعَثَ دَاعِيًا، فمَن أجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وأَكَلَ مِنَ المَأْدُبَةِ، ومَن لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ ولَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ، فَقالوا: أوِّلُوهَا له يَفْقَهْهَا، فَقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّه نَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، والقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقالوا: فَالدَّارُ الجَنَّةُ، والدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمَن أطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرْقٌ بيْنَ النَّاسِ" (البخاري)
فكان لابد من بشريته لأنه أرسل ليُعلِّم البشر، وكان لابد لهذه البشرية أن تتنزل لنا، ويتنزل فيها وحىُّ ذي الجلال والإكرام، لنتعلم المنهج الصحيح القويم الذى يريده منا ربُّ العزة عزَّ وجلَّ.
وليس أمر العبادات فحسْب!!
بل إن الله جعله صلى الله عليه وسلم بشراً ليعلِّمنا كيف نأكل؟ ويعلِّمنا كيف نشرب؟ ويعلِّمنا كيف نلبس؟ ويعلِّمنا كيف نتحدث؟ ويعلِّمنا كيف نمشى؟ ويعلِّمنا كيف نعامل زوجاتنا؟ وكيف نربى أولادنا؟ وكيف نصل أرحامنا؟ وكيف نحسن إلى جيراننا؟ وكيف نتعامل مع أعدائنا؟ ويعلمنا كيف نتصرف وفقا لما علَّمه له مولاه في كل شأن من شئون الحياة!
لكنَّ الله عزَّ وجلَّ وضَّح في القرآن أن بشريته غير بشريتنا أيضاً في الصورة، فالعرب أنفسهم كانوا يأتون له ليسألوه عن أمره، وكيف صار رسولاً من الله؟ وهم يعلمون بفهمهم وفطرتهم أنه لابد له من تأهيل خاص يجعل بشريته قابلة لهذا الأمر العلىّ،
واسمعوا لحديث سيِّد بنى عامر وكبيرهم الذى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق من أمره قبل أن يُسلم، فقال:
{يا ابن عبد المطلب، إني نبئت أنك تزعم أنك رسول اللـه إلى الناس!! أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء!!
ألا وإنك تفوَّهت بعظيم!! إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل، بيت نبوة وبيت ملك، ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء!!
إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان، فما لك والنبوة؟!! ولكل أمر حقيقة، فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟
فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته، وقال:
{ يا أخا بني عامر، إن حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، إني كنت بكرا لأمي، وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء، وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور، قالت: فجعلت أتبع بصري النور، فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها، ثم إنها ولدتني، فلما نشأت بغِّض إلي الأوثان والشعر، فاسترضعت في بني بكر.
فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي، إذا برهط ثلاث، معهم طست من ذهب ملآن نور وثلج، فأخذوني من بين أصحابي، فعمد إلى أحدهم، فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر، فلم أجد لذلك شيئا ثم أخرج أحشاء بطني، فغسلـه بالثلج، فأنعم غسلـه، ثم أعادها في مكانها ثم قام الثاني فأدخل يده في جوفي فأخرج قلبي، وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها، ثم إذا بخاتم في يده من نور: نور النبوة والحكمة، يخطف أبصار الناظرين دونه، فختم قلبي، فامتلأ نورا وحكمة، ثم أعاده مكانه، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهراً، ثم أمرَّ الثالث يده بين ثديي وصدري ومنتهى عانتي، فالتأم الشق بإذن اللـه، ثم أنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا.
ثم قال الأول: زنه بعشرة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنه بمائة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنه بألف من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجحهم.
فذاك حقيقة قولي وبدء شأني فقال العامري:
أشهد أن لا إلـه إلا اللـه، وأن أمرك حق } ( شداد بن أوس، المطالب العالية ابن حجر العسقلاني) مع اختصار الرواية، وفي كنز العمال و دلائل النبوة وغيرها)
فللقصة دلائل كثيرة تدلُّ على أن الله جهَّز بشريته صلى الله عليه وسلم تجهيزا خاصاً لحمل الرسالة فصارت بشريَّةً نورانيَّةً، ولذا لما سمع سيد بنى عامر القصة من النبي أدرك وفهم ووجد الإجابة عن تساؤله وأسلم في الحال،
وانظروا إليه صلى الله عليه وسلم لما وزنوه بعد أن جهزوه وطبعوه بخاتم النور والحكمة.
ماذا كانت النتيجة؟ كان وهو فردٌ وحيدٌ يساوى الأمة كلها ببشريته
ايها الخوة المؤمنون:
إن الله سبحانه وتعالى ارتضى هذا الرسول وأعطاه ما لم يعط الأولين والآخرين، فيجب أن نعلم قدر نبيِّنا عند ربِّه، وعظمة نبيِّنا بين أنبياء الله ورسله، ونفرح بالنعمة الكبرى التي وهبها الله لنا!! وهو هذا النبي، وهذا الرسول، وهذا الحبيب الذى جعله الله نبينا، وجعله شفيعنا وجعله إمامنا،
قال صلى الله عليه وسلم: {أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجاً إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إذَا أَيِسُوا. لِوَاءُ الحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلاَ فَخْرَ } (سنن الترمذى عن أنس)،
أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين الذي كرَّمنا بالإيمان، وأكرمنا بنور الإسلام، ووفقنا للعمل لما يحبه في كل وقت وآن، فلله الحمد ولله الشكر وهو على كلِّ شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، إله تعالى في علُوِّه، وارتقى في سِمُوِّه، لا يصل إلي كنه معرفته واصل، ولا يتعرف على حقيقة كنهه متعرِّف إلا عن طريق الوحي الإلهي، أو النبيِّ الصفيِّ الذي أرسله الله واختاره ليعلم الخلق ما يحبه من أمور الخلق.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، سيِّدُ الخلق في الدنيا، وإمام أهل الموقف أجمعين يوم الدِّين.
صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وصحابته المباركين، وكل من اهتدى بهدبه إلى يوم الدين، ووعلينا معهم أجمعين،
آمين .. آمين يا ربَّ العالمين.
إخواني جماعة المؤمنين:
يامن خاطبكم ربُّكم وقال لكم:
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ - قدوة سليمة وحكيمة وعظيمة - لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21-الأحزاب).
أي: من كان يريد الله، ورضاء الله وفرج الله، وفضل الله وكرم الله، وعطف الله ومحبَّة الله، وودَّ الله، فعليه بالتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه أن يجعل نُصْبَ عينيه صورة رسول الله المعنوية أمامه، يقتدى بفعاله، ويتشبه بخصاله.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو الجسم الذي كان يعيش في دنيا الناس، ولكنه الأوصاف التي سئلت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها، فقيل لها: يا أم المؤمنين،
ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت:
أما تقرأ القرآن!! (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)[ البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والحاكم]
فمجموعة الأخلاق الفاضلة لم تظهر في الوجود إلاَّ على هذا الرؤوف الرحيم، الحريص على المؤمنين، والفرد الكامل في الأخلاق والشِّيم والجمالات لربِّ العالمين. فلم يظهر التواضع على حقيقته، ولا الرحمة بتمامها، ولا الكرم والزهد، والورع والصدق، والوفاء والمروءة، والشهامة والشجاعة، والخشوع والمسكنة بين يدى الله، والتواضع لله، والذُّل لله والانكسار لله، لم تظهر هذه الصفات بكمال هيئاتِها، وبحقيقة حالها إلاَّ على هذا الرسول الكريم.
ولذلك عندما تَحَلَّى بالمثل الأعلى في الصفات الربانيَّة، والأخلاق القرآنيَّة، والمعاملات الطيِّبة النبويَّة، أعطاه الله أعلى وسام في الوجود، لم يحصل عليه ملكٌ مقرب، ولا نبيٌ مرسل، قال الله تعالى فيه:
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (4-القلم).
فهو صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم، والمقام الكريم.
فعلينا معشر المؤمنين -كما خاطبنا رب العالمين - أن نتأسى به في كل حركاته وسكناته، منذ ساعة قيامنا من النوم إلى ساعة أن نضع جنبنا للنوم.
قال صلى الله عليه وسلم:
(كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَىٰ) قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟!! قال: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَد أَبَىٰ )[ رواه البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده عن أبي هريرة]
🤲نسأل الله عزّ وجلَّ أن يوفِّقنا إلى الهُدى والنهج القويم، وأن يأخذ بأيدينا إلى الصراط المستقيم، وأن يوفِّقنا إلى كلِّ عملٍ كريم
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد