السعادة والصفاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السعادة والصفاء

السعادة والصفاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السعادة والصفاء

سر الوصول إلى السعادة والصفاء والسلام النفسي ،أسراروأنوار القلوب التى صفت وأشرقت بعلوم الإلهام وأشرفت على سماوات القرب وفاضت بعلوم لدنية ومعارف علوية وأسرار سماوية



    الهجرة معانى وأسرار

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1890
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    الهجرة معانى وأسرار Empty الهجرة معانى وأسرار

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء يوليو 26, 2022 2:35 pm

    الحمد لله الذي هدانا بفضله إلى طاعته، ووفقنا جميعاً للوقوف بين يديه ومواجهة أنوار عظمته، ونسأله سبحانه وتعالى أن يكشف لنا في الصلاة أنوار حضرته، ويجعلنا جميعاً من الذين يتمتعون بنور طلعته، حتى لا نغيب عن الله طرفة عين ولا أقل من ذلك ولا أكثر. آمين يا ربَّ العالمين.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُحِقُّ الحقَّ ويُبْطِلُ الباطل ولو كره المجرمون. وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، رسول الصدق واليقين. والصلاة والسلام على سر الوجود، وكوكب السعود، وروح الحياة لكل موجود، ونور القرب من حضرة الودود، سيدنا ومولانا محمد بن عَبْدِ الله، كوكب هدايتنا، وكنز سعادتنا، ونور بدايتنا، وحامل لواء السعادة في نهايتنا. عليه وعلى آله وأصحابه، والقائمين بدعوته الصلاة والسلام إلى يوم الدين آمين. (أما بعد)
    الآيات التي استمعنا إليها قبل الصلاة: } إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ {، آياتٌ من سورة التَّوبة التي تتحدث عن هجرة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما سمعتُها انشغل بالي بأمر هذه الهجرة العظيمة، والنعمة الكريمة التي أكرم بها الله حبيبه ومصطفاه، وأكرم الله بها المهاجرين والأنصار المعاصرين لسيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحن لم نحضرها رغماً عنا، لأننا لم نكن ولدنا ولا خلقنا في ذلك الزمان وفي هذا العصر والمكان، ولكن ما ذَنْبُنَا؟!!
    نحن نريد أن نهاجر، ونريد أن نَحْصُلَ ونُحَصِّلَ على ثواب المهاجرة، وعلى ثواب المناصرة، ماذا نفعل؟ تُرى باب الهجرة قفل أم لا زال مفتوحاً؟
    فوجدت يا إخواني - بفضل الله - أن باب الهجرة مَفْتُوحٌ لكل عبدٍ مِنْ عباد الله، يؤمن بالله ويتبع سيدنا ومولانا رسول الله، سواءٌ كان العبدُ متعلماً أو جاهلاً، موظفاً أو فلاحاً، رجلاً أو امرأة. فالكل مطالب ليس بهجرة واحدة وإنما بهجرات كثيرة، لكن ليست - كما حصرها البعض - أن تكون من مكان لمكان، لا.
    النبي قال هجرة المكان انتهت، { لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ولكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ }[2]. يعني هجرة معنوية، وهجرة روحانية، وهجرة بالمعاني الإيمانية وليس بالحركات والجوارح الجسمانية - مثل ما بعض الناس فَسَّرُوهَا وأَوَّلُوها وخالفوا بذلك كلام رسول الله. وهذه الهجرة من أين؟ وإلى أين؟.
    كل واحد فينا مطالبٌ أن يهاجر من النواهي التي نهى عنها الله إلى الأوامر التي أمر بها الله. هذه هجرة لابد منها. وبصيغة أخرى نحن مطالبون أن نهاجر من المعاصي وأماكن المعاصي - وكل ما يقرب من المعاصي - إلى الطاعات وأماكن الطاعات، وكل ما يقرِّب إلى الله من أعمال صالحات.
    كل مؤمن مطالب بهذه الهجرة، سواء كان جاهلاً أو عالماً، رجلاً أو أمرأة أو شاباً، فالكل مطالب أن يهاجر من المعاصي إلى الطاعات، ومن الأماكن التي بها المعاصي إلى الأماكن التي بها الطاعات، وهذا ما وضَّحه الرسول وبيَّن طريقه وسبيله وقال فيه: {المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ، والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[3]. هذا هو المهاجر!! وكلنا نريد أن نحصل على هذا اللقب، ونسمى عند الله مهاجرين. فالمهاجر عند الله في زماننا هذا من هجر - أي ترك - ما نَهَى الله عنه.
    قلنا أن الهجرة للمؤمنين والمؤمنات قائمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكنها هجرة معنوية بعد أن كانت في عصر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة مكانية - من مكة إلى المدينة - وأنواعها كثيرة لكن أصولها ثلاث:
    1- هجرة بأمر الله من المعاصي والمخالفات إلى الطاعات.
    2- وهجرة بفضل الله من الدنيا إلى الآخرة.
    3- وهجرة بتوفيق الله من الدنيا والآخرة إلى وجه الله عزَّ وجلّ.
    فالهجرة الأولى: هي ترك المعاصي خوفاً من عذاب الجحيم، والهجرة الثانية: فعل الطاعات طمعاً في ثواب الله عزَّ وجلّ في جنات النعيم، والهجرة الثالثة: هي التقرب إلى الله بالتَّخَلُّقِ بأخلاق الله رغبةً في مزيد فضل الله، وجميل عطاياه عزَّ وجلّ لعباده المؤمنين الموحدين.
    فالذي لا يزال مقيماًً في المعاصي - وهو في المعاصي لا يكون في الدنيا في حالة تلبسه بالمعاصي، بل يكون في الجحيم، لأن العمل الذي هو فيه بابٌ مفتوح إلى الجحيم. قال تعالى: } كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ. لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ { (5 : 6-التكاثر)، كيف تراها؟!!
    أنت عندما تعلم - علم اليقين - أن هذه المعاصي هي الطريق والباب للجحيم، تكون نفس المعصية هي النار والجحيم!! ولأجل ذلك قال صلى الله عليه وسلم: { لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ. وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ }[4]. وهو في هذا العمل يكون عاصياً ويكون من أهل الجحيم - والعياذ بالله - فهو إذا في هذا العمل يكون متلبِّساً ومجرماً. وعليه فصريح أمر الله له أنه عندما يخرج من هنا، وينهي مدته، وهو داخل من جمرك الدنيا إلى الدار الآخرة، أول ما يصل إلى الدار الآخرة يقبضون عليه ويقولون له: تعال، فيقول: إلى أين؟ إلى دار المجرمين. هذا مثل الذي فعل شيئاً وظن أنه هرب لكن أين يهرب من الله؟
    إذا الهجرة من المعاصي هي الهجرة الأولى التي يقول رسول الله في صاحبها: {المهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[5]. فقد هاجر إلى الآخرة لأنه ترك الدنيا وترك المعاصي. والهجرة الثانية من الدنيا إلى الآخرة، فالدنيا هي الأعمال الدنيئة التي لا تليق بالمؤمن، سميت الدنيا من الدنو والدناءة، فكل عمل دنئ لا يليق بالمؤمن عمله، يهاجر منه إلى الطاعات، فيصير إلى الآخرة. ومن أهل الآخرة؟ هم الملائكة. وما أعمال الملائكة؟! } لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ { (6-التحريم).
    فالذي يراهم يجد منهم مَنْ يسبح الله، ومَنْ يقف يذكر الله، ومن يقف يقدس الله، ومَنْ يتلو كتاب الله، ومَنْ يستغفر الله - ليس لأنفسهم لكن لنا!! }الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا{ (7-غافر). يا سبحان الله!! ربُّنا وظَّفهم يستغفرون لنا، فكأنهم موظفون عندنا، ومن هم؟!! حملة العرش وليس الملائكة العاديين. وحملة العرش الرسول يقول في الواحد منهم: { أُذِنَ لِي أَنْ أحَدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ الله تَعَالَى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمَائَةِ عَامٍ }[6] .
    ومع ذلك فالله سخَّرهم لكي يستغفروا لي ولك، حتى تظهر مكانتك أنت عند الله، وتعلم أنها ليست مكانة هينة أو عادية، وإنما هي مكانة عظيمة جداً جداً. فلأجل أني مهاجر إلى الآخرة مثله. فأترك الأعمال الدنيئة التي ذكرناها كاللعب واللهو وأكون ليس لي شأن بها. أما غيري الذي يلعب - إذا كان يلعب على نقود يكون من أهل الجحيم، لأن هذا هو القمار، وإذا كان يلعب على غير نقود فهو من أهل الغفلة، ومن أهل الذنوب، ومن أهل الدنيا، لأن هذا يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: { اللاَّعِبُ بالنِّرْدِ كَوَاضِعِ يَدِهِ في لحْمِ الخِنْزِيرِ، وَالنَّاظِرُ إِلَيْها - الكوتشينة، الطاولة، الدومينو- كَواضِعِ يَده في دَم الخِنْزير }[7]. ودم الخنزير طاهرٌ أم نجس؟!! إنه أنجس النجاسة. فالذي يلعب ويقول: الكلب راح، الكلب جاء، أو شيش بيش!! كل هذا كغامس يده في دم خنزير، لأن هذا في اللعب. والمؤمن ليس لديه وقت لهذا الكلام، ليس لديه وقت للعب ولا للزينة ولا للتفاخر والتكاثر.
    إذا أين يكون المؤمن؟ نجده مع كتاب الله، أو نجده يذكر الله، أو نجده ينصح عبداً من عباد الله، أو يزور مريضاً طلباً لمرضاة الله، أو يشيع جنازة ابتغاء وجه الله.هذا هو عمل المؤمن، يتقلب في الطاعات: } وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ { (219-الشعراء)، أي أنه يتقلب مع الساجدين دائماً، وبهذا يكون في عمل الآخرة، ومثل هذا من أهل الآخرة.
    الهجرة الثالثة: وهي لرجل ثانٍ!! قال: ماذا أفعل بالآخرة؟ سوف أذهب إلى هناك، والذي حُرمت منه هنا أجده هناك، لكن أنا يعجبني شئ آخر!!ٍ فليست تعجبني الجنة وما فيها، أنا يعجبني الأخلاق العظيمة الكريمة التي يعاملنا بها الله. انظر كيف نَعْصِي ونَغْفُلُ ونَجْهَل، وهو حليم علينا ويمهلنا؟!! وما يفتأ يرزقنا ويُنعم علينا ويستر علينا!! فيقول: أنا أريد أن أكون حليماً مثل الحليم عزَّ وجلّ. الواحد يبعد عنه سنين، ويلطخ نفسه بالمعاصي والطين، ويرجع يقول له: أنا تُبْتُ. فيقول عزَّ وجلّ: وأنا قبلت. ما هذا العفو العظيم؟!!
    أنا أريد أن أكون عَفُوًّا مثل عفوه عزَّ وجلّ، لا أركب رأسي ويقولون لي: فلان جاء يعتذر إليك، وأقول له: يدفع خمسة عشر أو عشرين ألف!!! يا أخي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { مَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصلاً - أى معتذراً - فَلْيَقْبَلْ ذٰلِكَ مِنْهُ مُحِقّاً أَوْ مُبْطِلاً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ }[8]، يقول أنا ليس لي شأن بهذا الكلام !!! يا أخي ما دام جاء إليك وقال لك: أنا أعتذر لك - ألا ترى أن الذي خَلَقَهُ وربَّاه وكلأه بنعماه ويعصاه، وهو يراه!! لكنك أنت لم تره أو تسمعه، وإنما أحد أبلغك أنه قال في حقك كذا، لكنه يسمعه ويراه وعندما يقول له: تُبْت، يقول له: وأنا قَبِلْت!! ولما ينشط العبد ويصطلح مع مولاه، يفرح به الله - وهو الغنى عنه - فرحاً يقول فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم: يقول الله للملائكة اعملوا له فرح عندكم!! {للهُ أَفَرْحُ بِتَوْبةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ قَدَ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ فِي أَرْضٍ مُهْلِكَةٍ، يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ الْجُوعُ}[9]. وهل ربنا يحتاج من العبد شيئاً؟!! هل ينفعه العبد أو يقدم له شيئاً؟!!
    لكن هو يعلمنا نحن أن نقول: } وَالصُّلْحُ خَيْرٌ { (128النساء)، حتى لو لم أكن أنا - فى ظاهر الأمر، أو فى تقديرى الشخصى الدنيوى، ورؤيتى القاصرة والمحدودة - محتاجٌ إلى من جاء ليصالحنى، أو لو كنت غنيًّا عنه، فيجب علىَّ أن أفرح بالصلح عندما يأتي أحد يصالحني، علىَّ أن أفرح وأقول له: تعالَ ياأخى!! قال لنا صلى الله عليه وسلم: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كالْجَمَلِ الأَنِفِ. حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ - طفل يشد لجام الجمل فيمشي وراءه!! مع أن الجمل لو هاج لا يقف أمامه سبعة رجال!! لكنه سبحانه وتعالى حليم - وإن استنيخ على صخرة أناخ }[10]، لا يطلب شيئاً ليناً ينيخ عليه.
    والمؤمن نفس النظام، إذا قيل له اصطلح فإنه يقول على بركة الله، لا يطلب شروطاً أو غيرها ويريد أن يقيم الدنيا أو يقعدها ليقبل أن يصطلح مع أخيه!!!، فالشروط ليست مع المؤمنين، وهو يريد أن يتخلق بخلق العفو، أو خلق الجود. يبحث عن الأشياء التي فيه فيجد أن الله جبله عليها، كيف ذلك؟!! } إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً { (72-الأحزاب). في أصل خلقته، كان ظالماً وجاهلاً، ماذا يفعل؟ يغيِّر الظلم ويغيِّر الجهل. كان ظلوماً جهولاً!! إذا لم يحافظ على الأمانة - كما طلب الله عزَّ وجلّ، وكما أراد الله عزَّ وجلّ - وحملها الإنسان أي حملها باختياره، ولم يقل حمَّلناها، وإنما هو الذي حملها، وهو الذي طلب، وما دام طلب حملها فإذا لم يقدر أن يقوم بها يصير جاهلاً. ما الأمانة؟!!
    أعظم أمانة - أنت وأنا حملناها - هى (لا إله إلا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله) أخذناها رغماً عنَّا أم باختيارنا؟!! باختيارنا. أنا قلتها، إذاً لابد أن أقوم بحقها!! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { مَنْ قَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ الله مُخْلِصَاً دَخَلَ الجنَّة، قِيلَ: وَمَا إِخْلاَصُها؟ قال: أَنْ تَحْجزَهُ عَنْ مَحَارِمِ الله }[11]. ما معنى هذا؟
    أي أن يُحَرِّمَ ما حَرَّمَه ُالله، ويعمل بما أمره الله به عزَّ وجلّ. فأنت عندما اخترت (لا إله إلا الله)، واخترت الإسلام، لم يعد لك عذرٌ في أن تترك خردلة من تعاليم الإسلام، ولم يعد لك عذرٌ في أن تقع في أي بندٍ من بنود المحرمات التي حرَّمها الإسلام. بعد نطق هذه الكلمة لست حرًّا، ولذا هذه قائمة بالمحرمات، وهذه قائمة ثانية بالمستحبات، وهذه قائمة ثالثة بالفرائض - التي إن لم تفعلها نسجنك - أنت اخترت لا إله إلا الله محمد رسول الله انتهى الأمر.
    فالإنسان من أي صفات يا ربَّ خلقته؟ يقول عزَّ وجلّ: } وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً { (54-الكهف)، أي يحب أن يجادل دائماً!! وماذا يفعل يا رب؟ مع المؤمنين لا جدال، ومع الآخرين يكون بالحسنى } وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ { (46-العنكبوت)، لا بالشدة ولا بالسيف وإنما بالتي هي أحسن، الحجة بالحجة.
    افرض مع الشدة قال لا إله إلا الله، هل يريد الله هذا الإيمان؟ لا، إنه قال } لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ { (256-البقرة). إن لم يدخل عن اقتناع فالله لا يريده، والاقتناع يكون الحجة بالحجة. أما المؤمنون فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أَنَا الزَّعِيمُ بِبَيْتٍ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلاَهَا، وَبِبَيْتٍ فِي أَسْفَلِهَا لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ وَهُوَ مُحِقٌّ، وَتَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ لاَعِبٌ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ لِلنَّاسِ }[12]. إذاً لماذا نهى الله عن الجدال؟
    قال صلى الله عليه وسلم: { مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ }[13]. فالجدال دليل على غضب الله عزَّ وجلّ. ولذا فالمؤمنون لا يتجادلون أبداً وإنما يتناقشون ويتناظرون والمناظرة التي يقول فيها سيدنا الإمام الشافعي رضى الله عنه وأرضاه : (ما نَاظَرْتُ أَحَداً وَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ، بَلْ أَنْ يُوَفَّقَ ويُسَدَّدَ وَيُعَان، وَيَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ رِعَايَةٌ وحِفْظٌ، وَمَا كَلَّمْتُ أَحَداً قَطّ وَأَنَا أُبَالِي أَنْ يَظْهَرَ الحَقُّ عَلَى لِسَانِي أَوْ لِسَانِهِ)[14].
    تريد أن تصل للحق، لكن المجادل يريد أن يكون هو الذي غلب بالباطل أو الحق. وهذا الأمر لا ينفع لأننا سوف نخرج أعداء، لذلك نهى الله عن الجدال، وطلب أن يتخلص المؤمن من الجدال. } وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا{ (100-الإسراء)، قتوراً يعني بخيلاً وربنا اسمه الكريم. إذاً يهاجر فوراً من البخيل إلى الكريم.
    إذاً الهجرة الثالثة كيف يهاجر العبد فيها؟ يترك أخلاقه ويتخلق بأخلاق الله. قال صلى الله عليه وسلم: { إنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ كَانَ عَلَى خُلُقِهِ }[15]، فهذا يحبه وهو غير الذي يكافئه على الطاعات والصالحات، فيعطي لهم مكافئة وهي قصور وحور في الجنة، لكن الذي يحبُّه له وضع آخر!! إذا من الذي يحبُّه؟ الذي يتخلق بأخلاقه. وما المراد بأخلاقه؟ قال صلى الله عليه وسلم: { إِنَّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مائَةً غَير وَاحِدٍ مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الْجَنَّةَ }[16].
    فأنت إذا هاجرت الهجرة العالية الكبيرة فالله تعالى يبدل صفاتك بصفات من عنده، وأخلاقك بأخلاق من لدنه، والذي يصير على هذه الشاكلة ماذا له من مكافأة عند الله؟ لهم مكافأة يقول فيها الله: { أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَىٰ قَلْبِ بَشْرٍ }[17]. الجماعة المؤمنون يأخذون المكافأة على عملهم الصالح، لكن الجماعة المقربين لهم عند ربهم: } وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ { (22،23-القيامة)، فهؤلاء لا يجالسون إلاَّ ملك الملوك!! وهناك فرق كبير بين الذي يجلس مع جارية أو خدم أو حشم أو فى النعيم الذى أنت تريده، وبين الذي هو جالس مع الملك نفسه.
    فرق كبير بين الذي ينزل ضيفاً على رئيس الجمهورية، فيقول: أنزلوه قصر الطاهرة، وانظروا ماذا يريد من طعام وشراب؟، لكن أنا ليس عندي وقت لكي أقابله. فهل يتلذذ هذا بأكل أو شرب؟!! لكن الثاني يقول أنا أقابله الساعة كذا، أو الثالث يقول أنا لا أستغنى عنه، اجعلوه معي ليلاً ونهاراً.
    فالذي يدخل الجنة ويتمتع بالحور والقصور والولدان، لكنه لا يحظى ولا يتمكن من رؤية الحنَّان المنَّان، يبقى في عذاب كأنه عذاب أهل النار!! عذاب اسمه عذاب الحجاب!! وعذاب الصدود!! وعذاب الإعراض!! } وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ { (77-آل عمران)، فهو نوع من أنواع العذاب المعنوي، إذا فالذي لا ينظر الله إليه في نوع من أنواع العذاب.
    فلذلك الجماعة المؤمنون - مثلما يقول النبي صلى الله عليه وسلم - يأتون لهم بالحور والمتع فيقولون: لا نريد هذا. ماذا تريدون؟ - والذي يكلمهم الله من علياءه مع تنَزُّهِه عن المكان والزمان والحيطة والإمكان – فيقولون: تركناها أحوج ما نكون إليها في الدنيا، أي كنا نريد الطعام والشراب في الدنيا ولماذا كنا نصوم؟ ولماذا كنا نزهد؟ فيقول لهم وماذا تريدون؟
    يقولون: وعزتك وجلالك لا نريد إلا وجهك، أنت متعتنا وأنت مسرتنا، وأنت هناؤنا وأنت حبورنا!!! لأن هؤلاء الجماعة من الذين هاجروا من أخلاقهم إلى أخلاق الله عزَّ وجلّ فكانوا متصفين بصفات الله على قدرهم - وليس بصفات الله على قدر كمالات الله وعلى قدر جمال الله، ولكن على قدرهم، وعلى قدر اتساع ما عونهم، وعلى قدر معرفتهم بأخلاق الله عزَّ وجلّ. فلذلك عندما ننظر المقام العالي الذي مدح الله عزَّ وجلّ به النبي صلى الله عليه وسلم نجده قال له مخاطباً: } وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ { (4-القلم)، أي أنت على خلق الله عزَّ وجلّ، لأن العظيم هو الله وأنت على خلقه.
    ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله الكبير المتعال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صاحب النعم والعطايا والفضل والنوال، وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، نور الله الدال على الله، الذي كان إذا مشى لا يرى له ظل ولا خيال. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد شريف الخصال، ندى النوال، وآله وصحبه وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين آمين. (أما بعد)
    فيا إخواني ويا أحبابي: إن المؤمنين في هجرتهم إلى الله عزَّ وجلّ على ثلاثة منازل:
    إما واحد يجاهد نفسه لكي لا يقع في الذنوب والعيوب، وهذا يجاهد ليهاجر من المعاصي إلى الطاعات، وهذا يوم القيامة من أهل: }أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ{ (82-الأنعام)، أي ليس لهم شأن بجهنم ولا طريقها ولا عملها.
    والمؤمن الثاني نفسه لا تحدثه بالمعاصي، لكن تحدثه بالغفلة أو باللهو، أو باللعب أو بالراحة، فيقول لها: أنا لا أضيع وقتاً لأن الدنيا عمرها قصير، وكلُّ نَفَسٍ يحاسبني عليه العليُّ الكبير. أنا أريد أن تكون أوقاتي كلها في الطاعات والقربات. } وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً { (46-الكهف). هذا يوم القيامة مثلما يقول الله عزَّ وجلّ: } لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ { (22-الشورى).
    لهم ما يشاءون عند ربهم في الآخرة. الجماعة المقربون يريدون أن يكونوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فتقول لهم نفوسهم نريد أن نأخذ لنا مقعداً من مقاعد الصدق، أو نجلس على كرسي من الذهب، أو نجلس على منبر من نور، أو نجلس على كرسي المجد. المهم نكون في المكان الذي يقول فيه النبي العدنان: { أهل الكثيب في جنة عدن يتراءون ربَّهم كما تتراءون القمر في ليلة التمام }[18].
    فالجماعة الذين يجلسون على الكثيب يرونه، والذين يجلسون على الأرض أيضاً يرون، والذي على كرسي ينظر، لكن كل واحد على حسب منزلته. وهؤلاء هم المعنيون بقوله عزَّ وجلّ: } وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ { (28-الكهف). فالذين أمر الله نبيه أن يصبر نفسه معهم يقول فيهم: هؤلاء الذين معك هناك هم أصحابك هنا عندنا } لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ { (35-ق)، لهم الذي يريدونه وزيادة، وما الزيادة؟ قال: الزيادة! اجعلوها عندي لأنكم لا تعرفونها } لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ { (26-يونس)، ولمن الزيادة؟ لمَنْ هو على مثل أخلاقه!!
    حتى نحن في البشر أنت تجالس مَنْ؟ الذي مثلك، مع الفارق الكبير بين تشبه العبد بصفات العليِّ الكبير، وبين ظهور هذه الصفات في العليِّ العظيم عزَّ شأنه، لكن كونك أنك تتشبه بصفاته، فهذه تستوجب محبَّة الله ورضاه عنك، لأنك تحاول أن تكون على نهج صفات الله عزَّ وجلّ وأخلاقه عزَّ وجلّ.
    ها هو موقف المؤمنين الصادقين والمقتصدين والمقصرين، وكلهم كما قال الله ورثة لكتاب الله: } ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا - وهم أنتم جماعة المؤمنين - فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ { (32-فاطر).
    نسأل الله عزَّ وجل أن يفتح لنا فتحاً مبينا، ويهدينا صراطاً مستقيما، وينصرنا نصراً عزيزا.
    اللهم اغفر لنا ما مضى من الذنوب والآثام، ووفقنا لصالح العمل فيما بقي من الأيام.
    اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
    اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا، وارفع اللهم مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
    اللهم ذكِّرنا إذا نسينا، وأعنا إذا ذَكَرنا، وخذ بأيدينا ونواصينا إليك، ولا تتركنا إلى أنفسنا ولا إلى غيرك طرفة عين يا عظيم يا حليم يا عفو يا كريم.
    عباد الله: } إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { (90-النحل)
    ***********
    الخطبة الثانية عشرة[19]
    يوم عاشوراء
    الحمد لله ربِّ العالمين، السميع القريب، المجيب المنيب. سبحانه .. سبحانه!! مَنْ دعاه لبَّاه، ومَنْ سأله أعطاه، ومَنْ توكل عليه كفاه.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يجيب الدعاء، ويحقق الرجاء، لكل عبدٍ استغاث به في الضراء أو سأله في السراء، ولا يحرم عبداً من العطاء إلا إذا كان من أهل الشقاء. وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، إمام أهل الاجتباء، وسيِّد الأصفياء، وأمين الله على خزائن الفضل والعطاء، والشفيع الأعظم لجميع الخلائق يوم العرض والجزاء.
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا مُحَمَّد، مهبط وحي السماء، وربان سفينة الصالحين والأولياء، والمُمِدٌّ بِمَدَدِ النُّور والهداية كُلَّ الأحياء، وآله النجباء، وصحابته البررة الأتقياء، وكل من سار على هديه من أهل الشريعة الغراء. آمين يا ربَّ العالمين. (أما بعد)
    إخواني وأحبابي: { اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }[20]. ومن هذه الأيام العظيمة - أيام النفحات - يوم عاشوراء، فهو يوم التوبة، ويوم النجاة، ويوم إجابة الدعاء لأنبياء الله ورسل الله وأحباب الله عزَّ وجلّ.
    فسيدنا نوح عليه السلام عندما عصاه قومه وكذبوه، ومكث تسعمائة وخمسين عاماً يدعوهم إلى عبادة الله فلم يستجيبوا له، وكانت علامة الطوفان التي أعطاها الله له، بأن أمره أولاً أن يحمل في السفينة زوجين من أصناف الوحوش والطيور وغيرها - ذكر وأنثى - وكان معه الذين آمنوا به، وكانوا تقريباً ثلاث عشرة نفراً، هم كل الذي آمن به من البداية للنهاية لمدة تسعمائة وخمسين عاماً.
    متى يدخلون ويركبون في السفينة؟ عندما ترى النار وهي تخرج من الفرن، ثم تنطفئ ويخرج مكانها ماء، تعرف بأن هذا هو الوقت المحدد للطوفان من أجل أن تتحرك السفينة!!
    وكان قد صنع – عليه السلام- السفينة، ولا يوجد بحر ولا ماء، وكانوا يسخرون منه في ذلك، ويقولون: لماذا تصنع السفينة ولا يوجد عندنا بحراً أو ماء؟!! وبعد انتهائه من السفينة وركوب الحيوانات - وكانت السفينة ثلاثة أدوار: الدور الأرضي للحيوانات المتوحشة، والدور الثاني للحيوانات المستأنسة، والدور الثالث كان فيه الإنس الذين آمنوا به والطيور.
    وكانت امرأة تجلس أمام الفرن لإعداد الطعام، فوجدت أن النار انطفأت وخرج الماء من الفرن، فتعجبت وقالت: ما هذا؟ فعلم سيدنا نوح أن أمر الطوفان قد قرب!! فركب هو ومن معه، وانفجرت الأرض عيوناً من أسفل، ومياه من السماء وبدأ الطوفان، وجلس في السفينة هو ومن معه لمدة ستة أشهر حتى جف الماء من الأرض، وتوقف نزوله من السماء، ووقفت السفينة. واليوم الذي وقفت فيه السفينة، ونجى الله فيه سيدنا نوح ومن معه هو يوم عاشوراء.
    وأيضاً سيدنا موسى عليه السلام عندما أرسل إلى قوم فرعون في مصر، ودعاه إلى العدالة بأن يعدل بين بني إسرائيل والمصريين، ورفض ... وفي النهاية أمره الله أن يخرج من مصر فخرج وخلفه بني إسرائيل في ستمائة ألف، وكان جيش فرعون في هذا الوقت حوالي مليون جندى لأنه كان من الجيوش الكبيرة في هذا العصر. وساروا خلفهم إلى أن وصلوا إلى شاطئ البحر الأحمر- مقابل خليج السويس.
    وهناك لَحِقَ بهم فرعون بجيشه، فأمر الله موسى عليه السلام أن يضرب البحر فانشق اثنى عشر طريقاً، وكان الستمائة ألف اثنى عشرة قبيلة - من أولاد سيدنا يعقوب الاثنى عشر- ومشت كل قبيلة في طريق إلى أن نجوا، وكان هذا اليوم يوم عاشوراء الذي نجَّى الله سبحانه وتعالى فيه سيدنا موسى ومن معه. إذاً فهذا يوم التوبة، ويوم النجاة، ويوم استجابة الدعاء.
    ولذلك فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وجد اليهود يصومون هذا اليوم فسألهم: لماذا تصومون هذا اليوم؟ فقالوا: هذا يومٌ نجَّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه، فقال صلى الله عليه وسلم: { نحن أولى بموسى منكم }[21]، وصامه وأمر أصحابه بصيامه.
    ولذلك فصيام هذا اليوم سُنَّةٌ مؤكدة، لأن الذي فعلها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما كان في آخر حياته وجد أن اليهود يصومون هذا اليوم والمسلمون يصومونه فقال: لابد أن نخالفهم فقال لأصحابه: { صُومُوا التَّاسِعَ والعَاشِرَ وخَالِفُوا اليَهُودَ }[22] وقال: { لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىٰ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشر }[23]، وتوفي صلى الله عليه وسلم فلم يَصُمْ إلا يوم العاشر فقط. فمن السُّنَّة أن نصوم يوم عاشوراء، لأن هذه سُنَّة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واليوم نفسه هو يوم العاشر من محرم، ولمخالفة اليهود يكون الصيام يوم التاسع ويوم العاشر.
    وعلى المسلم أن يكون له صيام ثلاثة أيام من كُلِّ شهر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: { صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ }[24].
    ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله ربِّ العالمين، له وحده تقدير الأمور، وتدبير الدهور، وتصريف المقادير، إليه المرجع والمآب وإليه المصير.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقضي الأمور بحكمته، ويسيرها بإرادته. لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، وإليه ترجعون. وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، الصراط السويّ، والحق الجليّ، والمنهل الرويّ، والوجه البهيّ.
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، سر افتتاح إرادتك، وباب وحي شريعتك، ومفتاح دار سعادتك، وآله آل حكمتك، وأصحابه حراس شريعتك، وأتباعه العاملين بطاعتك، وكل من انشغل بذكرك وحسن عبادتك. آمين يا ربَّ العالمين. (أما بعد)
    فيا إخواني ويا أحبابي: أيضاً هذا اليوم كان له واقعة في الإسلام - كلنا نعرفها - وهي مقتل الإمام الحسين رضي الله عنه. وقد روت كتب السنة عن أم سلمة رضى الله عنها: { كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمًا فِي بَيْتِي. فَجَاءَ حُسَيْنٌ يَدْرُجُ. قَالَتْ: فَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ فَامْسَكْتُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَدْخُلَ فَيُوقِظَهُ. قَالَتْ: ثُمَّ غَفَلْتُ فِي شَيْءٍ فَدَبَّ فَدَخَلَ فَقَعَدَ عَلَى بَطْنِهِ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُ نَحِيبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَجِئْتُ. فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِِ، وَاللَّهِ مَاعَلِمْتُ بِهِ. فَقَالَ: إِنَّمَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ عَلَى بَطْنِي قَاعِدٌ. فَقَالَ لِي: أتحِبَُّه؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قال: إِنَّ اُمَتَكَ سَتَقْتُلُهُ. ألا اُرِيَكَ التُّرْبَةَ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قال: فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَأتَانِي بِهَذِهِ التُّرْبَةِ. قَالَتْ: فَإِذَا فِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَالَيْتَ شِعْرِي مَنْ يَقْتُلُكَ بَعْديِ؟!!{ وفى رواية: }فكنا نقول أنها من كربلاء }[25].
    وبعدما قُتِلَ سيدنا عليٌّ بايع أهل العراق سيدنا الحسن، فمكث ستة أشهر، ولكنه كان يميل للسلام، ومن أجل أن تتحقق فيه دعوة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ}[26]. فبعد ستة أشهر من خلافته أرسل لمعاوية وقال له: نريد الصلح، وتصالح مع معاوية وتنازل له عن الحكم بشرط أن يتسلم الحكم من معاوية بعد وفاته.
    ولكن معاوية لم يفِ بهذا الشرط، فأرسل لزوجة سيدنا الحسن وأغراها بأنه سوف يزوجها ليزيد ابنه إذا وضعت السُّمَّ للحسن، فوضعت له السُّم، وعندما ذهبت إليه لتنال الجائزة. قال لها: إذا كُنْتِ لم تؤتمني على ابن رسول الله، فكيف تؤتمني على يزيد؟!!
    وبعدما مات الحسن بايع لابنه يزيد، فلم يوافق سيدنا الحسين على ذلك، وأرسل له أهل العراق وقالوا له: هنا ستون ألف سيف ينتظرونك من أجل أن تحضر وتتولى الخلافة، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل رضى الله عنه وأرضاه من أجل أن يتأكد من هذه الأخبار، وعندما وصل قابله عشرون ألفاً وذهب بهم لصلاة المغرب، فعلم جنود يزيد بذلك فذهبوا إلى هناك، وبعد انتهائه من صلاته وسلَّم لم يجد خلفه رجلٌ واحد خوفاً من جنود يزيد!! لأن كل الذي يراهم يجري مسرعاً. فأمسكوا بمسلم بن عقيل وقتلوه، ولم يرسل لابن عمِّه بما رآه في هذه الواقعة - مع أنه قد أرسل له في بداية مقابلة العشرين ألفاً - وقال له: هذا الكلام صحيح وتعالَ إلينا، ولم يخبره بما حدث بعد ذلك لأنهم قتلوه ومن أجل أن يَنْفُذَ قضاء الله وقدر الله..
    وقد حاول سيدنا عبد الله بن عباس أن ينصح سيدنا الحسين بأن لا يذهب، فرفض وأصَرَّ على الذهاب، وقابله الشاعر الفرزدق في طريقه - وكان يحب آل البيت - فقال له: تركتُ أهل العراق قلوبُهُم معك وسيوفُهُم عليك، وسوف يحاربونك!!
    فمشى سيدنا الحسين حتى وصل إلى كربلاء، وقابله هناك عبد الله بن زياد - والي يزيد على العراق - وكان مع سيدنا الحسين في هذا الوقت أولاده وأولاد أخيه الحسن ونساؤهم. أولاده أربعة عشر ولداً، وأولاد ابن أخيه، والنساء، كل هذا العدد كان حوالي تسعون رجلاً وامرأة وطفل، فعرض على عبد الله بن زياد أن يتركوه على واحدة من ثلاث: إما يتركوه لمقابلة يزيد بنفسه، وإما أن يرجع مرة أخرى إلى المدينة، وإما أن يذهب إلى حدود بلاد الإسلام ويجاهد مع الجيش الإسلامي هناك.
    ومع ذلك تَعَنَّتَ ابن زياد ولم يقبل أي شرط من هذه الشروط، وقال له: لا، لابد أن نقتلك ونأخذ رأسك لنرسلها إلى يزيد!! مع أن يزيد عندما علم بعد ذلك قال: لو عرض علي أحد هذه الشروط لقبلتها، لأنه يقول: إما أن تتركني أعود مرة أخرى إلى المدينة التي خرجت منها، وإما أن توصلني إلى يزيد نفسه وهو ابن عمي ونتفاهم مع بعضنا، وإما أن توصلني للحدود وأحارب مع جيش الإسلام في بلاد الروم - إلى أن يأتي قدري، فلم يقبل أي شرط من الشروط.
    وكانت المعركة بالطبع غير متكافئة بالمرة، فجيش عبد الله بن زياد مكون من اثنى عشر ألفاً يحارب تسعون فرداً منهم النساء والأطفال - يعني لم يكن سوى ثلاثون رجلاً !! فماذا يفعلون مع هذا الجيش؟!! وبدأت المعركة واستمرت يومين، مع هذا الفارق.
    والأمر العجيب أنه عندما كان يأتي وقت الصلاة يتوقفون عن القتال، ويتوضؤن ويصلي سيدنا الحسين، ويأتي خلفه جيش العراق - للصلاة خلفه!! وبعد الصلاة يحاربونه بسيوفهم، كيف يكون ذلك؟!! لكنهم كما وصفهم سيدنا عليٌّ رضى الله عنه وكرم الله وجهه: (يا أهل العراق يا أهل النفاق).
    وفي اليوم الثالث وكان يوم عاشوراء وأصبح الحسين صائماً ورأى في منامه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وقال له: { ستفطرعندنا اليوم } فعرف أنه سوف يموت في هذا اليوم، فتقدم أمامه أولاده وحاربوا أمامه إلى أن قُتلوا جميعاً أمامه - فيما عدا الطفل عليُّ زين العابدين، وكان مريضاً فاحتملته السيدة زينب أخت سيدنا الحسين رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين، والموجودة الآن في القاهرة.
    وفي النهاية عطش سيدنا الحسين ... فتوجه لشرب الماء فضربه الرجل الذي كتب عليه الشقاء بسهم في فمه، فنزل الدم ولم يشرب!! وتكاثروا عليه جميعاً وقتلوه!! وكان هذا في يوم عاشوراء. وروى الزُّهْرِيُّ: ( بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ )[27]، وذلك يوم مقتل الحسين بكاءاً على سيدنا الحسين، وقيل وسمعوا إلى شعر ولم يروا من الذي يتكلم:
    أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الحِسَابِ
    والتفت هؤلاء بعد ذلك لقتل علي زين العابدين، لأنهم كانوا يريدون القضاء على آل البيت - فاحتضنته السيدة زينب وقالت لهم: اقتلوني قبل أن تقتلوه، وحَمَتْهُ من القتل.
    وقد راجت الخرافات من الذين قتلوه بأنه يجب في هذا اليوم على كل واحد منهم أن ينزل دماً من جسمه أو من رأسه، من أجل أن يكفِّر عن الذنب الذي فُعِلَ مع الحسين!! وإلى الآن يفعل ذلك أهل العراق!! ولذلك ذهب اثنان من أهل العراق إلى سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما يسألونه: عن دم البرغوث إذا قُتِلَ في الحرم؟ لأنه لا يصح أن يقتل أي شئ في الحرم، فقال لهما: من أي البلاد أنتما؟!! فقالا: من العراق، فقال: تسألون عن دم البرغوث وأين دم الحسين؟!! فكل هذه خرافات ليست من الإسلام.
    وكذلك يعملون له يوم حزن هناك - أى يوم عاشوراء - وهو ليس بيوم حزن، وإنما هو يوم فرح لأنه يوم تاب الله فيه على سيدنا آدم، ويوم نجَّى فيه سيدنا نوح، ويوم نجَّى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام، وكثير من الأنبياء نجَّاهم الله في هذا اليوم. فلا يصح أن نجعله يوم حزن، ولذلك نصوم في هذا اليوم شكراً لله على أن نجَّى الأنبياء، وتاب على الأنبياء، ونرجو من الله أن يتوب علينا كما تاب عليهم.
    فعلينا - بإذن الله - بصيام يوم التاسع ويوم العاشر لقوله صلى الله عليه وسلم: {صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيةَ}[28]. كما علينا التوجه إلى الله عزَّ وجلّ بالإلحاح في الدعاء.
    نسأل الله عزَّ وجلّ أن يصحح مَتَابَنَا، ويغفر لنا ذنوبنا، ما قدمنا منها وما أخرنا، ما أسررنا منها وما أعلنا، ما أظهرنا منها وما أبطنا.
    اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.
    اللهم أنزل علينا سكينتك، وغشنا برحمتك، وتفضل علينا بمواهبك العلية بمحض منتك.
    اللهم حصنا بحصون شريعتك، واكلأنا بحفظك ورعايتك، وتوجنا بتاج كرامتك، واكتب لنا الإستقامة على طاعتك، وأمدنا بمدد فضلك وعنايتك، واجعلنا في الآخرة من أهل جوارك في جنتك.
    اللهم تولى ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين أجمعين بالتوفيق والسداد، والعمل النافع لخير العباد والبلاد، واسلك بهم سبيل الرشاد، واحفظهم من أهل الكفر والزيغ والبعاد.
    عباد الله: اتقوا الله، } إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { (90-النحل).
    **********
    [1] كانت هذه الخطبة بالمسجد الكبير بمدينة العدوة محافظة المنيا يوم الجمعة 9/7/1993م الموافق 20 محرم 1414هـ.
    [2] متفق عليه والحديث برواية مسلم عن عائشة رضي الله عنها وقد رواه احمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس y .
    [3] متفق عليه من حيدث ابن عمر y .
    [4] أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.
    [5] متفق عليه من حديث ابن عمر y .
    [6] رواه الطبراني عن أنس وأبو داود والضياء عن جابر.
    [7] رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة عن أبي موسى رضي الله عنه,
    [8] أخرجه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    [9] سنن النسائى الكبرى عن أبى هريرة، وررد فى روايات عديدة باختلاف ألفاظ.
    [10] أخرجه البيهقي والقضاعي والعسكري عن ابن عمر y .
    [11] رواه الطبراني من حديث زيد بن أرقم.
    [12] (طب) عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما
    [13] أخرجه الترمذي وابن ماجة عن حديث أبي أمامة y .
    [14] فيض القدير للمناوى
    [15] رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنه.
    [16] رواه البخاري مسلم والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.
    [17] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة عن رسول الله r فيما حكاه عن ربه U.
    [18] رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.
    [19] كانت هذه الخطبة بمسجد الغفران بمدينة بور سعيد يوم الجمعة 7 من المحرم 1409هـ الموافق 19/1/1988م.
    [20] ابن أبي الدنيا عن أنس
    [21] أخرجه البخاري في كتاب الصوم عن ابن عباس.
    [22] رواه أحمد والبيهقي في سننه عن ابن عباس.
    [23] رواه البيهقي في سننه وابن أبي الجعد عن ابن عباس.
    [24] (حم هق) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ
    [25] عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي هِنْدٍ عن أم سَلَمَةَ ، المسند الجامع ورواه أحمد في مسنده إلى أنس وورد بغيرها من كتب الحديث، وقد وردت زيادة فى فى مرآة الجنان وعبرة اليقظان وغيرها من مصادر من كتب التاريخ أن السيدة أم سلمة وضعتها التربة في قارورة فلما قرب وقت قتل الحسين نظرت في القارورة فإذا الطين قد استحال دماً‏، وورد فى تاريخ دمشق أن رسول الله e شم التربة وقال: ”ريح كرب وبلاء”. قالت: وقال لى e ”يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتل” قال: فجعلتها في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوماً تحوّلين دماً ليوم عظيم .
    [26] رواه البخارى وأحمد عن أبى بكرة
    [27] سير أعلام النبلاء ، ودلائل النبوة للبيهقى وتهذيب الكمال وغيرها.
    [28] رواه البيهقي في السنن عن أبي قتادة.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 4:47 pm