السعادة والصفاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السعادة والصفاء

السعادة والصفاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السعادة والصفاء

سر الوصول إلى السعادة والصفاء والسلام النفسي ،أسراروأنوار القلوب التى صفت وأشرقت بعلوم الإلهام وأشرفت على سماوات القرب وفاضت بعلوم لدنية ومعارف علوية وأسرار سماوية



    كيف نحمى البشرية من الاثرة والانانية ؟

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1890
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    كيف نحمى البشرية من الاثرة والانانية ؟ Empty كيف نحمى البشرية من الاثرة والانانية ؟

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء أغسطس 23, 2022 3:18 pm

    الحمد لله رب العالمين أظهر فضله وجوده وكرمه علي رجالات هذا الدين ، فأيدهم بالحق وأيد الحق بهم ، وجعلهم حيثما كانوا وكيفما توجهوا منصورين ,, سبحانه ، سبحانه يعلى شأن من يعلى ويعز من أتبع هداه ، وعمل بتعاليم رسله وأنبياءه ، فينصرهم على أعدائهم ، وييسر لهم سبل حياتهم ، وييسر قضاء حاجاتهم ، ويجعلهم في الدنيا كأنهم في جنة الله العالية لا يخطر لهم شيء علي البال إلا ويستجيب الله عز وجل لهم ، ويقضيه في الحال .
    وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، العزيز الذي لا يقهر ، والنصير الذي لا يغلب ، والكريم الذي لا يضام ، والمأمول الذى لا يخيب من رجاه طرفة عين أو أقل ، سميع مجيب ، منعم قريب ، من كل عبد منيب يقبل عليه عز شأنه ويجيب .
    وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله وصفي منة خليله ، الذي كتب الله عز وجل علي ظهره في الناحية اليسرى المواجهة لقلبه بخطوط نورانية : ( توجه حيث شئت فإنك منصور ) ، وكان هذا هو المكتوب على في خاتم نبوته ، لذا عندما أشيع نبأ وفاته فوصل الخبر إلى السيدة أسماء بنت عميس زوجة الصديق في هذا الوقت ، فقالت إني أعلم علم اليقين مدى ووقت ارتفاع أجله ، أدخلوني عليه ، فوضعت يدها علي هذا الموضع من ظهره ، فوجدت خاتم النبوة قد رفع فقالت أنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد لحق بالرفيق الاعلى .
    اللهم صلى وسلم وبارك على نصر الله لعباد الله ، والمنصور بأمر الله علي كل من ناوأه وعاداه ، سيدنا محمد حبيب الله ، وصفى الله ، ومجتباه ، واله وأصحابه وأحبابه ، وكل من اتبع هداه ، إلى أن نلقى الله ...آمين آمين يا رب العالمين ..  أما بعد ...
    فيا عباد الله جماعة المؤمنين .. مازلنا إلى أن ينتهى أجلنا ، وتنتهى حياتنا ، نستلهم العبرة من دروس الهجرة النبوية الشريفة ، وعبرتنا اليوم التي نحن جميعا في أمس الحاجة إليها لسنا كمسلمين فقط ، بل كل المجتمع الانساني في حاجة إلى هذه الاسوة ، وهذه القدوة ، وهذه العظمة البالغة ، وخاصة بعد أن تطاحن الناس في سبيل الحصول على الماديات وكثرة الاحن والخلافات ، والمنازعات في التنافس على الاشياء الفانيات ، حتى وجدنا الاخ يهجر أخاه مدى الحياة ، بسبب نصيب في الميراث الذى لا يقدم ولا يؤخر ، هذا يطمع ، وهذا يجزع ، وهذا يمنع ، وهذا يهلع ، فينشأ شجار وصراع بين أخوين من أبوين ، تتشتت على أثره العائلتين ... يقابل ابن الاخ عمه فيسوءه أو يهجوه أو يعرض عنه ، وكأنه لا يعرفه لا من قريب ولا من بعيد ... وأصبح الموظفون في دوائر الاعمال ينهشون في أعراض بعض ، ويتفننون في الكيد لبعض مع أنهم يمكثون في مكاتبهم مع بعضهم أكثر مما يمكث كل واحد منهمك في بيته ، لماذا ؟...لتنافس على المناصب ، أو تشبث في سبيل الحصول على المكاسب والمآرب ، وقد يأخذها ولا يتهني بها ، فلا تكاد تبلغه فيمرض ويصرف روشته من طبيب ، أو ربما تجعله يتعب تعب لا علاج له عند حكيم ، لكن هذه الطبائع البشرية الاثرة والانانية والشح وحب النفس وحب الذات فى جميع القطاعات ، وفى كل المجتمعات ، ولم يعد هناك استثناءات إلا البقية القليلة البقية من عباد الله الصالحين الذين هم أنتم يا عباد الله المؤمنين .
    فما علاج هذا الداء ؟ وما شفاء هذا المرض ؟ كيف نحمى البشرية من الاثرة والانانية ؟
    وقد طالعتنا صحيفة الاهرام في الجمعة الماضية ببيانات رقمية ألمانية وسويدية وأمريكية أن إصابة الانسان بمرض الحقد والحسد والاثرة والانانية ، هي العامل الاقوى في إضعاف المناعة الجسمانية والامراض التي تصيب البشرية وقالوا إن خمسا وثمانين في المائة من أعراض مرض فقدان المناعة سببها الأساسي هذه الادواء وهذه الاسقام وهذه الامراض ولذلك كنا نرى آباءنا وأجدادنا يعيشون إلى سن التسعين ، بل يزيد ولا يذهبون إلى طبيب ، ولا يظهر عليهم ألم إلا لماما ، ولا يصيبهم مرض إلا آونة بعد آونة لانهم طهروا قلوبهم وصفوا نفوسهم ، وأصبحوا يحبون الخير لمن حولهم أو بينهم ..
    هذا المرض اللعين هو سبب كل مشاكل البشرية ، فلو نظرنا بملية إلي كل المشكلات التي تنتشر على الساحات الدولية نجد سببها الاعظم وسرها الاكبر ، التنافس في الحصول على الاموال واقتناء الخيرات والاشياء الفانيات هي التي تؤدى إلى نشوب الصراعات ليكسب من ورائها تجار السلاح الاموال الطائلة ، وتنتشر وسائل الاعلام فتجنى أموالا كثيرة بمتابعة الاخبار والاحوال والنشرات ، وهكذا ...
    وهكذا كل ذلك قضى عليه حبيب الله ومصطفاه في نصف آية من كتاب الله ، فجعل الاخوة ( الذين كان بينهم حروب استمرت أربعين عاما ، وما أن تنتهى هذه الحرب حتى يعلنوا بداية حرب جديدة بينهم )  فلما كان دين الله وانشرحت صدورهم للإيمان بالله ، كان شرط الدخول في أن ينطبق عليهم قول رب العالمين ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾47 الحجر، وانظر إلي ترتيب الاية ، فلم ينل المسلم درجة الاخوة في الايمان ويكون أخا لنبي الله وأخا لصحابة رسول الله ، وأخا للعلماء العالين والاولياء والصالحين وعامة المؤمنين ، إلا إذا نزع من قلبه الحقد والحسد والغل والحرص والاثرة والانانية والشح والكره والبغض لجميع عباد الله المؤمنين ، فمن كان فيه بقية من هذه الصفات ، لا ينال شرف الاخوة الايمانية التي يقول فيها رب البرية {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} كل المؤمنين شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، عربا وعجما ، بيضا وسودا ، علماءا وجهلاءا ، أميين ومتعلمين ، كلهم أخوة في دين الله إذا انطبق عليهم شرط الصفاء في قلوبهم والطهارة لنفوسهم ووضح ذلك الحبيب صلوات الله وسلامه عليه ، فقال : ( المسلم أخو المســـلم لا يحقره ولا يظلمه ، بحسب أمرؤ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ، ولا يبيع بعضكم علي بيع بعض ، ولا تحاسدوا ولا تجسسوا ، ولا يغتب بعضكم بعضا ، وكونوا عباد الله إخوانا )  فكأن من أراد أن يدخل في هذه الاخوة ، لابد أن يطهر نفسه من الصفات التي حذرت منها دائرة النبوة ، فكل من يحقر أخا مسلما فذلك من نقص في مقام أخوته ، وكل من لا يراعى حرمة المسلم في ماله فيمتد إليه بسرقة أو غصب أو تحايل أو خداع أو عرضه ، فيغتابه أو ينم عليه أو يكذب عليه أو ينافقه أو يمكر به ، أو يوقع به ، أو يخطب على أخيه ، أو يبيع بيعا اشتراه أخيه كل هؤلاء خرجوا من دائرة الاخوة الايمانية فكان الدرس الاول لأهل المدينة من الانصار وأهل مكة من المهاجرين ، أن أدخلهم النبي الامين المصحة الايمانية وطهر قلوبهم من هذه الاغراض النفسية وهذه الاهواء الدنيوية ، ووحدهم جميعا على الاخلاص لرب البرية ، والصدق مع الله عز وجل في كل نية والعمل الذى يبغى به صاحبه رضا الله ، أو الحسنات في الدار الأخروية عندما يتمتع وتهني بالدار الحياتية بعد ذلك .
    كانت حياتهم في الدنيا كأنهم في جنة عالية ، ووصفهم الله وأثنى عليهم وقال بما مدحهم ، ليس بإطالة الصلاة ولا بالشكل الظاهر الذي ينشده الشباب الجامح في عصرنا في هذه الحياة ، شكل الجلباب وشكل الوجه وما شابه ذلك ، ولكن اسمع إلى ثناء الله على أحباب الله ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالايمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾  9 الحشر، كان المهاجر يهاجر إليهم فيتنافسون في أخذه ، حتى كان صلوات الله وسلامه عليه يقرع بينهم ومن تقع عليه القرعة ، أخذ أخاه ، وهو يعلن فوزه بهذه الغنيمة ، حتى أن رجلا خرجت عليه القرعة فدخل بضيفه على زوجه وهو فرح ، ويقول هذا ضيف رسول الله ، ماذا عندك ؟  
    فتقول له طعام لا يكفى إلا واحد .. إن أكله الضيف بت أنا وأنت والصبية جياع ، وإن أكله الصبية بت أنا وأنت والضيف جياع ، فقال اشغلي الصبية حتى يناموا ، وأحضري الطعام ، فإذا بدأ الضيف في تناول الطعام تظاهري بأنك تصلحي المصباح وأطفئيه ، ونتصنع أنا وأنت لنوهم الضيف اننا نأكل معه ، فيأكل ويشبع ، فلم يتما الصنيع إلا ونزل هذا الوسام العظيم على النبي الكريم ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالايمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 9 الحشر
    وكان الرجل يأخذ ضيفه المهاجر ويقول : هذا مالي أقسمه نصفين ، وهذه زوجاتي فاختر أيهما شئت أطلقها لتتزوجها بعد عدتها ، وهذه دارى أقسمها نصفين وأختر أيهما شئت ، من الذى يفعل ذلك برضاء نفس ؟ .. إلا من انشرح صدره للإسلام واستضاء قلبه بنور الايمان ، ووثق في فضل الله بعد مفارقة هذه الاكوان ، وعلم أن الله عز وجل يقول في قرآنه " والاخرة خير وأبقى " .
    فكل الذى يؤدى إلي الصراعات أن الناس نسوا الاخرة ونسوا الحساب ونسوا الجنة ونسوا الاجر والثواب ، وظنوا أن حياتهم الدنيا هي كل الامل وهى غاية العمل ، وعى المنتهى ، فتنافسوا فيها ، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف ، وأنزل عليهم الامراض والاوجاع التي لم تظهر في الامم ، التي كانت قبلهم ، لانهم شغلوا عن الله فشغلهم الله عز وجل بأنفسهم .
    أما هؤلاء الذين اتبعوا تعاليم الله فهذا كان حالهم : ـ ذبح رحل منهم خروفا ، وأراد أن يكرم بعض الفقراء ، فأخـذ رأس الخروف وذهب إلى أهل بيت يعلم  يقينا أنهم محتاجون ، فأعطاها لهم ، وبعد أن خرج ، قال الرجل لزوجته : يا أم فلان تعلمين أن فلانا وزوجته وأولاده أحوج إلي هذه الرأس منا ، فقالت له : خذها وأعطها لهم ، فذهب الفقير يعطى فقيرا أشد منه فقرا في اعتقاده ونظره ، وجلس الثاني وقال لزوجته : يا أم فلان تعلمين أن فلانا وزوجته أحوج إلى هذه الرأس منا فقومي ناوليها لهم ....فمرت الرأس بسبع بيوت ثم رجعت إلى البيت الاول الذى أخذها في البداية ، ما هذا الايثار ، وبأي سبب ؟  بسبب الانوار التي ملا بها قلوبهم الواحد القهار ، والنبي المختار ، واعتقادهم الاعتقاد الجازم أن الحياة الدنيا متاع ، وأن الاخرة هي دار القرار .
    فحرصوا على العمل الذى ينفعهم يوم لقاء الله ، بل إن هذا الايثار كان فى أحلك الظروف وأصعبها ، فقد روى أن أحدهم في واقعة في بلاد الشام ، بحث عن ابن عم له فوجده صريعا يلفظ أنفاسه الاخيرة ، فسأله هل تحتاج إلى شيء فأشار ــ لأنه لا يستطيع الكلام ــ أنه يطلب جرعة ماء فذهب مسرعا وأحضر إليه جرعة ماء ، وإذا بصريع آخر يتلهف على هذا الماء فأشار إليه الجريح الاول أن أعطه هذا الماء لأنه أحوج إليه منى ، فذهب إلى الثاني بالماء ، فوجد ثالث قريب منه يشير إلى الماء ، فأشار الثاني إليه أن أعطه الماء ــ يعنى هو أولى منى بشربة الماء ــ ، فذهب إلي الثالث فوجده قد فارق الحياة ، فعاد إلى الثاني فوجده قد فارق الحياة ، فذهب إلى الاول فوجده قد فارق الحياة ... مات الثلاثة ولم يذوقوا الماء ... لكنهم نالوا وسام الايثار من السماء ...يبقى لهم يوم لقاء رب الارض والسماء ..." قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير وأبقى " ...
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اللهم بارك في الانصار وأبناء الانصار وأبناء أبناء الانصار وذرية الانصار إلى يوم القيامة ) ...أو كما قال أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ...

    الخطبة الثانية :  
    الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله .
    اللهم صلى وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وأعطنا الخير وأدفع عنا الشر ونجنا وأشفنا وأنصرنا على أعدائنا يا رب العالمين ...                          أما بعد ... فيا عباد الله جماعة المؤمنين ...
    فلن يحل مشاكلنا ، ويذهب همومنا وغمومنا وأحزاننا ، إلا إذا تخلقنا بأخلاق القرآن وأخلاق النبي العدنان وأخلاق حضرة الرحمن وأولاها ، وأعظمها خلقا الايثار ...
    نسمع في عصرنا عن من يضن بالمال على أبيه الذى هو سبب حياته ، ونسمع ونحزن عن أب فعل ما لا يجب عليه فعله ، فيقسم التركة في حياته ، وهذا ما لا يجب بشرع الله بين أبنائه وبناته ، ثم يحتاج لظرف ما ، فيطلب من أولاده بعضا مما أعطاه لهم فيرفضون إعطاءه ، وكل واحد منهم يحيله على الاخر ، كل واحد يقول له : لماذا أنا بالذات ، خذ من أخي فلان ؛؛؛ مع أن المال ماله الذي أعطاه لهم ، وليس مالهم الذى جنوه أو حصلوه ، اكتسبوه ...
    أليس هذا هو الذى جعل الحياة عسيرة علينا أجمعين ، فلا راحة لنا إلا في إتباع تعاليم هذا الدين ، والامر كما قال الامام عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله عز وجل ) فلا عزة إلا في إتباع شرع الله ، وكل الذى يهون على المرء أمور الحياة وصعابها ، وعمل الخيرات والتنافس فى الصالحات ، علمه أنه مسافر وعما قريب سيرحل ، ولن ينفعه هناك إلا ما قدمه هنا ...
    نظر الحبيب صلوات الله وسلامه عليه إلى جنازة يحملونها على الاكتاف ، فقال : ( ما تقولون في هذه وما تقوله الملائكة ؟ ... قالوا الله ورسوله أعلم .. قال : أما أنتم فتقولون : ماذا أخلف ؟ ماذا ترك ؟ ــ   ما الذى تركه ؟ ...    
    ما رصيده في البنوك ؟  كم عنده من العقارات ؟   كم عنده من الارض ؟  كم عنده من العمارات ؟ ــ ....
    أما الملائكة فتقول : ماذا قدم ؟  ، ماذا قدم من الصالحات  ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ﴾46 الكهف
    فعندما يتيقن المرء من أنه قد يسافر في هذه الساعة ، أو هذه الليلة ، أو في هذا اليوم ، وليس ذلك على الله ببعيد ، وليس معه درع حصين يحفظه أو يحميه ، لان أمر الله نافذ حتى ولو كان في بروج مشيدة ... لو علم ذلك ، قدم ما ينفعه فجعل له رصيدا لهذا اليوم عند الله فيدخل في قول الله  ﴿ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾96 النحل فيجعل له رصيدا لهذا اليوم يجعل لنفسه منصبا عظيما يتهني به بين الناس في القيامة يناله بعمله وبحسن أمله وبإخلاصه وبصدق نياته في عمله لله عز وجل ، فلو غاب عن الانسان هذا المشهد ــ وهذا يغيب عن الكافرين او الساهين او الجاهلين ، فانه يسعى للدنيا والمناصب والمكاسب الفانية والشهوات الدانية والمال الكاسدة حتى اذا جاء اجله قال كما قال الله :  
    ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾56 الزمر ويقول للملائكة الذين جاءوا لقبض أجله ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾99 المؤمنون ، اخرني قليلا يارب لأجل أن أتوب او اتركني حتى ولو ساعتين  لأجل أن أتصدق، فيقول له الكريم ،
    ( هلا تصدقت به وأنت صحيح شحيح تحرص على الحياه وتحرص على المال  )   فهذه هي عقيدة المؤمن التي تدفعه إلى الصالحات ، والتي تمنعه من المعاصي والمخالفات التي تهون عليه مصاعب هذه الحياة .
    نسأل الله عز وجل أن يقوى إيماننا وأن يزيد يقيننا ، وأن يجعل الحياة الاخرة معالم واضحة فى قلوبنا ، وأن يجعلنا نراقب الله عز وجل في كل حركاتنا وسكناتنا ، وفى ممشانا وغدونا ورواحنا ، يقظة ومناما ، وأن يبلغنا أحوال الصالحين وأخلاق المتقين ، وأنوار سيد الاولين والاخرين .
    اللهم وفقنا وأولادنا وبناتنا وزوجاتنا لما تحبه وترضاه في هذه الحياة ، ولا تشغلنا بالدنيا عن الاخرة طرفة عين يا ألله ... اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ... اللهم اجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا ...
    اللهم وفقنا لاستعمالها فيما يرضيك عنا ، وأحفظنا من أخذها بما يغضبك عنا يا أرحم الراحمين .
    اللهم اغفر لنا ولوالدينا ، وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم والاموات ، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين .
    اللهم وفقنا وأولياء أمورنا وحكامنا وحكام المسلمين أجمعين إلى العمل الصالح والعمل الرافع ، وأحفظنا وإياهم من المعاصي والمخالفات ، وأجعل اللهم كل القوانين والتشريعات في بلادنا وبلاد الاسلام من كتابك ومن سنة حبيبك ومصطفاك ، وأعلى اللهم شأن المسلمين في كل مكان يا خير الناصرين .....

    عباد الله اتقوا الله ... إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ... أذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم .....



                                               والحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 9:10 am