إذاً الذي علينا أن نتعرض له حتى نحظى بفضل الله أن نجهز القلب لله جل فى علاه، نحفظه مما لا يحبه الله، وننقيه مما يباعدنا من القرب عن حضرة الله، ونزيل منه وننزع كل الذي بيننا وبين خلق الله: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) (47الحجر) والله عز وجل بيَّن لنا فى القرآن سر العطاء الذي أعطاه لأصحاب النبي العدنان: (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) (الحشر) هذا الحب يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
{ لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
وأكرمهم ثانيةً: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا) (الحشر) صدورهم سليمة ومنشرحة نحو جميع خلق الله، لكن من يصلي وهو فى صلاته وقبلها وبعدها يفكر كيف يكيد لأخيه المسلم فلان؟! وكيف يضر فلان؟! وكيف يدعوا الله فتنزل مصيبة على فلان حتى يشمت فيه؟! كيف يتعرض هذا لفضل الله؟!! لا بد أولاً أن يأتي إلى ربه بالقلب السليم الذي ليس فيه إلا السلامة من كل الذنوب والآثام، والإقبال بالكلية على الملك العلام عز وجل.
تجهيز القلوب هو العمل الأساسي الذي كان يُجهز به الصالحون أنفسهم للتعرض لفضل الله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فى شأنهم:
{ إذا أحب الله عبداً سخره لأفضل الأعمال فى أفضل الأوقات }
لكن قبل ذلك رزقه الله الطهارة الباطنية، وبعد الطهارة يُنزل عليه السكينة، ويُنزل في قلبه الخشية، ويُنزل في قلبه الخوف، ويُنزل في فؤاده الوجل، ويملأ قلبه بحقيقة الحب لله ولحبيب الله ومصطفاه، وينزع من صدره كل ما بينه وبين خلق الله، وما يعكر صفوه حتى يكون طاهراً نظيفاً، فيُقبل عليه مولاه جل فى علاه، ويخصه بعطاءه كما خصَّ الصالحين من رجالات الله في كل زمان ومكان.
ولذلك بيَّن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق وإن كانت خفيت على الكثير من العُبَّاد، يقول صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال:
{ َرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ }
لأن قلبه مشغول بالضغائن للخلق، فكيف يُقبل عليه الحق؟!! هذا مثله كمثل الذى قال له حضرة النبي صلى الله عليه وسلم:{ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ }
قبل أن تصلِّ طهر القلب لله: ( قد أفلح من تزكى 14 وذكر اسم ربه فصلى 15) (الأعلى).
ومن كان مشغولاً بالصيام، يقول صلى الله عليه وسلم:
{ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ }
فهو صائم عن الطعام لكن جوارحه ليست صائمة عن الذنوب والآثام، فالجوارح تغتاب وتنم وتكذب وتقول الزور ويخرج منها أقوال الخنا والفجور ..... فأي صيام هذا؟!! لكن الصيام الذي حدده الصالحون قالوا فيه:
إذا ما المرء صام عن الخطايا ***فكل شهوره شهر الصياموهذا هو الصيام الأولى في باب الصالحين، لكن الصيام الأكمل:
وما صام إلا عن سوى ما يحبه ***كذلك عبد الذات في القرب طامع
يصوم على أن يخطر في قلبه غير مولاه، فالرجل الذي يصوم هذا الصيام يقول:
وإن خطرت لي في سواك إرادة ***على خاطري نَفَساً حكمت بردتي
أي لا يخطر على البال في أي لحظة أو وقت أو حين إلا رب العالمين عز وجل، الإمام الجنيد رضي الله عنه وأرضاه عند ساعة نزعه قالوا له: اذكر الله، فقال لهم: وهل نسيته حتى أذكره: (ذكرتك لا أني نسيتك لحظة) يذكر لأن الله أمره بذكره، لكنه لم ينسى الله لحظة ولا أقل، فهذه حقيقة الذكر لله عز وجل الذى يتعرض صاحبه لفضل الله وعطاءات الله.
إذاً الذى يريد عطاءات الصالحين، وإكرامات الله عز وجل للمتقين، ومنح الله عز وجل للأصفياء والواصلين، يجب عليه قبل العبادات الجسمانية أن يُطهر القلب بالكلية لرب البرية عز وجل.
ولذلك الإمام الغزالى رضي الله عنه وأرضاه كان عالماً يحضر مجلس علمه عشرة آلاف نفس، منهم مائة من العلماء الأجلاء، ومنهم حوالي سبعين من الأمراء والخلفاء وأبناء الخلفاء، هذا غير الوجهاء، وكان عالماً في كل فروع الدين وأصول الدين، ثم بعد ذلك أراد أن يحظى بالمنح الإلهية والعطاءات الربانية التي يقرأها ويسمعها عن العارفين وعن الواصلين وعن أهل الفتح من رب العالمين عز وجل، فقالوا له: لا يوجد غير طريق الصوفية والمرشدين والصالحين، فسلك طريق القوم، وكتب مذكرة عن هذا الأمر وهو الطريق الذي مشى فيه حتى وصل إلى العطاءات، وسمى هذا الكتاب (المنقذ من الضلال).
فبعد أن مشى مع الصالحين قال: (فوجدت أن الصوفية سيرتهم أحسن السير، وأوصافهم أكمل الأوصاف، وأخلاقهم أجمل الأخلاق، وأنهم سلكوا طريقاً لا يستطيع أحد غيرهم أن يمشى فيه، وبداية أمرهم أنهم يشاهدون الملائكة عياناً، ويشاهدون أرواح الأنبياء، ويشاهدون من العطاء ما لا يستطيع أحد الإباحة به – ثم بيَّن السبب وقال: - لأن مفتاح وصولهم الجاري منهم مجرى التطهير للصلاة؛ تطهير القلب بالكلية من سوى الله عز وجل ).
طهارة الصلاة الوضوء أو التيمم، لكن الطهارة للعطاءات والمنح الإلهية تطهير القلب بالكلية مما سوى الله عز وجل، وهذا حال أهل الرضا وحال أهل الفتح الذين يريدون أن ينالوا الفتح من الله، والذين يريدون أن ينالوا عطاء الله، والذين يريدون أن يتعرضوا لفضل الله الذى يخص به عباد الله المكرمين، وهذا الفضل منح من الله وعطاء من الله جل فى علاه.
فنحن نريد أن نتعرض لهذا العطاء، ونكون من أهل هذا العطاء، إذاً:
أدِّب النفس واستكمل فضائلها ****فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
ثم بعد ذلك أقبل على قلبك، ولا تجعل فيه شئ يشغلك عن ربك طرفة عين ولا أقل، وانظر إلى المرأة التي بلغت مبلغ الرجال، وانظر إلى ما وصلت إليه من الحال حيث قالت مخاطبة ذي الجلال والإكرام:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ****وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للخليل مؤانس ***وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي
فالقلب لله، لا يحل فيه شيء غير الله، فإذا تعرض الإنسان بذلك يصبح كما قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
إذا تعرض عبدى **** لنيل فضلء تحلى
بحلة الحسنى منى **** وبالشهود تملى
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86/
{ لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
وأكرمهم ثانيةً: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا) (الحشر) صدورهم سليمة ومنشرحة نحو جميع خلق الله، لكن من يصلي وهو فى صلاته وقبلها وبعدها يفكر كيف يكيد لأخيه المسلم فلان؟! وكيف يضر فلان؟! وكيف يدعوا الله فتنزل مصيبة على فلان حتى يشمت فيه؟! كيف يتعرض هذا لفضل الله؟!! لا بد أولاً أن يأتي إلى ربه بالقلب السليم الذي ليس فيه إلا السلامة من كل الذنوب والآثام، والإقبال بالكلية على الملك العلام عز وجل.
تجهيز القلوب هو العمل الأساسي الذي كان يُجهز به الصالحون أنفسهم للتعرض لفضل الله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فى شأنهم:
{ إذا أحب الله عبداً سخره لأفضل الأعمال فى أفضل الأوقات }
لكن قبل ذلك رزقه الله الطهارة الباطنية، وبعد الطهارة يُنزل عليه السكينة، ويُنزل في قلبه الخشية، ويُنزل في قلبه الخوف، ويُنزل في فؤاده الوجل، ويملأ قلبه بحقيقة الحب لله ولحبيب الله ومصطفاه، وينزع من صدره كل ما بينه وبين خلق الله، وما يعكر صفوه حتى يكون طاهراً نظيفاً، فيُقبل عليه مولاه جل فى علاه، ويخصه بعطاءه كما خصَّ الصالحين من رجالات الله في كل زمان ومكان.
ولذلك بيَّن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق وإن كانت خفيت على الكثير من العُبَّاد، يقول صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال:
{ َرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ }
لأن قلبه مشغول بالضغائن للخلق، فكيف يُقبل عليه الحق؟!! هذا مثله كمثل الذى قال له حضرة النبي صلى الله عليه وسلم:{ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ }
قبل أن تصلِّ طهر القلب لله: ( قد أفلح من تزكى 14 وذكر اسم ربه فصلى 15) (الأعلى).
ومن كان مشغولاً بالصيام، يقول صلى الله عليه وسلم:
{ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ }
فهو صائم عن الطعام لكن جوارحه ليست صائمة عن الذنوب والآثام، فالجوارح تغتاب وتنم وتكذب وتقول الزور ويخرج منها أقوال الخنا والفجور ..... فأي صيام هذا؟!! لكن الصيام الذي حدده الصالحون قالوا فيه:
إذا ما المرء صام عن الخطايا ***فكل شهوره شهر الصياموهذا هو الصيام الأولى في باب الصالحين، لكن الصيام الأكمل:
وما صام إلا عن سوى ما يحبه ***كذلك عبد الذات في القرب طامع
يصوم على أن يخطر في قلبه غير مولاه، فالرجل الذي يصوم هذا الصيام يقول:
وإن خطرت لي في سواك إرادة ***على خاطري نَفَساً حكمت بردتي
أي لا يخطر على البال في أي لحظة أو وقت أو حين إلا رب العالمين عز وجل، الإمام الجنيد رضي الله عنه وأرضاه عند ساعة نزعه قالوا له: اذكر الله، فقال لهم: وهل نسيته حتى أذكره: (ذكرتك لا أني نسيتك لحظة) يذكر لأن الله أمره بذكره، لكنه لم ينسى الله لحظة ولا أقل، فهذه حقيقة الذكر لله عز وجل الذى يتعرض صاحبه لفضل الله وعطاءات الله.
إذاً الذى يريد عطاءات الصالحين، وإكرامات الله عز وجل للمتقين، ومنح الله عز وجل للأصفياء والواصلين، يجب عليه قبل العبادات الجسمانية أن يُطهر القلب بالكلية لرب البرية عز وجل.
ولذلك الإمام الغزالى رضي الله عنه وأرضاه كان عالماً يحضر مجلس علمه عشرة آلاف نفس، منهم مائة من العلماء الأجلاء، ومنهم حوالي سبعين من الأمراء والخلفاء وأبناء الخلفاء، هذا غير الوجهاء، وكان عالماً في كل فروع الدين وأصول الدين، ثم بعد ذلك أراد أن يحظى بالمنح الإلهية والعطاءات الربانية التي يقرأها ويسمعها عن العارفين وعن الواصلين وعن أهل الفتح من رب العالمين عز وجل، فقالوا له: لا يوجد غير طريق الصوفية والمرشدين والصالحين، فسلك طريق القوم، وكتب مذكرة عن هذا الأمر وهو الطريق الذي مشى فيه حتى وصل إلى العطاءات، وسمى هذا الكتاب (المنقذ من الضلال).
فبعد أن مشى مع الصالحين قال: (فوجدت أن الصوفية سيرتهم أحسن السير، وأوصافهم أكمل الأوصاف، وأخلاقهم أجمل الأخلاق، وأنهم سلكوا طريقاً لا يستطيع أحد غيرهم أن يمشى فيه، وبداية أمرهم أنهم يشاهدون الملائكة عياناً، ويشاهدون أرواح الأنبياء، ويشاهدون من العطاء ما لا يستطيع أحد الإباحة به – ثم بيَّن السبب وقال: - لأن مفتاح وصولهم الجاري منهم مجرى التطهير للصلاة؛ تطهير القلب بالكلية من سوى الله عز وجل ).
طهارة الصلاة الوضوء أو التيمم، لكن الطهارة للعطاءات والمنح الإلهية تطهير القلب بالكلية مما سوى الله عز وجل، وهذا حال أهل الرضا وحال أهل الفتح الذين يريدون أن ينالوا الفتح من الله، والذين يريدون أن ينالوا عطاء الله، والذين يريدون أن يتعرضوا لفضل الله الذى يخص به عباد الله المكرمين، وهذا الفضل منح من الله وعطاء من الله جل فى علاه.
فنحن نريد أن نتعرض لهذا العطاء، ونكون من أهل هذا العطاء، إذاً:
أدِّب النفس واستكمل فضائلها ****فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
ثم بعد ذلك أقبل على قلبك، ولا تجعل فيه شئ يشغلك عن ربك طرفة عين ولا أقل، وانظر إلى المرأة التي بلغت مبلغ الرجال، وانظر إلى ما وصلت إليه من الحال حيث قالت مخاطبة ذي الجلال والإكرام:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ****وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للخليل مؤانس ***وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي
فالقلب لله، لا يحل فيه شيء غير الله، فإذا تعرض الإنسان بذلك يصبح كما قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
إذا تعرض عبدى **** لنيل فضلء تحلى
بحلة الحسنى منى **** وبالشهود تملى
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86/