ذكر الله أكسير الشباب
===============
فذكر الله نستطيع أن نسميه الأُكسير الذي يجعل الإنسان في شباب دائم، فهم يبحثون الآن على أدوية يريدون أن يكتشفوها ويخترعوها لكي ترد الإنسان للشباب، لكننا عندنا دواؤنا، ولا يكلفنا مال ولا شيء مادي، وكل ما يكلفنا أننا نجتمع مع بعضنا ونذكر الله، ونتحرك.
كيف نتحرك؟
القلب إذا وُجد فيه شيء من الهُيام لحضرة الله، وشيء من الوجد لسيدنا رسول الله، سيُحرك الجسم:
فإنا إذا طبنا وطابت نفوسنا
وخامرنا خمر الغرام تهتَّكنا
فلا تلُم السكران في حال سُكره
فقد رُفع التكليف في سكرنا عنا
فيجعل الإنسان يعيش في حالة فيها إقبالٌ شديدٌ على حضرة الله، وهي الحالة الوحيدة التي تجعل الإنسان يحيا الحياة الإيمانية، ومعها الحياة الجسدية{:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } (24الأنفال)
فهي الحياة التامة الإيمانية اليقينية.
فالمداومة على حلقات الذكر هي الأُكسير الوحيد في الوجود الذي يجعل الإنسان شاباً في قواه الظاهرة والباطنة حتى يلقى الله تبارك وتعالى، وهذا من فضل الله علينا، وإكرام الله عز وجل لنا، ويكفينا في الذكر قوله عز وجل في حديثه القدسي للملائكة:
{ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ فُضُلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ، فَإِذَا وَجَدُوا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ اللَّهُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ، وَيَذْكُرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَحْمِيدًا، وَأَشَدَّ تَمْجِيدًا، وَأَشَدَّ لَكَ ذِكْرًا، قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا لَهَا أَشَدَّ طَلَبًا، وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالُوا: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا مِنْهَا أَشَدَّ هَرَبًا، وَأَشَدَّ مِنْهَا خَوْفًا، وَأَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا الْخَطَّاءَ لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُ: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌ } (1)
فيكفي أن الواحد منا يقوم من حلقة الذكر مغفوراً له، لماذا؟
لأنه تم غسل القلب بالكلية: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89الشعراء) ...
كان صلى الله عليه وسلم مسافراً من المدينة إلى مكة، ومرَّ بجبل يُسمى جُمْدان فقال لأصحابه:
{ سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ } (2)
وفي رواية أخرى قال:
{ سَبَقَ الْمُفْرِدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْتَهْتَرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا }(3)
وكلمة مستهتر في اللغة العربية ليس معناها كما في اللغة العامية: وهو الذي لا يهمه شيء!!، .... لكن في الحديث يعني مُكثر، فالمستهترون بذكر الله يعني: ...
المكثرون بذكر الله.
وهؤلاء كل الأثقال التي عليهم ... والأوزار التي عليهم ...
والهموم والغموم التي عليهم يُزيلها ذكر الله تعالى:{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }(28الرعد)
ومن أين تطمئن؟
من جانب الدنيا، فلا يخاف من همٍّ، ولا غمٍّ، ولا كرب، ولا شدة، ولا مرض، ولا بأس، لأنه مستند على حضرة الله، ومن كان مع الله كان الله معه.
ولا يخاف من الآخرة ..
لأنه سيخرج في أعلى الدرجات التي ذكرها الله في الآيات القرآنية:إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ .وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ .. وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ...(35الأحزاب).
أعلى درجة فيهم:{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
(35الأحزاب) ماذا لهم؟
.
وكلمة الأجر العظيم عند الله لا يستطيع أي إنسان أن يحسبه أو يعده أو حتى يكشفه، فكلمة أجر عظيم من الله ليس لها حدٌّ ولا مقدار.
فهنيئاً للذاكرين الذين يديمون على ذكر الله عز وجل في كل وقتٍ وحين ..
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون من عباده ... الذاكرين الشاكرين الفاكرين الحاضرين بين يديه في كل وقت وحين.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
=======================================
(1) جامع الترمذي ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
(2) صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3) جامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه
===========================================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد
===============
فذكر الله نستطيع أن نسميه الأُكسير الذي يجعل الإنسان في شباب دائم، فهم يبحثون الآن على أدوية يريدون أن يكتشفوها ويخترعوها لكي ترد الإنسان للشباب، لكننا عندنا دواؤنا، ولا يكلفنا مال ولا شيء مادي، وكل ما يكلفنا أننا نجتمع مع بعضنا ونذكر الله، ونتحرك.
كيف نتحرك؟
القلب إذا وُجد فيه شيء من الهُيام لحضرة الله، وشيء من الوجد لسيدنا رسول الله، سيُحرك الجسم:
فإنا إذا طبنا وطابت نفوسنا
وخامرنا خمر الغرام تهتَّكنا
فلا تلُم السكران في حال سُكره
فقد رُفع التكليف في سكرنا عنا
فيجعل الإنسان يعيش في حالة فيها إقبالٌ شديدٌ على حضرة الله، وهي الحالة الوحيدة التي تجعل الإنسان يحيا الحياة الإيمانية، ومعها الحياة الجسدية{:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } (24الأنفال)
فهي الحياة التامة الإيمانية اليقينية.
فالمداومة على حلقات الذكر هي الأُكسير الوحيد في الوجود الذي يجعل الإنسان شاباً في قواه الظاهرة والباطنة حتى يلقى الله تبارك وتعالى، وهذا من فضل الله علينا، وإكرام الله عز وجل لنا، ويكفينا في الذكر قوله عز وجل في حديثه القدسي للملائكة:
{ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ فُضُلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ، فَإِذَا وَجَدُوا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ اللَّهُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ، وَيَذْكُرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَحْمِيدًا، وَأَشَدَّ تَمْجِيدًا، وَأَشَدَّ لَكَ ذِكْرًا، قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا لَهَا أَشَدَّ طَلَبًا، وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالُوا: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا مِنْهَا أَشَدَّ هَرَبًا، وَأَشَدَّ مِنْهَا خَوْفًا، وَأَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا الْخَطَّاءَ لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُ: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌ } (1)
فيكفي أن الواحد منا يقوم من حلقة الذكر مغفوراً له، لماذا؟
لأنه تم غسل القلب بالكلية: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89الشعراء) ...
كان صلى الله عليه وسلم مسافراً من المدينة إلى مكة، ومرَّ بجبل يُسمى جُمْدان فقال لأصحابه:
{ سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ } (2)
وفي رواية أخرى قال:
{ سَبَقَ الْمُفْرِدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْتَهْتَرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا }(3)
وكلمة مستهتر في اللغة العربية ليس معناها كما في اللغة العامية: وهو الذي لا يهمه شيء!!، .... لكن في الحديث يعني مُكثر، فالمستهترون بذكر الله يعني: ...
المكثرون بذكر الله.
وهؤلاء كل الأثقال التي عليهم ... والأوزار التي عليهم ...
والهموم والغموم التي عليهم يُزيلها ذكر الله تعالى:{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }(28الرعد)
ومن أين تطمئن؟
من جانب الدنيا، فلا يخاف من همٍّ، ولا غمٍّ، ولا كرب، ولا شدة، ولا مرض، ولا بأس، لأنه مستند على حضرة الله، ومن كان مع الله كان الله معه.
ولا يخاف من الآخرة ..
لأنه سيخرج في أعلى الدرجات التي ذكرها الله في الآيات القرآنية:إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ .وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ .. وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ...(35الأحزاب).
أعلى درجة فيهم:{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
(35الأحزاب) ماذا لهم؟
.
وكلمة الأجر العظيم عند الله لا يستطيع أي إنسان أن يحسبه أو يعده أو حتى يكشفه، فكلمة أجر عظيم من الله ليس لها حدٌّ ولا مقدار.
فهنيئاً للذاكرين الذين يديمون على ذكر الله عز وجل في كل وقتٍ وحين ..
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون من عباده ... الذاكرين الشاكرين الفاكرين الحاضرين بين يديه في كل وقت وحين.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
=======================================
(1) جامع الترمذي ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
(2) صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3) جامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه
===========================================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد