السعادة والصفاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السعادة والصفاء

السعادة والصفاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السعادة والصفاء

سر الوصول إلى السعادة والصفاء والسلام النفسي ،أسراروأنوار القلوب التى صفت وأشرقت بعلوم الإلهام وأشرفت على سماوات القرب وفاضت بعلوم لدنية ومعارف علوية وأسرار سماوية



    الصبر الجميل

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1890
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    الصبر الجميل Empty الصبر الجميل

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة أبريل 29, 2016 7:55 am

    الإيمان لابد له من امتحان حتى يثبت للرحمن صدق دعوى الإيمان، فيبدو للذي يتعرض للامتحان إما أن يصبر على أمر الله ويرضى بما قدّره مولاه، وإذا فعل ذلك جاءته النجدة والإغاثة من الله، وجاءه العون من ملائكة الله، وفرّج الله عنه كل كرب، وقهر أعداءه، ولكن بعد أن يرضى بما قدّره مولاه. أما الذي يتعجل الأمور، ويريد أن تسير الأكوان على وفق هواه، ويظن أنه ما دام يعبد الله فلابد أن يكون الخلق جميعاً طوع أمره ورهن إشارته، فهذا غافلٌ عن حكمة الله في امتحان أهل الإيمان بالله عزَّ وجلَّ.

    هذا أكرم رجل خلقه الله على الله، وأحب حبيب إلى الله بين عباد الله، ناصبه أهله جميعاً العداء،

     وحبسوه بين جبلين هو ومن آمن به ثلاث سنوات؛ لا يطعمونهم ولا يبيعون لهم ولا يشترون منهم

    ولا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، حتى وصل الأمر إلى الغاية القصوى من البؤس والضرّ له صلى الله عليه وسلَّم ومَنْ معه،

     ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا يعذبون أصحابه بشتى أصناف العذاب، ويتفنّون لهم في كل ما يخطر على بالهم من أنواع العقاب، وعندما ذهب إليه بعضهم ليشتكي، غضب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وقال لهم:

     { إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَـيُؤْخَذُ الرجلُ فَـيُحْفَرُ لَهُ الـحُفْرَةَ فَـيُوضَعُ الـمِنْشَارُ علـى رَأْسِهِ فَـيُشَقُّ باثنتـينِ، ما يَصْرِفُهُ عن دينِهِ، أَوْ يُـمْشَطُ بأمشاطِ الـحديدِ ما بـينَ عَصَبِهِ وَلَـحْمِهِ ما يَصْرِفُهُ عنْ دِينِهِ }(1)

     لا يغيره ذلك عن عقيدته في الله، ولا يحوله عن الإيمان بالله عزَّ وجلَّ.

    ولم يزالوا به صلى الله عليه وسلَّم حتى اضطروه إلى الخروج من بينهم، فذهب إلى الطائف، وظنَّ من ظنَّ أن الأمر سيتحول وأن عناية الله عزَّ وجلَّ  ستلاحقه، وسيجد من يستقبلونه بالعناق والأحضان معلنين الإيمان به ومصدقين بالقرآن،

     لكن الأمر كان بخلاف ذلك، فقد سلّطوا عليه صبيانهم وأغروا به عبيدهم يرمونه بالحجارة، ويسّبونه بأفظع الألفاظ، ولا يزالون به حتى خرج من بلدهم صلوات الله وسلامه عليه. ماذا فعل؟

    تخلّى عنه الجميع، ولكن باب القريب السميع مفتوح، وما دام باب الله مفتوحاً فلا ييأس المؤمن من رحمة الله ولا يقنط من فرج الله، لأن الله عزَّ وجلَّ لو نظر إلى عبده طرفة عين برحمة وشفقة وحنان لبدّل عُسره إلى يسر، وكربه إلى فرج، وزال عنه الضرّ والبأساء، وجعله من عباده السعداء. فتوجه صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الله بعد أن يأس من نُصرة عباد الله، وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.

     ماذا حدث؟ جاءه الفرج والنصر، وجاءه الرضا وجاءه اليُسر من الله عزَّ وجلَّ.

    فجاءه الأمين جبريل وفرّحه بفضل الله عزَّ وجلَّ العلي الكبير، وأخذه إلى موضع مسجده الشريف وقال له: أبشر، ها هنا دار هجرتك، فإن الله عزَّ وجلَّ سيحولك إلى هذا المكان، وتجد فيه أنصاراً يعاونونك على نشر دين الرحمن، ثم أخذه ليلتقي بإخوانه من الأنبياء والمرسلين ليتعرف منهم على ما لاقوه في دعوة الخلق إلى الله، فوجد أنهم جميعاً قد لاقوا مثل ما لاقى، لم يجد أحدهم الطريق مفروشاً بالورود، ولم يجد أحدهم الناس على أحر من الجمر ينتظرونه بعد تلقي الوحي، بل وجدوا العنت والضيق والشدة والكرب، ولكنهم صبروا لأمر الله، ففرّج الله عنهم كل ضائقة في هذه الحياة:

    {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (24السجدة).

    فلنعلم جميعاً  علم اليقين  أن المخرج لنا أجمعين من كل ضائقة ومن كل شدة نتعرض لها في أجسامنا أو في حياتنا أو في آمالنا، إنما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به عزَّ وجلَّ المؤمنين والمؤمنات:

    {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }(18يوسف).

     فمن صبر لأمر الله ولم يتحول ولم يتغير عن أحكام دين الله وعن تعاليم شرع الله فإن الله سينصره ولو بعد حين، فالموظف الأمين الذي يريد من حوله أن يستدرجوه ليخون الأمانة، أو ليقبل الرشوة، عليه أن يصبر لأمر الله، ولا يتحول عن دينه، ولا يغير مبدأه أبداً أسوة بما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه الكرام والأنبياء والمرسلون أجمعون.

    فإذا صبر وصدق في صبره فرَّج الله كربه، وأزال الله عسره، ونصره الله عزَّ وجلَّ على أعدائه، وقال في شأنهم وفي شأن أمثالهم مطمئنناً قلوبهم وقلوبنا: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } (30الأنفال).

    (1)عن خباب أخرجاه في الصحيح من حديث إسماعيل.



    الصبر الجميل Book_Khotab_elhameya_V3_Ragab_Wa_Esraa

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 1:50 pm