بركة المداومة
============
وعندما يستغرق الإنسان بهذه الكيفية التى ذكرناها كما قلنا أعلاه فى مرحلة السير والسلوك ، فعندما ينام يرى الحبيب صلى الله عليه وسلم
أولاً في المنام، ثم يُلاطفه ويُؤانسه بالكلام،
ثم يمده بعلوم الإلهام،
ثم يكون بينه وبينه تواصلٌ على الدوام،
المهم كل هذه الأوراد تحتاج إلى قوله صلى الله عليه وسلم:
{ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ } (1)
سر فلاح الصالحين المداومة، لأن الإنسان قد يمشي على هذا المنهج شهراً، ويرجع مرة ثانية والنفس تُثبطه وتكسله، وقد يمشي عليه سنة، والنفس أيضاً تكسله، وقد يمشي عليه سنين ولكنه طالب للفتح، وليس طالباً لله، فلا يأتيه الفتح، فنفسه تُيئسه فيتوقف عن هذه الأوراد.
لكن أنا لا أعمل للفتح، بل أعمل لله، ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يعبد الله للفتح، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله للكشف، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله ليُحصِّل علوم الإلهام، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله ليحصِّل الكرامات، فهذه عبادة معلوله، لكن أعبد الله لذاته: (فاعبدنُه لذاته أفردنُه) اعبد الله لأنه أهلاً للعبادة.
أنا ماذا أحتاج؟ هو أعرف بي، وأولى بي مني، يُقيمني حيث شاء، فكن له حيث شاء، يُقيمك حيث شاء عز وجل في محابه ومراضيه، ليكون الإنسان محفوظاً بحفظ الله، ولا تستطيع النفس ولا الهوى ولا الشيطان أن يلعبوا به ولا يؤثروا فيه، فأهم شيء إخلاص القصد لله عز وجل .
سيدي أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه وأرضاه يحكي وهو في بدايته، وكان يتعبد في غار في جبل شاذُلة في تونس بالقرب من بلد اسمها شاذُلة، فيقول: قضيت في الغار سبع سنين، وفي يوم من الأيام وجدتُ امرأة من أهل الكشف تمر أمام الغار الذي كنت فيه، وتقول: هو يقول: اليوم سيُفتح عليَّ، غداً سيُفتح عليَّ، فهل تعبد الله للفتح أم لله؟!!
وهي بهذا الكلام تريده أن ينتبه، قال: فتيقظتُ إلى ما انتابني وحرمني، لأنه كان يعبد الله من أجل عطاء، وإن كان هذا العطاء غالي وعالي، لكن الذي يعبد الله يعبده لذاته: (فاعبدنه لذاته أفردنه).
لا يخطر في قلبك يوماً أنك تعبد الله لأي أمل، أو لأي أجرٍ، سواءٌ في الدنيا، أوالآخرة، والإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه يقول لنا في ذلك: ( إن مولانا تنزَّه عن علل ) لا يريد أصحاب العلل، ولكن يريد الذين يُفردوه بالقصد، وهؤلاء الذين قال فيهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ سَبَقَ الْمُفْرِدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْتَهْتَرُونَ
فِي ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا }(2)
وفي رواية: الْمُفَرِّدُونَ، وفي رواية أخرى: الْمُفْرَدُونَ.
فنحن جميعاً نريد أن يكون لنا نصيبٌ من ميراث الصالحين، وميراث الصالحين هو الذي يقول فيه سيد الأولين والآخرين:
{ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ } (3)
ميراث الصالحين الذي ورثوه من رسول الله العلم الإلهي، والنور الرباني،والكشف وغيره، ونحن نريد أن يكون لنا نصيبٌ فيه، ومتى يكون لنا نصيبٌ فيه؟ إذا واظبنا على الأوراد طلباً لرضاء الله، وطلباً للتشبه بحبيبه ومصطفاه، وطلباً للسير على منهاج العبد الموصول الذي سيُوصلنا إلى حضرة الله.
لا لعلة نفسية، ولا لأغراض دنيوية، وإنما بهذه الكيفية إذا سرنا على هذا المنهاج.
أسأل الله عزوجل أن يجعلنا من الذين اجتباهم واصطفاهم، وجعل لهم قسطاً من الأنوار، وغرف لهم فيضاً من العلوم الإلهية والأسرار، ومتَّعهم ظاهراً وباطناً بحضرة النبي المختار، وجعلهم من العالِمين الدالين على حضرته في الدنيا، والشفعاء لدنه يوم القرار، وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
===============================
(1) صحيح مسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها
(2) جامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3) جامع الترمذي وأبي داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه
===============================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد
============
وعندما يستغرق الإنسان بهذه الكيفية التى ذكرناها كما قلنا أعلاه فى مرحلة السير والسلوك ، فعندما ينام يرى الحبيب صلى الله عليه وسلم
أولاً في المنام، ثم يُلاطفه ويُؤانسه بالكلام،
ثم يمده بعلوم الإلهام،
ثم يكون بينه وبينه تواصلٌ على الدوام،
المهم كل هذه الأوراد تحتاج إلى قوله صلى الله عليه وسلم:
{ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ } (1)
سر فلاح الصالحين المداومة، لأن الإنسان قد يمشي على هذا المنهج شهراً، ويرجع مرة ثانية والنفس تُثبطه وتكسله، وقد يمشي عليه سنة، والنفس أيضاً تكسله، وقد يمشي عليه سنين ولكنه طالب للفتح، وليس طالباً لله، فلا يأتيه الفتح، فنفسه تُيئسه فيتوقف عن هذه الأوراد.
لكن أنا لا أعمل للفتح، بل أعمل لله، ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يعبد الله للفتح، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله للكشف، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله ليُحصِّل علوم الإلهام، فهذه عبادة معلولة، والذي يعبد الله ليحصِّل الكرامات، فهذه عبادة معلوله، لكن أعبد الله لذاته: (فاعبدنُه لذاته أفردنُه) اعبد الله لأنه أهلاً للعبادة.
أنا ماذا أحتاج؟ هو أعرف بي، وأولى بي مني، يُقيمني حيث شاء، فكن له حيث شاء، يُقيمك حيث شاء عز وجل في محابه ومراضيه، ليكون الإنسان محفوظاً بحفظ الله، ولا تستطيع النفس ولا الهوى ولا الشيطان أن يلعبوا به ولا يؤثروا فيه، فأهم شيء إخلاص القصد لله عز وجل .
سيدي أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه وأرضاه يحكي وهو في بدايته، وكان يتعبد في غار في جبل شاذُلة في تونس بالقرب من بلد اسمها شاذُلة، فيقول: قضيت في الغار سبع سنين، وفي يوم من الأيام وجدتُ امرأة من أهل الكشف تمر أمام الغار الذي كنت فيه، وتقول: هو يقول: اليوم سيُفتح عليَّ، غداً سيُفتح عليَّ، فهل تعبد الله للفتح أم لله؟!!
وهي بهذا الكلام تريده أن ينتبه، قال: فتيقظتُ إلى ما انتابني وحرمني، لأنه كان يعبد الله من أجل عطاء، وإن كان هذا العطاء غالي وعالي، لكن الذي يعبد الله يعبده لذاته: (فاعبدنه لذاته أفردنه).
لا يخطر في قلبك يوماً أنك تعبد الله لأي أمل، أو لأي أجرٍ، سواءٌ في الدنيا، أوالآخرة، والإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه يقول لنا في ذلك: ( إن مولانا تنزَّه عن علل ) لا يريد أصحاب العلل، ولكن يريد الذين يُفردوه بالقصد، وهؤلاء الذين قال فيهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ سَبَقَ الْمُفْرِدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْتَهْتَرُونَ
فِي ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا }(2)
وفي رواية: الْمُفَرِّدُونَ، وفي رواية أخرى: الْمُفْرَدُونَ.
فنحن جميعاً نريد أن يكون لنا نصيبٌ من ميراث الصالحين، وميراث الصالحين هو الذي يقول فيه سيد الأولين والآخرين:
{ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ } (3)
ميراث الصالحين الذي ورثوه من رسول الله العلم الإلهي، والنور الرباني،والكشف وغيره، ونحن نريد أن يكون لنا نصيبٌ فيه، ومتى يكون لنا نصيبٌ فيه؟ إذا واظبنا على الأوراد طلباً لرضاء الله، وطلباً للتشبه بحبيبه ومصطفاه، وطلباً للسير على منهاج العبد الموصول الذي سيُوصلنا إلى حضرة الله.
لا لعلة نفسية، ولا لأغراض دنيوية، وإنما بهذه الكيفية إذا سرنا على هذا المنهاج.
أسأل الله عزوجل أن يجعلنا من الذين اجتباهم واصطفاهم، وجعل لهم قسطاً من الأنوار، وغرف لهم فيضاً من العلوم الإلهية والأسرار، ومتَّعهم ظاهراً وباطناً بحضرة النبي المختار، وجعلهم من العالِمين الدالين على حضرته في الدنيا، والشفعاء لدنه يوم القرار، وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
===============================
(1) صحيح مسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها
(2) جامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه
(3) جامع الترمذي وأبي داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه
===============================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد