تابع جهاد اللسان
============
الإنسان؛ أي إنسان في أي زمان ومكان يحتاج لكلمة تجبر خاطره، والذي لا يجبر خاطر الإنسان فهو ليس من أهل التُقى والإيمان، لأنه لو أخرج أهل التُقى والإيمان ألفاظاً تهز الكيان، وتجعل الإنسان تظلم الدنيا في وجهه ويريد أن يفر من هذا المكان بسبب هذه الكلمة التي يسمعها.
فمن أين يسمعون الكلام الجميل؟!!، هل من أهل اليابان؟! نحن الذين علمناهم، وهل من أهل أوروبا؟! نحن الذين فتَّحناهم، فهل كان عندهم حضارة أو تقدم؟! لا، بل كان عندهم همجية، وأخذوا الصفات الطيبة التي عندنا وسادوا بها، ونحن رجعنا - ويا ليتنا رجعنا إلى الجاهلية - لأن زمن الجاهلية كان فيه أخلاق نقية تقية، ولكننا رجعنا إلى مجاهيل الجاهلية.
فما العلامة السديدة الرشيدة للعبد أنه سلك ومشى في طريق الله؟ أنه لا يُخرج إلا الكلام الذي يُرضي الله، ويسر خلق الله عز وجل ، فينتقي كلامه ...
ولذلك الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم :
{ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } (1)
سيدنا الإمام الشافعي رضى الله عنه يقول في هذا الحديث: يكاد يكون ربع الإسلام.
شيء ليس لي به شأن، فلِمَ أُدخل نفسي فيه؟
لماذا انشغل الناس بالناس؟!
هذه علامة الإفلاس !!!!، يقول: فلان كذا، وفعل كذا، وعنده كذا، لكن ما شأنك بهذا؟! هل أنت المعطي؟!
أنت عبد المعطي، وهو قال {:يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ} (الشورى).
لماذا تدخل في أمر لرب العزة تبارك وتعالى؟!!
فأنت بهذا تعترض على أقداره ...
فما يجري في الكون كله قدَّره تبارك وتعالى، فلِمَ تعترض على أقدار الله؟!!:
ألا قل لمن كان لي حاسداً
أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله
لأنك لم ترض لي ما كتب
فلِمَ يشغل الإنسان نفسه بالناس؟ أ
نا أشغل نفسي بالله، والمشغول بالله لا ينشغل بسواه.
ولذلك أعجب عندما أجد بعض الأحباب يجلسون مع بعضهم ويتحدثون عن فلان وفلان وغيره ...!!!!
لو تحكون عن حضرة النبي فأهلاً وسهلاً، أو تحكون عن الخلفاء الراشدين والصحابة الهاديين المهديين فهذا تمام التمام، أو تحكون عن الصالحين وأحوال الصالحين فهذا عين المرام، لكن يحكون على بعضهم، فلان كذا، وفلان كذا، وفلان كذا، فكيف يكون هؤلاء إخواناً أو أحباباً؟!!
الإخوان يقول فيهم الله{:وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }
(47الحجر)
الإخوان دائماً يتقابلون على السرور.
وكنا نقول لبعضنا كما علَّمنا مشايخنا: لقاء الإخوان يُذهب الأحزان، عندما يكون الإنسان عنده مشاكل أو همّ أو غمّ، يقول: أذهب لأخي فلان أزوره وأجلس معه، فيُزاح منه هذا الهم وهذا الغم ويذهب بلا رجعة، لماذا؟ لأنه جلس مع أخٍ في الله تعالى.
لكن يجلس مع فخ يقول له فلان وعلان، فهذا فخ كبير، وسيضيع العمل الذي عمله، فيا ليتنا نركز في هذا البند، وهو سلامة الإنسان في سلامة اللسان، قال صلى الله عليه وسلم :
{ لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ،
وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ }
ليتنا نركز في الجهاد على جهاد اللسان:
والمرحلة الأولى في الجهاد في القرآن: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}(83البقرة)
والناس يعني كلهم:
الكافر والمشرك وكل الناس، فكيف يكون مع المؤمنين؟!
كما قلنا {:وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24الحج)
يختاروا الكلام الطيب الذي يروق البال، والذي يسر الخاطر.
فكيف يكون مع المتقين؟
{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا }(269البقرة).
