مقاومة التيارات المادية
إن الاتجاه المادي الذي يسيطر على العالم اليوم، ويدفعه إلى التسابق المجنون في شتى ميادين الصراع يحتاج إلى قوة تكبح جماحه وتوقفه عند حدوده، وتجعل هناك توازناً بين الخير والشر.
ولن تكون هذه القوة سوى قوة الروح التي يستمدها الناس من الاتجاه إلى الأفق الأعلى حيث يشعرون بالأمن والراحة والاستقرار، حيث ينسى الإنسان أحقاده وآلامه وشراسته، ولا يذكر إلا أنه عبد ضعيف لا حول له ولا قوة تصرعه نوبة من سعال لا يعرف مصدرها، وتقتله لفحة من برد، ويقضي عليه انفجار شريان صغير لا تكاد تراه العين، ويلقيه طريح الفراش ألم مفاجئ لم يكن يتوقعه.
ولهذا فقد اضطر المجتمع المادي أن يحني قامته لهذا المجتمع الروحي الرحيب فأدرك عقلاء الغرب ومفكروه أن التصوف ملجأ أخير يحفظ للإنسان كرامته، وينقذه من حريته، ويهديه الأمن والرحمة والسلام، ذلك التصوف الذي نبع في حمى رسالة السلام والإسلام والذي قال الله في حق المؤمنين بها:
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.)
لقد أفلست كل المذاهب والفلسفات في الغرب فكراً وتطبيقاً، وأفلست روحياً
وإنسانياً، وأفلست علاجاً، وأفلست حلاً فكل شئ هناك يسير إلى النهاية، وقد فشلت كل العقاقير والأدوية في إنقاذ هذه الحضارة، وقيمها البالية، لم يعد هناك أمل في الغرب، كل شئ ينهار، إن أوربا - كما يقول المرحوم إقبال - تحتضر والروح تموت عطشاً في سرابها الخادع.
فيها حضارة، نعم، ولكنها حضارة تحتضر وإن لم تمت حتف أنفها فلسوف تنتحر غداً وتذهب، والحل كما يقول العلامة الندوي في الإسلام الذي يقود سفينته محمد صلى الله عليه وسلم .
أصبح الحل كما يقول العلامة الفرنسي برجسون:
((الإنسانية اليوم أكبر ما تكون حاجة إلى الوثبة الروحية حتى تقيم التعادل مع وثبتها المادية.، إن الجسم الذي تضخم ينتظر الآن نفخة روحية، وإن الآلية بحاجة إلى صوفية، ولعل أصول هذه الآلية صوفية أكثر مما يظن، وهي لن ترتد إلى اتجاهها الحق ولن تكون خدماتها متناسبة مع قوتها إلا إذا استطاعت الإنسانية التي انحنت بتأثيرها نحو الأرض أن تتوصل بتأثيرها أيضاً إلى الانتصاب ثانية والرّنو إلى السماء)).
ثم يقول:
(( وما أحسب أن النجدة المنقذة إلا آتية من قبل مشرق الشمس من الشرق الروحي الذي يملك أروع القوة الصوفية)).
وهكذا نجد أن الحاجة إلى التصوف، لا تقف عند حدود بلادنا وما تستوجبه ظروفها من أعباء سياسية وعسكرية واجتماعية ولكن العالم كله من أقصاه إلى أقصاه يشعر الآن بحاجته الشديدة إلى هذه الدفعة الروحية لتنقذه من حيرته المادية وتلهمه السداد في طريقه وتحرس خطاه.
لقد ثار علماء الغرب على المادة لأنهم يدركون تماماً أن المادة لا عقل لها، ولذا فقد عصفت في طريقها بكل شئ، وجرفت في تيارها الأخلاق والمثل والمبادئ، وطوحت بالعقائد والروحانيات المتوارثة، وبنت حياة الناس على أسـاس منهار، إن عاش قليلاً فلن يدوم طويلاً، وصدق الله حين يقول:
( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ)
24 يونس
وهذا ما جعلنا نسمع الدعوة إلى المبادئ الروحية من صميم الغربيين أنفسهم فالأديب والمفكر الشهير برناردوشو يقول:
((ما أحوج العالم الآن إلى رجل مثل محمد يعالج مشاكله))
--------------------------------
يتبع إن شاء الله
================================
من كتاب المنهج الصوفى والحياة العصرية
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
إن الاتجاه المادي الذي يسيطر على العالم اليوم، ويدفعه إلى التسابق المجنون في شتى ميادين الصراع يحتاج إلى قوة تكبح جماحه وتوقفه عند حدوده، وتجعل هناك توازناً بين الخير والشر.
ولن تكون هذه القوة سوى قوة الروح التي يستمدها الناس من الاتجاه إلى الأفق الأعلى حيث يشعرون بالأمن والراحة والاستقرار، حيث ينسى الإنسان أحقاده وآلامه وشراسته، ولا يذكر إلا أنه عبد ضعيف لا حول له ولا قوة تصرعه نوبة من سعال لا يعرف مصدرها، وتقتله لفحة من برد، ويقضي عليه انفجار شريان صغير لا تكاد تراه العين، ويلقيه طريح الفراش ألم مفاجئ لم يكن يتوقعه.
ولهذا فقد اضطر المجتمع المادي أن يحني قامته لهذا المجتمع الروحي الرحيب فأدرك عقلاء الغرب ومفكروه أن التصوف ملجأ أخير يحفظ للإنسان كرامته، وينقذه من حريته، ويهديه الأمن والرحمة والسلام، ذلك التصوف الذي نبع في حمى رسالة السلام والإسلام والذي قال الله في حق المؤمنين بها:
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.)
لقد أفلست كل المذاهب والفلسفات في الغرب فكراً وتطبيقاً، وأفلست روحياً
وإنسانياً، وأفلست علاجاً، وأفلست حلاً فكل شئ هناك يسير إلى النهاية، وقد فشلت كل العقاقير والأدوية في إنقاذ هذه الحضارة، وقيمها البالية، لم يعد هناك أمل في الغرب، كل شئ ينهار، إن أوربا - كما يقول المرحوم إقبال - تحتضر والروح تموت عطشاً في سرابها الخادع.
فيها حضارة، نعم، ولكنها حضارة تحتضر وإن لم تمت حتف أنفها فلسوف تنتحر غداً وتذهب، والحل كما يقول العلامة الندوي في الإسلام الذي يقود سفينته محمد صلى الله عليه وسلم .
أصبح الحل كما يقول العلامة الفرنسي برجسون:
((الإنسانية اليوم أكبر ما تكون حاجة إلى الوثبة الروحية حتى تقيم التعادل مع وثبتها المادية.، إن الجسم الذي تضخم ينتظر الآن نفخة روحية، وإن الآلية بحاجة إلى صوفية، ولعل أصول هذه الآلية صوفية أكثر مما يظن، وهي لن ترتد إلى اتجاهها الحق ولن تكون خدماتها متناسبة مع قوتها إلا إذا استطاعت الإنسانية التي انحنت بتأثيرها نحو الأرض أن تتوصل بتأثيرها أيضاً إلى الانتصاب ثانية والرّنو إلى السماء)).
ثم يقول:
(( وما أحسب أن النجدة المنقذة إلا آتية من قبل مشرق الشمس من الشرق الروحي الذي يملك أروع القوة الصوفية)).
وهكذا نجد أن الحاجة إلى التصوف، لا تقف عند حدود بلادنا وما تستوجبه ظروفها من أعباء سياسية وعسكرية واجتماعية ولكن العالم كله من أقصاه إلى أقصاه يشعر الآن بحاجته الشديدة إلى هذه الدفعة الروحية لتنقذه من حيرته المادية وتلهمه السداد في طريقه وتحرس خطاه.
لقد ثار علماء الغرب على المادة لأنهم يدركون تماماً أن المادة لا عقل لها، ولذا فقد عصفت في طريقها بكل شئ، وجرفت في تيارها الأخلاق والمثل والمبادئ، وطوحت بالعقائد والروحانيات المتوارثة، وبنت حياة الناس على أسـاس منهار، إن عاش قليلاً فلن يدوم طويلاً، وصدق الله حين يقول:
( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ)
24 يونس
وهذا ما جعلنا نسمع الدعوة إلى المبادئ الروحية من صميم الغربيين أنفسهم فالأديب والمفكر الشهير برناردوشو يقول:
((ما أحوج العالم الآن إلى رجل مثل محمد يعالج مشاكله))
--------------------------------
يتبع إن شاء الله
================================
من كتاب المنهج الصوفى والحياة العصرية
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد