حسن أحمد حسين العجوز



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حسن أحمد حسين العجوز

حسن أحمد حسين العجوز

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حسن أحمد حسين العجوز

منتدى علوم ومعارف ولطائف وإشارات عرفانية



    يوم العفو والإنعام

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1942
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    يوم العفو والإنعام Empty يوم العفو والإنعام

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء أغسطس 29, 2023 6:30 am

    يوم العفو والإنعام:
    خطبة عيد الفطر المبارك
    لفضيلة الشيح فوزي محمد ابوزيد
    ******************************
    الله أكبر (تسع مرات) ...
    ولله الحمد.
    الله أكبر ما بشَّر الله الصائمين بالمغفرة والرضوان.
    الله أكبر ما أكرم الله به هذه الأمة بالعتق من النيران.
    الله أكبر ما عوَّدهم فيه الكريم بالجود والإحسان.
    ........... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ........
    الله أكبر ما وفَّقهم القَيُّوم لصلاة القيام.
    الله أكبر ما أيقظهم الحيُّ والناس نيام.
    الله أكبر ما بشَّرهم بالنور التام يوم الظلام.
    ........... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ........
    الله أكبر ما أكرم الله المسلمين فيه بالنصر على الكفار.
    الله أكبر ما أكرم الله حبيبه بالفتح وهو النبي المختار.
    الله أكبر ما توالى على ذكر الله سبحانه وتعالى مُسْلِمٌ آناء الليل وأطراف النهار.
    ......... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.............
    الله أكبر ما خصَّ المسلمين بليلة القدر.
    الله أكبر ما جعل هذه الليلة بخير من ثواب ألف شهر.
    الله أكبر من فاز بها فقد سعد أبد الدهر.
    ........ الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .........
    الله أكبر ما أوجب رسول الله علينا زكاة الفطر.
    الله ما أكبر ما سنَّها رسول الله لتطهيرنا من الوزر.
    الله أكبر ما جعلها رَفْعاً للأعمال.
    ........ الله أكبر الله أكبر ولله الحمد..............
    الله أكبر ما اجتمع المسلمون لصلاة العيد.
    الله أكبر ما بشَّرهم بالغفران الحميد المجيد.
    الله أكبر ما وعدهم بالجائزة اللطيف الكبير.
    ....... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد..........
    الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرةً وأصيلا. لا إله إلا وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
    ....... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد...
    الحمد لله ربِّ العالمين، أسبغ علينا نعمته، وأكمل علينا منَّته، ووفقنا لإتباع شريعته، وجعلنا من الأمة المجتباة.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ غنيٌّ عما سواه. تفرَّد بالعزَّة والجبروت، والقوة والعظمة والنعموت.
    سبحانه .. سبحانه، هو وحده الحيُّ الذي لا يموت. كل من سواه من خلقه يفنى ويفوت ويموت، وهو وحده سبحانه الحيُّ الذي لا يموت.
    وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيُّه من خلقه وخليله، بشَّره الله بالمغفرة، وجعله صلى الله عليه وسلم رحمة للخلق أجمعين.
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين، وعلى صحابته المباركين، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى كل من سلك هديه واتبع طريقه إلى يوم الدين، آمين.
    أما بعد.. فيا أيها الأخوة المؤمنون:
    كل عام وأنتم بخير جميعاً، وابشروا في هذا اليوم الكريم بمغفرة من الله ورضوان، ونعمة من الله وإحسان، فإنه سبحانه وتعالى هو الحنان المنان، وهو الرءوف الكريم، وهو العطوف الشفوق، وعدنا جميعاً في هذا اليوم الكريم بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من الفضل والإحسان.
    أيها الأخوة المؤمنون: إن هذا الوقت الذي نحن فيه الآن، يحتفل فيه مثلنا جميع مخلوقات الله، الكلُّ قد اجتمعوا في أماكنهم، الجن في أماكنهم، والإنس في مساجدهم، والملائكة يحفونهم بأجنحتهم من الأرض إلى السموات العُلا، وجميع مخلوقات الله الأخرى من الحيتان في البحار والحيوانات والدواب في القفار، والحشرات والهوام في الفضاء، الكل يجتمعون، والكل يستمعون، والكل يحضرون لهذا اللقاء الكريم الذي ليس له مثيل في دنيا الناس، لأنه يقوم به ربُّ الناس سبحانه وتعالى.
    لما قام الصائمون بأمر الله - وبتوفيق الله - بالعمل على طاعة الله طوال شهر كامل - حبسوا فيه أنفسهم عن الحرام والحلال، حبسوا أنفسهم عن المفطرات ما ظهر منها وما بطن، وأقبلوا على الله بالطاعات والقربات
    أراد ربُّهم أن يكافئهم وأن يهنِّئهم، وأن يجازيهم وأن يحسن إليهم، فجعل هذا اليوم وهذه الليلة.
    هذه الليلة سمَّاها ليلة الجائزة، لأن الملائكة تبيت فيها تجهز لكل منكم جائزته التي قدَّرها له الله سبحانه وتعالى، يبيتون في هذه الليلة ومعهم الصحف والأقلام، واللوح المحفوظ قد ظهر فيه مراتب العباد وأجور الزهاد، ولكل منكم قدر معلوم وأجر مقسوم، حدَّده الحيُّ القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، فيجتمعون على اللوح المحفوظ ومعهم الأعمال يثبتونها لأصحابها ويحررون الكشوف.
    فإذا كانت صبيحة العيد وهو اليوم السعيد، الذي نجتمع فيه للشكر على ما أولانا الله، وبالعمل بما أكرمنا الله، فما جُعِلَتْ هذه الليلة والصلاة إلا شكراً لله، على أن وفقنا للصيام، وعلى أن وفقنا للقيام، وعلى أن آتانا بالمغفرة، وعلى أن مَنَّ علينا بالتوبة، وعلى أن أعتق رقابنا من النار، وعلى أن أعطانا أجر ليلة القدر. جُعِلَتْ هذه الصلاة شكراً لله على هذه النعم وغيرها، التي قدرها الله على عباد الله المؤمنين الصائمين والصائمات.
    فإذا اجتمع المسلمون لصلاة العيد ليقوموا بالشكر للحميد المجيد ، فإن هذه الصلاة ما أشبهها بحفلٍ إلهي لتكريم الصائمين، وحفلٍ رباني لتكريم الطائعين، وحفل ملكوتي لتكريم عباد الله المؤمنين والمؤمنات.
    ولذلك يأمر الله الملائكة الكرام أن يقفوا على أبواب الطرق، ينادون على المؤمنين ويقولون: { يَا أُمَّةَ أَحْمَدَ: اخْرُجُوا إِلى رَبٍّ كَرِيمٍ، يُعْطِي الْجَزِيلَ، وَيَغْفِرُ الْعَظِيمَ } [البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما]
    فتسمعهم جميع الكائنات إلا الثقلين - أي: الإنس والجن - فيدعون المؤمنين إلى الخروج لهذا الحفل الكريم، لأخذ الجائزة من الرب العظيم سبحانه وتعالى. هذه طائفة ...
    وطائفة أخرى منهم يجلسون على أبواب المساجد، ومعهم سجلات نورانية، هي سجلات التشريفات الإلهية، وكأن هذا المكان - وكل مكان يماثله في الأرض - إنما هو قصر جمهوري لاستقبال الزائرين لزيارة ربِّ العالمين، كما قال صلى الله عليه وسلم:
    "الْمَسَاجِدُ بُيُوتِ اللَّهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ زُوَّارُ اللَّهِ، وَحَقٌّ عَلَى الَمْزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ" [رواه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود]،
    فيجلسون على أبواب بيوت الله، يسجلون في كتاب الأحوال الإلهية، وبأقلام الرحمة الربانية، أسماء المسلمين الذين جاءوا لزيارة رب العالمين، ولأخذ الجائزة من أكرم الأكرمين وأجود الأجود ين سبحانه وتعالى.
    فإذا دخل الإمام المسجد طويت الصحف، وجلست الملائكة معكم الآن يسمعون ويسجلون ويباركون ويهنئون لجميع المسلمين .....
    ثم يتجلَّى الكريم سبحانه وتعالى اليوم بأسماء كرمه كلها، وبأسماء إحسانه جميعها، يتجلَّى باسمه الكريم، ويتجلى باسمه الوهاب، ويتجلى باسمه المحسن، ويتجلى باسمه المعطي، ويتجلى باسمه الرزاق، ويتجلى بجميع صفاته الحسنى، ويفتح خزائن كرمه بغير حساب، وكأنه في هذا اليوم يفتح الكنوز للمؤمنين والمؤمنات !!! ولا تظنوها كنوزاً حسيَّة .. وإنما هي كنوز معنويَّة، .. وكنوز روحانية ملكوتية، توضع في صحيفة كل منكم!! وفي رصيد كل واحد منكم من المغفرة!! ومن الأجر!! ومن الثواب!! ومن العمل الصالح!! ما لا يستطيع أن يحسبه الحاسبون، ولا يستطيع أن يعدَّه العادون، ولا يستطيع أن يعلم كنهه جميع المخلوقين، مهما أوتوا من سعة العلم، ومن قوة التحمل، ومن قدرة الفكر!!! لكنهم جميعاً عاجزين عن الأمر الكبير، الذي سجله الحق سبحانه وتعالى في صحف الكرام ... الصائمين ... القائمين ... في هذا الشهر الكريم عطاءً لهم من الربِّ سبحانه وتعالى.
    إن ما يعطيه الله لكم، وما يصبُّه في صحفكم - لو سمعتموه، ولو ذقتموه - لسجدتم في مكانكم إلى أن تخرج أرواحكم من أجسادكم!! شكراً لله على ما أولاكم، وحمداً له على ما أعطاكم. ولكنه سبحانه من شدة رحمته بنا، وهو يعلم أن قلوبنا ضعيفة، وعقولنا قاصرة، لا تتحمل هذا الثواب، ولا هذا القدر من الأجر الذي أخفاه لنا في هذه الحياة الدنيا، حتى إذا جاء اليوم المعلوم، وأعطيت قوة من قوة الله، وقدرة من قدرة الله، ونوراً من نور الله، وبصراً من بصر الله، وسمعاً من سمع الله، أطَّلعت على ما أعطاك الله، فطِرْتَ من الفرح يوم لقاء الله، وحملت كتابك بأكفك، وصرت في وسط أهل الموقف تهلل وتقول: "هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ
    فتقول الملائكة مهنئة:
    "فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَة [ ثم ينادي الجليل: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ" (19-24 الحاقة)
    فإذا سمعتم أن هذا اليوم يوم الجائزة، لا تظن الجائزة شيئاً حسيًّا تأخذه في يدك!! لأن الجائزة الحسيَّة إنما نعطيها لصبياننا جماعة المسلمين، أما رجال المؤمنين الذين أعدَّ لهم ربُّ العالمين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من الأجر والثواب، والنور والنعيم المقيم، والهناء السرمدي، فهؤلاء جائزتهم محفورة بالنور الرباني، منقوشة في الكتاب الصمداني، مصورة وموضوع صورة منها عند رب العالمين، وصورة منها في اللوح المحفوظ، وصورة منها في سجلات كنوز الأعمال تحت عرش رب العالمين، وصورة في السجلات التي يكتبها الكرام الكاتبون. صور شتى من الأجر والثواب، والنعيم المقيم الذي يعدُّه لك ويجهزه لك الوهاب سبحانه وتعالى.
    وتعالوا بنا - جماعة الصائمين - نستعرض بعض الأوسمة والنياشين، التي يخلعها ربُّ العالمين على عباده المقربين، في هذا اليوم الكريم. فإنه ينعم وهو المنعم على هذه الأصناف التي قال فيها:
    " وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69 النساء)
    ينعم على بعضهم بالنياشين الإلهية، وعلى صدور بعضهم بالأوسمة الربانية. فمنَّا من ينعم الله عليه في هذا اليوم بوسام السعادة الأبدية!! وهنيئاً لمن نال هذا الوسام فإنه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً. تعرفون كم عدد المُنْعَمِ عليهم بهذا الوسام؟!! احسبوا إن كنتم من الحاسبين، في كل ليلة من ليالي الشهر الكريم، يُكتب كشف بمائة ألف من هذه الأمة، ينعم عليهم الكريم بوسام السعادة الأبدية. فإذا كانت ليلة الجمعة أنعم فيها على مثل ما أنعم في سائر الأسبوع!! فإذا كانت ليلة العيد أنعم فيها على مثل ما أنعم في سائر الشهر!!
    فهنيئاً للصائمين الذين فازوا بوسام السعادة الأبدية من رب العالمين، والذين يقول فيهم ولهم، ومكتوب في وسامهم:
    " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" (101- 103 الأنبياء)
    فبشرى لأهل هذا الوسام، وسام السعادة الأبدية من ربِّ البريَّة سبحانه وتعالى.
    ومنا من يُنعم عليه الله بوسام الاستقامة، وما أدراك ما وسام الاستقامة؟!! إن صاحب هذا الوسام يأخذ هذا الوسام من الكريم ومكتوب فيه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ" (30-32 فصلت)
    أهل وسام الاستقامة لا خوف عليهم في الحياة الدنيا، ولا حزن عليهم يوم لقاء الله. لا خوف عليهم من غضب الله، ولا خوف عليهم من مقت الله، ولا خوف عليهم من خروج الروح، فإنهم آمنون في تلك الساعة، وتخرج أرواحهم كما يريدون وكما يطلبون، لأنهم منحوا وسام: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
    ومن المؤمنين من ينعم عليه في هذا اليوم بوسام الصدق، ومكتوب فيه: مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (23 الأحزاب). هؤلاء الرجال الذين صدقوا مع الله، فصلوا لله، وصاموا لله، وعملوا الطاعات لله ربِّ العالمين:
    "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر" ( 54-55 القمر)
    ٍ ومن المؤمنين - ومنا جماعة المؤمنين - مَنْ ينعم عليه في هذا اليوم الكريم بوسام المغفرة، ولا يُحرم منه صغيرٌ أو كبير، فكلنا بفضل الله، وكلنا بتوفيق الله، وكلنا بكرم الله، نحصل على الأقل على وسام المغفرة. كل مسلم منا صام هذا الشهر، وكل مسلم قام هذا الشهر يحصل على وسام المغفرة الذي يقول فيه رسولكم الكريم: { مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً واحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ }[ البخاري عن أبي هريرة].
    فيبدل الله له الذنب، فيخرج من هذا الشهر تقيًّا نقيًّا طاهراً لله.
    ولذلك يقول رب العالمين، وأكرم الأكرمين، لكم جميعاً - واسمعوا إليه وهو يخاطبكم فيقول:
    { يَا عِبَادِي سَلُوني، فَوَعِزَّتي وَجَلاَلِي لاَ تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ شَيْئاً فِي جَمْعِكُمْ لأخرتكم إِلاَّ أَعْطَيْتُكُمْ، وَلاَ لِدُنْيَاكُمْ إِلاَّ نَظَرْتُ لَكُمْ، وَعِزَّتي لأَسْتُرَنَّ عَلَيْكُمْ عَثَرَاتِكُمْ مَا رَاقَبْتُمُونِي، وَعِزَّتي لاَ أُخْزِيكُمْ وَلاَ أَفْضَحُكُمْ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ الْحُدُودِ، انْصَرِفُوا مَغْفُوراً لَكُمْ، قَدْ أَرْضَيْتُمُوني وَرَضَيْتُ عَنْكُمْ }[ رواه ابن حبان في الثواب البيهقي عن ابن عباس].
    أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
    الخطبة الثانية:
    الله أكبر (سبع مرات) ولله الحمد.
    الله أكبر على ما أولانا، الله أكبر على ما أعطانا، الله أكبر على ما منحنا وآوانا.
    ..... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد......
    الله أكبر على رحمته بالمؤمنين، الله أكبر على إحسانه بالموقنين، الله أكبر على جزاءه الكبير للصائمين.
    ...... الله أكبر الله أكبر ولله الحمد..........
    الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. (أما بعد)..
    فيا أيها الأخوة المؤمنون: أكرمنا الكريم جميعاً سبحانه وتعالى في شهر الصوم، فغفر لنا ذنوبنا، وستر عيوبنا، ونقّانا من كل قبيح، وجملنا بكل خير ومليح، فأصبحنا - والحمد لله- كملائكة الله، أتقياء أصفياء أوفياء: "لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (6 التحريم)
    أيها الأخوة المؤمنون: إن من حكمة الصوم العظمى - وحكمه لا تُعد ولا تحصى - أن كل واحد منا إذا دخل هذا الشهر الكريم، يأخذ نفسه ويضعها بين يدي مولاه.
    والنفس هي المخزن الذي يخزن الإنسان فيه طوال العام ما يسيء وما يضر، يخزِّن فيها حقده على فلان، ويخزِّن فيها حسده على فلان، ويخزّن فيها طمعه في فلان، ويخزِّن فيها ظلمه لفلان. ما أشبهها بصندوق القمامة، أو بسلة المهملات التي يضع فيها الإنسان أقبح شيء عنده.
    أما القلب فهو صندوق نوراني، وخزينة محكمة، يضع الإنسان فيها أثمن شيء عنده.
    يضع فيها ذكر الله، ويضع فيها التسبيح لله، ويضع فيها الصلاة على رسول الله، ويضع فيها النصح لعباد الله، ويضع فيها الرحمة بجميع خلق الله.
    فالنفس مصدر كل شر وقبيح، والقلب مصدر كل خير ومليح.
    ومن حكم الصوم العظمى أن الله يأتي على هذه السلّة ويفرغها. فيفرغها من الشرور والآثام، ويفرغها من الحقد والحسد، ويفرغها من الكراهية والبغضاء، ويفرغها من الشحناء، ويفرغها من الغلِّ، ويفرغها من جميع الصفات الخبيثة. وفي نفس الوقت يعمِّر الصندوق النوراني بنور الله، فيلهج صاحبه بذكر الله، ويفرح لعباد الله، ويشفق ويرحم جميع خلق الله.
    ولذلك تجدون جميعكم - والحمد لله - في هذا اليوم الكريم، تجدون أنفسكم منشرحين الصدور، كل واحد منكم يقابل أخاه بوجه هاش باش، يريد أن يعتنقه ويريد أن يقبله، ويريد أن يصافحه، ويريد أن يعبر له عن فرحته بكل ما يستطيع لماذا؟!!
    لأنه يصدر من قلب نوراني، عمَّره الله بأنواره، وملأه الله بإحسانه، وملأه الله بطاعته.
    فإذا كان هذا اليوم العظيم فاعلموا أن طاعتكم في هذا اليوم لله، وشكركم في هذا اليوم لله، أن تكونوا كما ورد في الأثر: {إن الله يحبُّ من خلقه من كان على خلقه}.
    يحب أن نكون اليوم ولو اليوم فقط على أخلاقه، هو عفوٌ، ويريد أن تكون أنت اليوم عفواً عمن أساء إليك، وعفواً عمن ارتكب في حقك معصية، وعفواً عمن ارتكب في ناحيتك شرًّا. وانظر إلى الله كيف يعامل الكفار!! ماذا يصنعون في هذه الأرض؟ ولكن العفو لا يعاملهم ببعض ذنوبهم ولا ببعض شرورهم
    "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّة" (45 فاطر)ٍ
    لو يؤاخذهم ببعض ذنوبهم لأهلكهم جميعاً، ولكنه عندما تَهِمُّ البحار كل صباح وتقول دعنا نغرقهم! وتقول الأرض دعني انشق فأبتلعهم! وتقول السماء دعني أهوى عليهم فأحرقهم! فيقول الله لهم- وهو الشفوق الرحيم العطوف:
    أنتم خلقتموهم؟ يقولون: لا، أنتم ترزقونهم؟ يقولون: لا، فيقول: أنا خالقهم، وأنا رازقهم، وأنا أولى بهم منكم، لا شأن لكم بهم.
    هذا هو العفو عمن أساء إليه!! يعفو عمن ارتكب القبائح على أرضه، مع أنه يأكل من خيره، ويعيش من برِّه، ويتحرك بفضله، ولكنه ذو عفوٍ، ويريد أن تتحلى كل يوم بصفة العفو، وتكون كما قال الله لرسوله:
    " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (199 الأعراف )
    نريد أن نأخذ العفو اليوم بقلوبنا، ويظهر على جوارحنا، فنعفو عمن أساء إلينا، ونصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، فنكون في رضاء ربنا سبحانه وتعالى.
    إن عبادة هذا اليوم هي المصافحة وهي المعانقة لعباد الله المؤمنين، ولعلكم تستصغرون أجر هذه العبادة!! ولكن اسمعوا إلى نبيِّكم يبيِّن لكم قدرها فيقول:
    { إنَّ المُسْلِمَ إذَا صَافَحَ أَخَاهُ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا - يعني نزلت ذنوبهما - كَمَا يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ }[ ابن ماجة وأحمد وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب].
    أي: كما ينزل ورق الشجر، أي كلما سلمت على مسلم نزلت جميع ذنوبك وجميع ذنوبه!! ربما تقول لي: إن ذنوبي تنزل مع أول مسلم أسلم عليه، فماذا يحدث مع الباقين؟
    يكتب لك حسنات قدر الذنوب التي نزلت عنك في أول مرة سلمت فيها على أول فرد من المسلمين!!
    هذا للمصافحة .. فما بالك بالنظرة؟!
    إذا نظرت في وجه أخيك المؤمن ببشاشة وابتسامة وبسرور، ماذا يحدث؟
    اسمع إلى رسولك وهو يقول:
    { نظرة في وجه أخ في الله على شوق خير من اعتكاف في مسجدي هذا عاماً }( رواه السيوطي في الفتح الكبير عن ابن عمر)
    . أفضل من الاعتكاف في مسجد رسول الله سنة!! وما أجر الاعتكاف؟ إن الاعتكاف يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من اعتكف قدر فواق- والفواق هو الوقت بين حلبتين للناقة، وهو وقت يسير- كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل }[ روح البيان وتفسير نور الأذهان لإسماعيل البروسوى]. والأجر في مسجد رسول الله يضاعف عشرة آلاف مرة عن هذه البقاع التي نحن فيها.
    فإذا عَبَدَ الإنسانُ الله، واعتكف في مسجد رسول الله عاماً، فله من الأجر ومن الثواب ما يعجز عنه حتى الكرام الكاتبين!! هذا الأجر كله تأخذه بنظرة في وجه أخيك، ولكنها نظرة بمحبة، ونظرة بحنو، ونظرة بشفقة، ونظرة بعطف، ونظرة بقبول وإقبال. وليست نظرة بحقد ولا حسد، وليست نظرة بكراهية وبغضاء.
    فانظر كم يحرم نفسه الحاقد في هذا اليوم من الأجر والثواب؟!!
    ماذا يتعب الإنسان في النظرة التي يحصل منها وبها على هذا الأجر الكبير؟ لا يتعب كل ما في الأمر أن يملأ قلبه بالمحبة لعباد الله في هذا اليوم، لكي تكون نظرته نظرة محبة وعطف وشفقة لجميع عباد الله.
    ولو أن مسلماً كان مسيئاً إليك فسامحه اليوم إن لم يكن إكراماً لذاته، فإكراماً لرسول الله، فإنك إذا كان لك أبناء وتخاصم بعضهم مع بعض، وجاء يوم العيد ماذا تريد منهم؟
    وماذا تحب منهم؟ هل تحب أن يظلا متخاصمين ذلك اليوم؟ أبداً، لكنك تريد منهم أن يكونوا في هذا اليوم على بساط المودة والصفاء.
    وكذا يا أيها الأخوة المؤمنون، رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم نحن جميعاً أبنائه بنص قول الله:
    "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6 الأحزاب)
    وفي رواية فوق السبعة: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم).
    فأبوكم المصطفى صلى الله عليه وسلم يريد منكم - أيها الأخوة، بنص كلام الله
    " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ الحجرات" (10 -الحجرات)
    أن تصفحوا الصفح الجميل، وأن تكونوا في هذا اليوم إخوة متآلفين، متحابين متعاونين، إكراماً لسيد المرسلين، وإكراماً لرب العالمين، مِنْ قال في كلامه المبين:
    وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (34 –فصلت)
    هذه عبادتنا في ذلك اليوم: المصافحة، والمعانقة، وصلة الأرحام. وما أدراك ما صلة الأرحام؟!! إن هذا اليوم الكريم هو يوم صلة الأرحام،. يوم صلة الأقارب، ويوم برِّ الوالدين وبالذات برُّ الوالدين وبرُّ صديقهما، وبرُّ الناس الذين لا يبرُّون إلا عن طريقهما. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم الكريم يبرُّ أصدقاء السيدة خديجة بعد وفاتها - إكراماً لها - ويرسل إليهن الهدايا. ويقولون له: يا رسول الله لم ترسل إلى فلانة؟ فيقول { إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الإيمَانِ }[ أخرجه الحاكم في المستدرك والدرامي عن عائشة].
    أي: كانت تصلها، فأحب أن أصلها بعد موتها. فمن تمام برِّ الوالدين أن تبرَّ صديقهما الذي كان يصادقهما في حياتهما، وأن تبرَّ أهل ودهما، وأن تبرَّ ذوي رحمهما، كل ذلك كما جاء بالحديث الشريف.
    ومن عمل هذا اليوم أيضاً: الإنفاق على الفقراء والمساكين، والتصدق على ذوي الحاجات، لأن هذا اليوم يوم الكرم الإلهي، والعمل فيه يضاعف أضعافاً كثيرة.
    ومن تمام هذا اليوم أن نقوم بإدخال البهجة والسرور على أولادنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
    {للجنة باب يقال له: الفرح، لا يدخل منه إلاَّ مفرح الصبيان}[ الفردوس عن ابن عباس عمدة القاري]
    .باب خاص جعله الله ليدخل منه مَنْ يدخل الفرح على قلوب الأطفال من البنين والبنات!! ولمن يفرحهم بلعبة، أو يفرحهم بنقود، أو يفرحهم بفاكهة، أو يفرحهم بحلوى.
    ولكن علينا في هذا الأمر أن ننظر إلى ما يجب أن نكون عليه، وهو أنني إذا أعطيت إلى أولاد أخي، أو إلى أولاد أقاربي، شيئاً لا أنتظر الرد!! ولا أذهب إلى أولادي وأقول لهم: كم أعطاكم عمُّكم فلان؟ وأقول لزوجتي أكتبي ورقة بالذي يعطيهم، فلان وفلان، واذهب إلى البيت وأرد لهم ما أعطوه!! فإن هذا ليس من عمل الإسلام، ولكنه من عمل الجاهلية!! إنما أنا أعطيهم لله، لآخذ الأجر من الله. فإذا أعطيت أخي فإنه من باب قول الله: " وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" (86- النساء)،
    فهو أيضاً يرجو العمل ويرجو الثواب من الله سبحانه وتعالى.
    وأيضاً يكون هذا الأمر في زيارة منازل وبيوت إخواننا. فإذا ذهبت إلى أخيك لزيارته في بيته فلا تنتظر الرد حتى يكون أجرك تاماً من الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لَيْسَ الْوَاصِلُ بالمُكَافِىءِ} ( البخاري وأبو داود والترمذي وأحمد عن عبد الله بن عمر).
    ]. فالذي يذهب لزيارة أخيه لا ينتظر الرد - إذا ذهب أخوه لزيارته فبها ونعمت، وإذا لم يذهب لم تتغير نفسه، ولا يتغير قلبه - لأنه عمل العمل لله، ويريد الثواب من الله، ويريد الأجر من الله، وما دام يرجو بعمله وجه الله ! ويريد بثوابه الله لا يحزن من خلق الله؟ ولا يتغير من عباد الله؟
    فعلينا في هذا اليوم أن نفعل ما يأتي:
    أن نصافح بعضنا، وأن ننظر في وجوه بعضنا بالمحبة والرضا، ونطلق الألسنة بالكلمة الطيبة، (فالكلمة الطيبة صدقة)، (وتبسمك في وجه أخيك صدقة). ثم نصل ذوي رحمنا، ونعطف على فقرائنا، ونشيع البهجة في صغارنا وأولادنا.
    أما ما يفعله بعضنا من إشاعة الحزن في ذلك اليوم، بالجلوس في المنازل - لأن لهم قريب توفى من شهرين أو أكثر أو أقل، وهذا أول عيد يمرُّ عليه !! ما للميت وما للعيد؟!!
    العيد للأحياء !! هل الأموات في المقابر لهم ليل ونهار مثلنا؟ أو لهم صيام وفطر مثلنا؟ إنه إما في جنة عرضها السموات والأرض، وإما في نار أعدت للعصاة والمذنبين والكافرين. والجنة والنار ليس فيهما ليل أو نهار، ولا شهر ولا يوم ولا سنة!! إنهم مقبورون بأعمالهم وبثوابهم. فإذا ذهبنا إلى المقابر لقراءة الفاتحة لهم فيها- فبها ونعمت - وإذا لم نذهب فليس علينا شئ.
    أما الجلوس في البيوت لتجديد الحزن في هذا اليوم فلا يجوز. فهذا اليوم يوم بهجة ويوم سرور، فإذا ذهبنا لأهل الميت فلأجل أن تشيع بينهم البهجة، وتغير ما عندهم من الحزن، وتقلب حالهم إلى حال الفرح.
    هذه هي سنة الإسلام يا جماعة المسلمين، فنريد إذن أن نبطل هذه العادة الجاهلية، وهي عادة الجلوس في البيوت، ويمر الناس على البيوت فيقولون: نأخذ خاطر فلان، وخاطر فلان!! فالعزاء في الإسلام بعد الثلاثة أيام لا يجب على مسلم.
    هذه هي أعمالنا التي نقوم بها في يوم العيد، ومع القيام بهذه الأعمال يجب أن لا تفوتنا الفرائض في جماعة، فقد عهدنا في السنوات الأخيرة أن الناس في يوم العيد يسهون عن صلاة الجماعة، ويؤدونها بعدها!! إن هذا اليوم يوم شكر لله، والشكر لله يقتضي أن نحافظ على فرائضه في وقتها، ثم نسرع بعدها لنؤدي ما كلفنا به الله.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 5:35 pm