ورد فيما رواه الإمام ابن خزيمة في صحيحة أن السيدة عائشة رَضِيَ الله عنها وأرضاها وكانت ليلتها، إذ جاء النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إليها ونام بجوارها والتحفا معاً بلحاف واحد، ثم قال: يا عائشة أتأذنين لي أن أتعبد لربي في تلك الليلة؟، فقالت: يا رسول الله إني أحبك ولا أحب فراقك، ولكن أؤثر هواك على هواي، فاعبد ربك كما تريد، فخرج صلَّى الله عليه وسلَّم، واستبطأته فخرجت تبحث عنه فوجدته في البقيع ساجداً يقول في سجوده:
{أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقَابِكَ، وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخْطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ إلَيْكَ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَفَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَوْ يَا حُمَيْرَاءُ أَظَنَنْتِ أَنَّ النَّبِيَّ قَدْ خَاسَ بِكِ؟ قُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ قُبِضْتَ لِطُولِ سُجُودِكَ، فَقَالَ: أَتَدْرِينَ أَيُّ لَيْلَةٍ هذِهِ؟. قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: هذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، إنَّ اللَّهَ عزّوجلّ يَطَّلِـعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ، وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ }(1)
وفى رواية أخرى لعائشة رَضِىَ الله عنهَا فى هذه الليلة :
{فَمَا زَالَ قَائِماً وَقَاعِداً حَتّى أَصْبَحْتُ، فَأَصْبَحَ وَقَدِ ?ضْطُّهِدَتْ قَدَمَاهُ وَإنِّي لأَعْمُرُهَا وَأَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَلَيْسَ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالى لَكَ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَة! أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدَاً شَكُوراً }(2)
إذن هذه الليلة أخبر عنها المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمرنا بقوله أن نحييها ونصومها ونجتهد فيها فى الدعاء:
{إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا، وَصُومُوا نَهَارَهَا}(3)
وأحياها صلَّى الله عليه وسلَّم بفعله، مجتهداً بشدة فى الدعاء والقيام كما أوردنا خبر السيدة التقية النقية السيدة عائشة رَضِىَ الله تعالى عنها وعن أبيها الصديق.
(1)عن علي بن أبي طالب رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(2)ابن شاهين فِي التَّرغيب، جامع المسانيد والمراسيل
(3)سنن ابن ماجة عن علي بن أبى طالب
[/frame]