·
الحضرة الأحمديَّـة
فهي الحضرة التي كان يواجه بها الأنبياء والرسل السابقين، ومن أجل ذلك ذكروها
{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (6:الصف)
فالذي عرفوه منه الحضرة الأحمدية، وهي الحضرة النورانية التي ليس فيها جسمانية، وليس فيها هيكلية، وليس فيها من العناصر الأرضية شيء، بل نُورٌ على نُور، نُور الله عز وجل على نُور الحبيب صلي الله عليه وسلم .
فالأنبياء والمرسلون كانوا يستمدون من الحضرة النورانية الصافية، لأن أرواحهم صافية على الدوام، ولا يحتاجون - مثلنا - لواحد يجلسون أمامه، ويوجهون نظرهم إليه، وينصتون بسمعهم إليه، لأنهم كانوا في صفاء الصفاء وفي بهاء البهاء!
ولذلك كان لا يغيب عنهم نور سيِّد الأنبياء صلي الله عليه وسلم منذ رأتهم عيون أبصارهم في يوم الميثاق، وهم لا يغيبون عنه ....
بل دائماً يشتاقون إليه، حتى أكمل الله عليهم المِنَّة، وأتم عليهم النِّعمة، وأرسلهم وبعثهم جميعاً بعد مجيء الصورة المحمدية الكاملة، ليجددوا البيعة على حضرته صلوات الله وسلامه عليه في بيت المقدس - كما تعلمون - من أجل أن يحظوا بالشرفين، ويأخذوا من الحضرتين،
لكن نور رسول الله صلي الله عليه وسلم كان لا يغيب عنهم طرفة عين. ... هذه الحضرة الأحمدية النورانية
التي يسأل فيها سيدنا جابر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول له:
{ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ ؟ فَقَالَ:
هُوَ نُورُ نَبِيِّك يَا جَابِرُ }(1)
وهذه كانت الحضرة الأولى، حضرة الأنوار لأهل الأنوار.الحضرة النورانيَّة
أما حضرة الملائكة:
فإن الله عز وجل تَجَلَّى لهم بنُورِ حبيبه ومصطفاه في هيكل آدم عليه السلام ...
فكان أدم الشاشة التي انعكست عليها أنوار النبيِّ الخاتم .....
ليستطيع ملائكة الله عز وجل أن يروه صلي الله عليه وسلم
على حسب قدراتهم ..... وعلى حسب سعة أنوارهم، وعلى حسب نورانية وشفافية ذواتهم الروحانية ... لأن نُورَ رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يستطيع أَحَدٌ أن يراه إلا إذا أعطاه الله عز وجل قوة من عنده به يراه، لكنه بذاته لا يستطيع أحد أن يراه صلوات الله وسلامه عليه.
(1)رواه عبد الرازق الصنعانى في مسنده عن جابر بن عبدالله الأنصارى رضي الله عنه ، وهو حديث طويل أوله { أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ ؟ فَقَالَ هُوَ نُورُ نَبِيِّك يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللَّهُ ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ كُلَّ خَيْرٍ وَخَلَقَ بَعْدَهُ كُلَّ شَرٍّ.} كما ورد الرواية فى حاشية الصاوي لأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّاوِيُّ ووردت فى الشرح الصغير على أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك لمحمد بن أحمد الدردير وفى تفسير نور الأذهان لإسماعيل البروسوى، وفى "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" لإسماعيل العجلونى، دار الكتب العلمية طبعة 2001
الرحمة المهداة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد