السعادة والصفاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السعادة والصفاء

السعادة والصفاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السعادة والصفاء

سر الوصول إلى السعادة والصفاء والسلام النفسي ،أسراروأنوار القلوب التى صفت وأشرقت بعلوم الإلهام وأشرفت على سماوات القرب وفاضت بعلوم لدنية ومعارف علوية وأسرار سماوية



    ماذا بعد الحج؟

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1889
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    ماذا بعد الحج؟ Empty ماذا بعد الحج؟

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين أغسطس 12, 2019 6:37 am

    ماذا بعد الحج
    خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
    **************************************
    الحمد لله ربِّ العالمين، القوىُّ في قدرته، العظيمُ في حكمته، الذى كلُّ شيءٍ في الوجود وِفْقَ إرادته، والكل يتحرَّك بأمره و بقهره، والكل يخضع لأمره إذا أراد الله، أو يخضع لقهره إذا غضب عليه مولاه، فالكلُّ في النهاية لا يخرج من قبضة الله عزَّ وجلَّ

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخَلْقُ وله الأمر، وله المُلْكُ وله الملكوت، وله العزَّة وله الجبروت وله النَّعَمُوت، وله الحمد في الأولى والآخرة، وإليه ترجعون

    وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ اللهِ ورسولُه، وصفيُّه وخليلُه، اختاره الله لرسالته، وأنزل على قلبه بدائع آيات حكمته، وسخَّر الكون كلَّه لإرادته، وكلَّفه بتبليغ هدايته إلى الخلق أجمعين

    صلوات الله وسلامه علي هذا النَّبِيِّ الذى وصفه الله في قرآنه فقال:
    " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " "107الأنبياء". صلوات الله وسلامه عليه في الأولين، وصلوات الله وسلامه عليه في الآخرين، وصلوات الله وسلامه عليه في الدنيا ويوم الدين، ومن تبعه بإحسان من المؤمنين والمسلمين أجمعين.

    أما بعد....
    فيا أيها الأخوة المؤمنون:

    يقول الله عزَّ وجلَّ في وصف عباده المؤمنين في كتابه الكريم:
    "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا" "23الأحزاب".
    والذى لفت نظري في هذه الآية هو هذا العهد الذى بَيْنَ الله وبَيْنَ عباده المؤمنين، وأما الذى صَدَقَ في الوفاء بهذا العهد كما قال الله بأنه فريق من المؤمنين.
    فما هذا العهد؟ وما قصة هذا العهد؟
    هذا العهد أخبر الله في كلامه العزيز أنه أخذه على الخلائق أجمعين، من أوَّل آدم إلى يوم الدين،
    فبعد أن خلق الله أرواح الكائنات وصوَّرها وأعطى لكلِّ رُوح صُورَتَهَا التي تتميّز بها على العوالم أجمعين - فكل إنسان له صورة خاصة صوَّره عليها الكريم عزَّ وجلّ، مع أن الصور متشابهة !! لكن قدرة الله عزَّ وجلَّ تتجلَّى واضحة لمن ينظر في الوجود، فإذا نظر في وجوه من حوله يجد أنَّ لكل إنسان عينين مخصوصتين، وأذنين مفردتين، ولساناً وشفتين مستطيلتين. وجهه خاص به عن جميع الناس من أوّل آدم إلى يوم القيامة!! حتى إذا نظر إلى مَنْ حوله
    قال:
    سبحان الله ربِّ العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين

    فبعد أن صوَّر المخلوقات ولم يكن بَعْدُ قد خَلَقَ جسم آدم من تراب أَخَذَ هذه المخلوقات جميعاً وواجهها بجماله، وكلمَّها بلسان قدرته، وأسمعها كلامه بتوفيقه وحكمته، وأكرمها بالردَّ على الخطاب بخير الجواب، وقال في ذلك العزيز الوهاب:
    "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ" "172الأعراف".
    وبعد أن انتهوا من سماع الخطاب، وردُّوا على المولى عزَّ وجلَّ بخير الجواب، كتب ذلك في كتاب، ووقع عليه الجميع بالعلم والحضور، وجاء بحجر من الجنة ووضع فيه هذا الكتاب، وهو يشهد لكل من استلمه يوم القيامة إن شاء الله

    ولذا ورد أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه وقف أمام الحجر الأسعد وقال:
    "إنك حَجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أنّى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلمّ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُك".
    فقال الإمام علىٌّ رضى الله عنه وكرّم الله وجهه:
    "بل إنه ينفع ويضُرُّ بإذن الله يا أمير المؤمنين، أما علمت أن الله حينما أخذ العهد على الذرِّية كتبه في كتاب ثم ألقمه ذلك الحجر، فهو يشهد لكل من استلمه يوم القيامة عند الله عزَّ وجلَّ" "الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه"

    إذن هذا العهد نحن جميعاً حضرناه، ونحن جميعاً سمعنا فيه كلام الله، ونحن جميعاً رَدَدْنَا بخير جواب على الله

    لكن ما بنود هذا العهد؟
    وعلى أيّ شيء عاهدنا الله في هذا اليوم المجيد وفى هذا الوقت الكريم؟
    عاهدناه سبحانه وتعالى في هذا اليوم على أربع بنود هي:
    البند الأول:
    أن نوحِّده فلا نجحده،
    وأن نُطيعه فلا نعصاه،
    وأن نذكره فلا ننساه،
    وأن نشكره عزَّ وجلَّ فلا نكفره.

    على أننا إذا جئنا إلى هذه الحياة الدنيا كنا كما قال الله
    : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ" "56، 57الذاريات
    عرفنا المهمة والتي من أجلها خلقنا، ومن أجلها أوجدنا، ومن أجلها أنزلنا إلى هذه الحياة الدنيا
    ويظنُّ كثيرٌ ممن يسمعون أو يقرأون أن المهمة مُحددة في هذه الآية فقط!!
    وإنما المهمَّة مُحددة في ثلاث آيات في كتاب الله عزَّ وجلَّ.
    وأوّل هذه الآيات
    "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" "56، 58الذاريات".
    والمهمّة الثانية:
    "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ" "13الحجرات".
    والمهمّة الثالثة:
    "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الارْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" "61هود

    إذن مهمتنا في هذه الحياة هي عبادة الله وطاعة الله وخدمة الله، والتعارف والتآلف والتعاون والتحاب بين عباد الله، وعمارة الأرض بالزراعة والصناعة والتجارة، والبناء والتشييد، وفق القواعد التي رسمها الحميد المجيد في كتابه العزيز عزَّ وجلَّ
    نأخذ المهمّة الأولى وهى عبادة الله:
    فَهِمَ الكثير مِنَّا أن عبادة الله في هذه الآية هي أن نترك الدنيا بما فيها ونتفرّغ لطاعة الله وعبادته!! وهذا مُنافي لكلام الله ومُخالف لسُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم،
    فإنه صلى الله عليه وسلَّم كما قال الله في حقِّه:
    "قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" "81الزخرف".
    فهو أول العابدين، وأوّل القانتين، وأوّل الطائعين، وأوّل الذاكرين والمسبِّحين لربِّ العالمين عزَّ وجلَّ، وقال في حقّه:
    "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" "7الحشر"
    وهو الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة لنا في الدنيا والآخرة،

    فعندما رأى جماعة من أصحابه قد همُّوا بهذا الأمر، فبعضهم قال: أنا أصوم الدهر أبداً، وبعضهم قال: أنا أقوم الليل أبداً، وبعضهم قال: أنا لا أتزوّج النساء - استدعاهم وقال لهم: "تقولون كذا وكذا؟!! فأنا أخشاكم لله، وأتقاكم لله عزَّ وجلَّ، وأنا أصوم وأفطر، وأُصَلِّى وأرقد، وأتزوّج النساء، فمن رغب عن سُنَّتِي فليس مني" "مسلم عن أنسٍ رضي الله عنه"
    إذن فما المقصود بالعبادة في هذه الآية:
    "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" "56الذاريات"؟
    المقصود بالعبادة أنك تستطيع أيها المؤمن بطهارة قلبك، وبصفاء نفسك، وبحُسْنِ نيَّتك، وبطهارة سريرتك أن تجعل عَمَلَكَ كلَّه عبادةً لله عزَّ وجلَّ!! تستطيع أن تجعل نومك عبادة، وطعامك عبادة، وزراعتك عبادة، وتجارتك عبادة، بل وتستطيع أن تجعل شهوتك مع زوجتك عبادة، ومداعبتك لأولادك عبادة، وصِلَتَكَ لأرحامك عبادة!!!
    إذا سبق ذلك كلَّه النيَّة السليمة، والقلب السليم المستقيم، والعمل الخالص لله عزَّ وجلَّ
    كما قال صلى الله عليه وسلَّم:
    " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " "البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه"

    فالمؤمن إذا خرج من بيته ساعياً على معاشه، وينوى في فؤاده، ويعقد النيّة بقلبه مع ربِّه أن يسعى لهذا الأمر لطلب المعاش، ليكُفَّ نفسه وزوجه وولده عن سؤال الناس، فعمله هذا ووقته هذا كلُّه طوال فترة عمله عبادةٌ وذكرٌ وطاعةٌ لله عزَّ وجلَّ!!
    بل كما يقول صلى الله عليه وسلمّ:
    "إنَّ مِنْ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لا يُكَفِّرُهَا - لا صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة - لا يُكَفِّرُهَا إلاَّ السَّعْيُ عَلَى المَعَاش" "رواه الطبراني في الأوسط، والديلمي في مسند الفردوس، وأبو نعيم في الحلية بألفاظ مختلفة متقاربة"

    السعي على المعاش يُكفِّر الذنوب، لأنه يسعى بأمر الله ووفق شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فيسعى لطلب الرزق ويعتقد في قرارة نفسه أن الرزق المكتوب هو الذى سيحصل عليه من علام الغيوب، وأنه لا يحصل على الرزق بجودة فكرته، ولا بصفاء قريحته، ولا بِغِشِّ أمة الحبيب المختار، ولا بالمحاورات ولا بالمداولات ولا بالخداع، وإنما يسعى في طلب الحلال كما قال الله، ويتأسى بذلك بسيدنا رسول الله، ولا يريد أن يحصل إلا على ما يكفيه في هذه الحياة
    لا يطلب به منزلةً عند الناس، أو يتفاخر به في دنيا الناس.

    فإذا كان على هذه الشاكلة فهو عابدٌ لله في سعيه على المعاش!!
    والذى يخالف هذا الشرع بأن يسعى ويعتقد أن رزقه يزيد بحرصه أو بكدّه، أو بتعبه أو بغشِه، أو بخداع أو بسرقته، أو بغيرها، ويتحايل للحصول على الأرزاق، فهذا هو الذى حُرِمَ الأَجْرَ من الكريم الخلاق.

    واعلموا علم اليقين أن الأرزاق كما قال سيد الأولين والآخرين:
    "أنَّ نَفْساً لن تموت حتى تستوفى رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب"، وفي رواية: "أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَب، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ" "رواه ابن ماجة والحاكم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما"
    ما قُدّر لماضغيك أن يَمْضُغَاهُ فلابد أن يَمْضُغَاه!! لأنه كتبه وقدَّره الله، فإذا تأملت وتوكلت وجاءك الرزق عن طريق الحلال، وإذا تعجَّلت وأخذت ذات اليمين وذات الشمال عن طريق الغواية والضلال لم تأخذ إلا ما قدَّره لك المَلِكُ المُتَعَال، وكان ذلك عليك شرٌّ ووبال والعياذ بالله.
    فإن الأرزاق مضمونة، وأمرنا الله أن نسعى لها سعياً حثيثاً قال فيه:
    "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا - لا من كّدِّكم وعنائكم وسعيكم واجتهادكم، ولكن - وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" "15الملك".
    كلوا من رزق الله عزَّ وجلَّ الذى قدَّره لكم، والذى كتبه لكم قبل أن تُخلقوا بملايين السنين!!
    فهذا عن الرزق.
    أما عن العبادات الأخرى فتستطيع أن تجعل عملك كله عبادة لله:
    فإذا أطعمت أولادك تستطيع أن تجعل هذا الطعام عبادة لله عزَّ وجلّ، إذا نويت في ذلك أن تقوم لهم بالتكليف الذى كلَّفك به الله عزَّ وجلَّ، وإذا داعبتهم تقوم بذلك لتُرّوّح عنهم كما أمر الله عزَّ وجلَّ، وإذا جامعت زوجتك وقدَّمت النيَّة أن يُعِفَّكَ الله بهذا العمل عن الحرام، وأن يُعِفَّهَا بهذا العمل عن الحرام، وأن يرزقكم الله ذرِّية صالحة تعبد الله عزَّ وجلَّ - كان لك بهذا الجماع أجراً ،كما لو أن الله قد قدَّر من هذا الجماع ولداً ذاكراً لله ويعبد الله إلى ما شاء الله عزَّ وجلَّ
    لأن:
    "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئٍ ما نوى"

    فإذا جلست لتأكل ونويت أن تقوى بهذا الطعام على عبادة الله وعلى طاعة الله وعلى العمل الذى كلفك به الله، كان هذا الأكل عبادة لله عزَّ وجلَّ، وإذا لبست ثيابك ونويت بها ستر عورتك، ووقاية جسمك من الحرّ أو البرد، وأن تتزيّن بالزِّينة التي أخرجها الله لعباده، كان هذا اللباس وهذه الثياب عبادةً وصدقةً منه عليك
    وإذا عملت عملاً صغيراً أو كبيراً بشرط أن تقدّم النيّة –
    فإذا ذهبت إلى زيارة مريض ونويت بذلك عيادة أخيك المؤمن لله وتنفيذاً لسنة رسول الله، كان لك بهذه العبادة والزيارة أجراً عند الله عزَّ وجلَّ.

    أما إذا نويت زيارته لأنه جاء لزيارتك، وذهبت لِتَرُدَّ إليه الزيارة، فحرمت نفسك من الأجر الذى قدَّره الله عزَّ وجلَّ على هذه الزيارة،
    وإذا طلبت من الآخر أن يزورك وقلت له يا فلان أو أرسلت له: يا فلان لقد زرتك ولم تأتني لزيارتي، فقد حرمت نفسك أيضاً من أجر الزيارة التي زرتها له فيما سبق
    وكذا إذا شيَّعت الجنازة وصلَّيت عليها لله كُتب لك قيراطاً من الأجر، والقيراط كجبل أُحُد!! وإذا حملتها كتب لك ايضا قيراطاً من الأجر، والقيراط كجبل أحد!!
    إذا فعلت ذلك كلَّه لله عزَّ وجلَّ ولا تطلب الأجر إلا من الله ويكون تعاملنا كلُّه مع الله ولله،
    فقد أخذ علينا العهد ألا نطلب من الأجر إلا من حضرته، وألا نعمل إلا لجلال الله وعزّته،
    ولذلك يوم القيامة يقول:
    "مَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فيه غَيْرِي تركته له، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك". وفي رواية أخرى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" "رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه"
    وهكذا إذا تكلمت مع أخيك المؤمن بكلمة طيبة كُتبت لك صدقة، وإذا تبسَّمت في وجهه كان تَبَسُمُكَ في وجهه صدقة، وإذا أعنت مسكيناً أو فقيراً كان لك صدقة، وإذا ذهبت لزيارة الأقارب أطال الله لك في عمرك وكان لك أجراً عظيماً
    وهكذا إذا كان تعاملك مع الله كلُّه لله ومع الله، كان عملك كلُّه عبادةً لله عزَّ وجلَّ كما قال الله:
    "يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ" "191آل عمران"،
    أو كما قال، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
    الخطبة الثانية :
    الحمد لله ربِّ العالمين،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

    وأشهد أن نبيَّنا محمداً عَبْدُ اللهِ ورسولُه.
    اللهم صلى وسلمّ وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واعطنا الخير وادفع عنا الشرّ، ونجِّنا واشفنا وانصرنا على أعدائنا، يا ربَّ العالمين. أما بعد....
    أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
    يقول الله عزوجل في من وفدوا الى بيته حاجين ومعتمرين

    إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (96 - 97آل عمران).
    من دخل هذا المكان وهذه الساحة من ساحات الفضل والرضوان كان آمناً من النيران وكان آمناً من سوء الخاتمة لحظة لقاءه بالديان إذا قَبِل الله حج العبد ...
    وعلامة قبول الحج أن يؤمن الله صاحبه من دخول النيران ومن سوء الخاتمة لحظة مفارقته لهذه الأكوان وإقباله على حضرة الديان
    ولعلكم تعجبون كيف يضمن الله له حسن الخاتمة ويضمن له الأمان من النار مع إنه يرجع إلى أهله ويعيش سنين قد تطول وقد تقصر!!

    إن من تقبل الله حجه اتفق العلماء على أن الله عز وجل يحفظه في بقية عمره من المعاصي والذنوب وخاصة الكبائر فعندما يريد أن يفعل ذنب أو يهم بكبيرة تلحقه عناية الله ويدركه توفيق الله وينطبق عليه قول الله:
    إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201الأعراف) .

    فلا يقع في الذنب ولا يفعل المنكر حتى إذا جاء ميعاده لِلقاء الله وفقه الله في أوقاته الأخيرة لطاعة الله وللعمل الصالح المقرب إلى الله فيخرج من الدنيا في أبهى حلل الشوق إلى الله والرغبة في لقاء الله فيتحقق فيه وله وعد الله وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (97آل عمران) ...
    أما الذي يرجع من الحج على غير الصراط المستقيم والهدى القويم فهذا والعياذ بالله ممن لم يتقبل الله عز وجل حجه لأنه خرج للرياء أو للسمعة أو ماله فيه شبهة لأن العبد إذا خرج بمال فيه شبهة أو حرام قال في ذلك صلى الله عليه وسلم:
    {مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ}( الشيرازي في الأَلْقاب ، أَبو مطيع في أَمَالِيهِ عن عمر رضَي اللَّهُ عنهُ)

    فمن حج بنفقة حلال وطلب رضاء ذي الجلال وكان عمله خالصاً للواحد المتعال تقبل الله حجه ووفقه في جميع عمره حتى يلقى الله عز وجل وهو آمناً مطمئناً يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ (27إبراهيم).
    قال صلى الله عليه وسلم: {مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}.... الدعاء

    وللمزيد من الخطب الدخول على موقع فضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
    اضغط هنا
    *************************

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 8:02 pm