نسأل الله عز وجل أن يجعل نطقنا ذكراً، وصمتنا فكراً، ونظرنا عبراً.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
======================================
(1)مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه
من كتاب (همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد
============
الإنسان؛ أي إنسان في أي زمان ومكان يحتاج لكلمة تجبر خاطره، والذي لا يجبر خاطر الإنسان فهو ليس من أهل التُقى والإيمان، لأنه لو أخرج أهل التُقى والإيمان ألفاظاً تهز الكيان، وتجعل الإنسان تظلم الدنيا في وجهه ويريد أن يفر من هذا المكان بسبب هذه الكلمة التي يسمعها.
فمن أين يسمعون الكلام الجميل؟!!، هل من أهل اليابان؟! نحن الذين علمناهم، وهل من أهل أوروبا؟! نحن الذين فتَّحناهم، فهل كان عندهم حضارة أو تقدم؟! لا، بل كان عندهم همجية، وأخذوا الصفات الطيبة التي عندنا وسادوا بها، ونحن رجعنا - ويا ليتنا رجعنا إلى الجاهلية - لأن زمن الجاهلية كان فيه أخلاق نقية تقية، ولكننا رجعنا إلى مجاهيل الجاهلية.
فما العلامة السديدة الرشيدة للعبد أنه سلك ومشى في طريق الله؟ أنه لا يُخرج إلا الكلام الذي يُرضي الله، ويسر خلق الله عز وجل ، فينتقي كلامه ...
ولذلك الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم :
{ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } (1)
سيدنا الإمام الشافعي رضى الله عنه يقول في هذا الحديث: يكاد يكون ربع الإسلام.
شيء ليس لي به شأن، فلِمَ أُدخل نفسي فيه؟
لماذا انشغل الناس بالناس؟!
هذه علامة الإفلاس !!!!، يقول: فلان كذا، وفعل كذا، وعنده كذا، لكن ما شأنك بهذا؟! هل أنت المعطي؟!
أنت عبد المعطي، وهو قال {:يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ} (الشورى).
لماذا تدخل في أمر لرب العزة تبارك وتعالى؟!!
فأنت بهذا تعترض على أقداره ...
فما يجري في الكون كله قدَّره تبارك وتعالى، فلِمَ تعترض على أقدار الله؟!!:
ألا قل لمن كان لي حاسداً
أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله
لأنك لم ترض لي ما كتب
فلِمَ يشغل الإنسان نفسه بالناس؟ أ
نا أشغل نفسي بالله، والمشغول بالله لا ينشغل بسواه.
ولذلك أعجب عندما أجد بعض الأحباب يجلسون مع بعضهم ويتحدثون عن فلان وفلان وغيره ...!!!!
لو تحكون عن حضرة النبي فأهلاً وسهلاً، أو تحكون عن الخلفاء الراشدين والصحابة الهاديين المهديين فهذا تمام التمام، أو تحكون عن الصالحين وأحوال الصالحين فهذا عين المرام، لكن يحكون على بعضهم، فلان كذا، وفلان كذا، وفلان كذا، فكيف يكون هؤلاء إخواناً أو أحباباً؟!!
الإخوان يقول فيهم الله{:وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }
(47الحجر)
الإخوان دائماً يتقابلون على السرور.
وكنا نقول لبعضنا كما علَّمنا مشايخنا: لقاء الإخوان يُذهب الأحزان، عندما يكون الإنسان عنده مشاكل أو همّ أو غمّ، يقول: أذهب لأخي فلان أزوره وأجلس معه، فيُزاح منه هذا الهم وهذا الغم ويذهب بلا رجعة، لماذا؟ لأنه جلس مع أخٍ في الله تعالى.
لكن يجلس مع فخ يقول له فلان وعلان، فهذا فخ كبير، وسيضيع العمل الذي عمله، فيا ليتنا نركز في هذا البند، وهو سلامة الإنسان في سلامة اللسان، قال صلى الله عليه وسلم :
{ لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ،
وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ }
ليتنا نركز في الجهاد على جهاد اللسان:
والمرحلة الأولى في الجهاد في القرآن: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}(83البقرة)
والناس يعني كلهم:
الكافر والمشرك وكل الناس، فكيف يكون مع المؤمنين؟!
كما قلنا {:وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24الحج)
يختاروا الكلام الطيب الذي يروق البال، والذي يسر الخاطر.
فكيف يكون مع المتقين؟
{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا }(269البقرة).
نسأل الله عز وجل أن يجعل نطقنا ذكراً، وصمتنا فكراً، ونظرنا عبراً.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
======================================
(1)مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه
من كتاب (همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد